أقلامهم

محمد الجاسم: يظن البعض أن القضاء يجب أن يبقى بمنأى عن أحاديث الإصلاح،

احترام لا تقديس!


محمد عبد القادر الجاسم



كثيرا ما تترد كلمة «إصلاح» في إطار الحديث العام حول الأوضاع العامة. بيد أنه عندما ينتقل الحديث إلى القضاء، تظهر بعض علامات التردد والانقباض من استخدام هذه الكلمة، إذ يظن البعض أن الحديث عن «إصلاح» القضاء يفترض أن هناك «فسادا» في القضاء، وهم يظنون أن القضاء يجب أن يبقى بمنأى عن أحاديث الإصلاح، لاسيما العلنية منها، تحت تأثير نظرة قاصرة تدور حول لزوم الحفاظ على «هيبة واعتبار» القضاء، حتى أن البعض يبالغ كثيرا في الأمر لدرجة ملامسة فكرة «تقديس» القضاء و»إجلال» القضاة! إن من الخطورة بمكان أن نخدع أنفسنا بهذه الفكرة، فتحت عباءة تقديس وإجلال الأفراد، أيا كان مصدر هذا التقديس والإجلال، ديني أو سياسي أو مهني، قد تتخفى وتنمو وتتكاثر كافة أصناف الفساد. وإذا كان للإصلاح معان وصور عدة، فإن للفساد أيضا أكثر من معنى وأكثر من صورة. (منقول من مقدمة كتابي «المحكمة الدستورية نحو إصلاح جذري»)
خلال فترة رئاسة الشيخ ناصر المحمد للوزارة، تم الإكثار من اللجوء إلى النيابة العامة والمحاكم في قضايا ذات طبيعة سياسية صرفة هي ما اشتهر باسم «قضايا الملاحقات السياسية»، وبناء على تلك الملاحقات صدرت قرارات عدة بالحبس الاحتياطي من النيابة العامة، كما صدرت أحكام عدة بالحبس من المحاكم. وفي ظني أنه لم يسبق أن توجهت الأضواء صوب المحاكم كما حدث خلال فترة رئاسة ناصر المحمد، ولم يحدث من قبل أن أخضع الرأي العام المحاكم للرقابة الشعبية كما يحدث الآن. وفي ظني أيضا أنه آن أوان الحديث عن تطوير وإصلاح القوانين المنظمة للقضاء، مثل فصل المحكمة الدستورية واستقلالها عن القضاء العادي، ومثل تحديد المدة الزمنية لبقاء القاضي في منصب إداري مثل رئاسة المحاكم بحيث لا يتجاوز أربع سنوات، وكذلك الأمر بالنسبة للنائب العام. وبالطبع هناك حاجة ملحة لإصلاح وتطوير قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية من أجل تعزيز حقوق المتهم وإخضاع بعض أعمال النيابة العامة لرقابة القضاء.
ولعله مما يستدرج التفاؤل أن الأجواء العامة باتت مهيأة لتحقيق الإصلاح والتطوير في القوانين المنظمة للقضاء وتعزيز الاستقلال الذاتي للقضاة خصوصا أنه من المرجح أن يفوز في الانتخابات القادمة عدد
أكبر من المحامين!