كتاب سبر

صوتي صار كلاشنكوف

سهام الليل لا تخطي ولكن
                         لها أمدٌ وللأمد انقضاءُ
                                                      الشافعي
للكلمات وقع في نفوس الظالمين شاء من شاء وأبى من أبى، ولَبعض الكلمات أشد على الظالمين من وقع الحسام المهنّد والسيف “الشطير”، وبعض الجمل أشد من طلقات بندقية “كلاشنكوف”، وبعض أبيات الشعر أعتى من  قذائف “الهاون”، وإن حاول بعض الظالمين وصفها بـ “كلام عيال” و”هياط زايد”، لكنها في الحقيقة زلزال بقوة سبع درجات على مقياس رختر، يزلزل الأرض من تحت أقدام الظالمين ويخبرهم بأنهم لاشيء أمام بضع كلمات، ويخلف في داخلهم “تسونامي” من الخوف يأكل ما بقي من أمل في نفوسهم في الاستمرار في استعباد العباد الذين ولدتهم أمهاتهم أحرارًا.
ولمن ينتابه الشك في كلماتي تلك فليسأل الطاغية بشار عن المرحوم بإذنه تعالى “إبراهيم قاشوش” صاحب أجمل سمفونية في عام 2011م ، والتي زعزعت كلماتها بشاراً وحزبه، وإن تظاهر بشار بأنه لا يعرف “قاشوش” أو لم يسمع به فقد كذب وربّ “قاشوش”، وإني لأكاد أجزم بأن كابوس كلمات “قاشوش” لا يكاد يفارق منام الطاغية، وأنه كلما أراد أن يوجه خطاباً بلا فائدة ولا عائدة كعادته غير الحميدة لاحفظه الله، قابلته روح “قاشوش” وهي تنشد “يابشار ويا كذاب تضرب إنت وهالخطاب الحرية صارت ع الباب” ، فيفرّ منها مدبراً وله “ضراط” حتى لا يسمعها، وإني لأكاد أجزم أن بشاراً حين يستمع إلى النشيد الوطني السوري، ليخيل إليه من شدة الرعب الذي زرعته فيه كلمات “قاشوش” أن كلمات النشيد الوطني هي “يابشار وياجبان وياعميل الأمريكان الشعب السوري ما بينهان” ولعله يخشى فعلاً أن تصبح كلمات “قاشوش” تلك نشيداً وطنياً لسوريا بعد إسقاطه.
لم يعد المعارض بحاجة لسلاح يقاتل به وهو يملك أعتى سلاح أثبت قدرة فائقة في وجه الطغيان وهو سلاح الكلمة الصارخة في وجه الظلم ، كلمة الحق التي لا تخشى بغي البغاة ولا طغيان الطغاة، كلمة الحق التي بسببها وُصف صاحبها بأنه يجاهد أفضل الجهاد ، كما جاء في حديث أبي القاسم بأبي هو وأمي حين قال: ( أفضل الجهاد “كلمة” حقّ “عند” سلطان جائر).
ولقد هالني في الجمعة الماضية ما سمعته من “شيلات” و “أهازيج” يطلقها شباب البدون في اعتصامهم في ساحة الحرية في تيماء، وهم يرددون “مات الخوف ومات الخوف صوتي صار كلاشنكوف” ، مؤكدين أن مسألة مواجهة الطغيان بجميع أشكاله عبر الكلمات والأهازيج  باتت عدوى تنتقل من مصر إلى مصر وأنها عادة بدأها “قاشوش” رحمه الله ، ولن تتوقف عند حدود تيماء بالتأكيد، وأن كل من كان يعول من العنصريين على “جبن” هذه الفئة طوال السنين الماضية سيخيب ظنه ، فهاهم يصرخون بأن “مات الخوف” وهاهم يطلقونها مدوية بأن سلاحهم في وجه كل من ظلمهم هي الكلمات الحقة لا غير ، فهم ليسوا أهل عنف وإجرام بل هم الأكثر مسالمة على مر السنين ، وهم الأكثر ولاء للكويت ولحكامها – أدامهم الله – كما أثبتت التجارب في وقت المحن.
الكلمات سلاح فتّاك لا يستهان به، وأعني بالكلمات هنا الكلمات الصادقة أيّا كان نوعها من النثر والشعر والمقالة والخطابة والأنشودة والأهازيج، بل وحتى الدعاء للظالم أو عليه، له بالهداية أو عليه بقصم الظهر، وهذا كله من الأسلحة التي يستعان بها على تحقيق المطلوب ونيل المقصود، فلا تحقرن كلمة قد يكون لها من الوقع والأثر ما لا يتحصل مع كثير من الأسلحة الحديثة ، فبادر للتعبير عن رأيك والمطالبة بحقك  ولو بكلمة، فربّ كلمة دكّت حصون الظالمين…. واسألوا “قاشوش” .
 منصور الغايب