اقتصاد

بيان للاستثمار: تداولات الأسبوع الماضي تسجل تبايناً لجهة إغلاق المؤشر الرئيسي


أنهى سوق الكويت للأوراق المالية تداولات الأسبوع الماضي مسجلاً تباين لجهة إغلاق مؤشريه الرئيسيين، حيث أقفل المؤشر السعري على ارتفاع محدود في ظل عمليات الشراء والمضاربة الإيجابية التي تناولت بعض الأسهم الصغيرة، في حين سجل المؤشر الوزني خسارة أسبوعية بسيطة على إثر الضغوط البيعية التي تعرضت لها بعض الأسهم القيادية.



هذا وقد شهد الأسبوع الماضي اجتماع اللجنة الاستشارية لبحث التطورات الاقتصادية التي أنشأها سمو الأمير “حفظه الله” منذ عدة أشهر، حيث ترأس رئيس مجلس الوزراء هذا الاجتماع، وقد اتفق سموه مع ما جاء في تقرير اللجنة بشأن أن الكويت لا يمكنها الاستمرار بسياسة الإنفاق الاستهلاكي دون ضوابط، ولا بد من الإسراع في معالجة الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد، وتشجيع القطاع الخاص للاضطلاع بدوره الاقتصادي الرائد والفاعل، خاصة في ضوء ما يشهده العالم من تداعيات وإقرارات للأزمة المالية العالمية، مشدداً على ضرورة الاستعداد لمواجهة كل الاحتمالات والمضاعفات، ولاسيما وأن الكويت تعتبر بلد أحادي الدخل، بما يستوجب الاتجاه نحو تعزيز الاستثمار المحلي وتشجيع الطاقات والإبداعات الوطنية، مؤكداً أن الإصلاح الاقتصادي ركن أساسي من أركان الإصلاح الشامل، فهو يوفر للأجيال الحالية استفادة أكبر من ثرواتهم الوطنية، ويؤمن الحياة الكريمة للأجيال القادمة. هذا وقد تم خلال الاجتماع استعراض ملامح ومؤشرات الوضع المالي والاقتصادي في البلاد، وتحديات سوق العمل والحاجة المتزايدة لتوفير فرص وظيفية لتزايد أعداد المواطنين المنخرطين في سوق العمل مقابل محدودية دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي. وعلى صعيد متصل، فقط صرحت وزيرة التجارة والصناعة بأن سمو رئيس مجلس الوزراء قد دعا إلى ضرورة الإسراع في تنفيذ كافة المشاريع المدرجة ضمن خطة التنمية، مؤكدة أنه لن يسمح بتعثر أو تأخر أي خطوات قد تعوق تنفيذها بما فيها مشاريع القوانين الضرورية، مضيفة أن سموه طالب أعضاء اللجنة الاستشارية بسرعة تقديم الحلول والمقترحات العاجلة التي من شأنها تقليص المدد الزمنية في تنفيذ المشاريع التنموية.



ولا شك أن الاجتماع ناقش العديد من القضايا الهامة ذات الصلة بالوضع الاقتصادي، وتناول بعض نقاط الضعف التي يعاني منها اقتصادنا الوطني، إلا أنه لم يتناول الحلول الجذرية لبعض المشكلات المعيقة للنمو الاقتصادي للبلاد، فرغم تطرق الاجتماع لأهم محاور الإصلاح وهو توسعة وتنمية مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني، فقد غابت أي إشارات حول آليات دعم شركات القطاع الخاص القائمة، والتي من المفترض أن يقع على عاتقها مسئولية تفعيل هذا الاتجاه، أسوة بما قامت به معظم دول العالم في معالجتها لتداعيات الأزمة المالية العالمية، حيث أنه طبقاً لإحصائيات البنك الدولي قامت مجموعة العشرين بضخ ما يقارب 12 ترليون دولار في خطط الإنعاش الاقتصادي. فهذه الشركات تواجه عثرات مالية على مستويات مختلفة منذ الأزمة المالية العالمية، ومشكلة في الحصول على الائتمان المصرفي، فضلاً عن تعثر العديد منها في الوفاء بالتزاماته المالية نحو البنوك نتيجة التدهور المستمر للوضع الاقتصادي.



 وحلول هذه الحالة المتأزمة ليست بمجهولة، إذ عالجتها عدد من الدول التي عانت من آثار الأزمة عن طريق خفض فوائد القروض البنكية إلى ما دون 1%، وإعادة جدولة الديون القائمة لمهل طويلة تسمح للشركات باستعادة عافيتها، فضلاً عن قيام بعض الحكومات بإعادة شراء الديون المتعثرة “ريبو”، وهو الأمر الذي يمثل دعماً مشتركاً لكل من الشركات المتعثرة والقطاع المصرفي. من ناحية أخرى، لم يتناول التصريح مسألة التخصيص الحيوية، فلا يمكن أن يزداد دور القطاع الخاص في ظل احتكار حكومي لعدد من المجالات الحيوية الهامة، خاصة في ظل محدودية الفرص الاستثمارية المتاحة في الكويت. 

وربما يجب أن نقتدي بالدول ذات السجل الناجح في تطبيق نظام الحرية لاقتصادية، والتي يقتصر الدور الحكومي فيها على العمل في تقديم سلع وخدمات النفع العام التي لا تصلح بطبيعتها أن توكل للقطاع الخاص. كما أن التقرير جاء في طياته رغبة في الحد من الإنفاق الاستهلاكي، والجدير بالذكر أن الإنفاق الاستهلاكي مشكلة للدول التي تستورد أغلب احتياجاتها، أما تخفيضه والسعي إليه بفرض ضرائب متنوعة منها ضريبة المبيعات، كما توحي بعض التسريبات، فهذا يعني تبني سياسة انكماشية ستؤدي في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة إلى دخول البلاد في نفق الركود التضخمي، والذي يعد الخروج منه أمراً صعباً. 



إن ارتفاع مستوى الطلب في بلد ذو حجم سكان محدود مثل الكويت يعد نعمة إذا ما أحسن استغلاله بتبني سياسة إحلال الواردات، وذلك عن طريق إفساح الطريق أمام القطاع الخاص للدخول في المجالات الإنتاجية التي تولد قيمة مضافة، وعلى رأسهما الأنشطة الصناعية بداية من القطاع النفطي، مروراً بقطاع التصنيع الغذائي، وصولاً إلى مجالات الصناعات التجميعية بمجالاتها المختلفة. أما الحد من الاستهلاك وتراجع الطلب، فهو سيقلل من جاذبية السوق الكويتي سواء للمستثمر المحلي أو الأجنبي.

من ناحية أخرى، صرح وزير المالية بأنه لا يوجد نية لدى الحكومة للدعم المالي لسوق الكويت للأوراق المالية، ما لم تكن هناك حاجة ضرورية تستوجب تدخل الهيئة العامة للاستثمار في السوق، مشيراً إلى أن الوضع الحالي للبورصة جاء نتيجة أسباب نفسية ناجمة عن تخوف المستثمرين، مؤكداً أن وضع السوق سيعود إلى التعافي متى ما استقرت الأوضاع الاقتصادية العالمية وتحسنت الأوضاع السياسية. 



والجدير بالذكر أن السوق لم يكن بحاجة إلى الدعم القوي أكثر من الآن، فمنذ بداية الأزمة المالية العالمية والسوق في حالة انحدار مستمر، والارتفاع أصبح حالة استثنائية ويكون طفيفاً إذا تحقق، مما أدى إلى تدهور خطير في أسعار الأصول. إن أي مراقب يستطيع أن يستنتج أن السوق افتقد مقومات الصعود الذاتي بعد تآكل رؤوس الأموال والتي عبرت عن نفسها في شكل تراجعات واضحة في قيمة التداول، والتي وصلت قبل الأزمة لمستويات لامست الـ200 مليون دينار على المستوى اليومي، فيما شهدنا أياماً بعد الأزمة انخفضت فيها القيمة المتداولة في السوق عن 10 مليون دينار، مما لا يدع مجالاً للشك أن السوق بحاجة إلى يد المساعدة التي تنتشله من وضعه الحالي، والتي تأتي من خلال تفعيل وظيفة صانع السوق، على أن تساهم فيها الهيئة العامة للاستثمار والبنوك والتأمينات.



هذا وقد أصدرت مؤسسة هيرتيج بالتعاون مع جريدة وول ستريت تقريراً عن مؤشر الحرية الاقتصادية 2012، وجاء في طيات التقرير تراجع الكويت عالمياً من المرتبة 42 عام 2010 إلى المرتبة  71 حالياً، كما حلت الكويت في المرتبة السادسة خليجياً. وعلل التقرير هذ التراجع بسبب سوء إدارة الإنفاق الحكومي، إلى جانب تراجع حرية العمالة. هذا وقد نوه التقرير إلى افتقاد الكويت لإطار عمل قانوني جيد التأسيس وراسخ.



ويثبت هذا التقرير استمرار مسلسل تراجع الأداء الاقتصادي، والذي حذرت منه جهات اقتصادية عديدة دولية وإقليمية، كما حذرنا نحن منه في تقارير سابقة. غير أنه حتى الآن لم تظهر استجابة حكومية لهذا التحذيرات والتقارير التي اتفقت في الكثير من مضامينها على معوقات النشاط الاقتصادي في البلاد وسبل معالجتها، خاصة فيما يخص الإطار القانوني والتشريعي المنظم لعمل القطاع الخاص، والتي تستهدف الخطط الحكومية تعظيم دوره ومساهمته في الاقتصاد الوطني.



وعلى صعيد الأداء الأسبوعي لسوق الكويت للأوراق المالية، فقد شهد تبايناً لجهة إغلاق مؤشريه الرئيسيين، إذ أقفل المؤشر السعري محققاً ارتفاعاً بسيطاً، في حين تراجع المؤشر الوزني بشكل محدود مع نهاية الأسبوع. وقد شهد السوق في معظم جلسات الأسبوع استمرار موجة البيع التي تتسم بها تداولاته منذ فترة، والتي تتركز على العديد من الأسهم في السوق، ولاسيما القيادية منها في قطاعي البنوك والخدمات. كما وتأثر السوق بعمليات المضاربة وجني الأرباح السريعة التي شهدها خلال معظم جلسات الأسبوع، والتي نالت الأسهم الصغيرة نصيباً وافراً منها، خاصة في قطاعي الاستثمار والعقار، واللذان شهدا نشاطاً مضاربياً ملحوظاً على بعض أسهمهما خلال هذه الفترة. هذا وقد تمكن السوق من تحقيق النمو في بعض الجلسات على إثر ظهور موجة شرائية شملت بعض الأسهم القيادية والصغيرة التي كانت قد سجلت تراجعات في الجلسات السابقة، الأمر الذي ساهم في نمو نشاط التداول بشكل واضح، وساعد المؤشر السعري على تحقيق مكاسب بسيطة بنهاية الأسبوع. من جهة أخرى، استمرت تداولات اللحظات الأخيرة، التي عادة ما تتسم بعمليات الشراء الانتقائية، في دعم السوق بعض الشيء، حيث تمكنت من تقليص نسبة خسائر المؤشرين السعري والوزني في بعض الجلسات اليومية. هذا واستمرت حالة الترقب والعزوف عن التعامل في السيطرة على توجهات بعض المتداولين في السوق، وذلك انتظاراً لنتائج الشركات المدرجة عن العام 2011، ولاسيما الشركات القيادية.



هذا وقد أقفل المؤشر السعري عند مستوى 5,746.9 نقطة، مرتفعاً بنسبة 0.35%، في حين سجل المؤشر الوزني خسارة بنسبة بلغت 0.11% بعد أن أغلق عند مستوى 398.86 نقطة. وقد شهد السوق هذا الأداء في ظل ارتفاع المتغيرات الأسبوعية لمؤشرات التداول بالمقارنة مع تداولات الأسبوع الماضي، حيث زاد متوسط كمية التداول بنسبة 85.24%، في حين سجل متوسط قيمة التداول انخفاضاَ نسبته 34.75%.



مؤشرات القطاعات

سجلت خمسة من قطاعات سوق الكويت للأوراق المالية نمواً في مؤشراتها بنهاية الأسبوع الماضي، فيما تراجعت مؤشرات القطاعات الثلاثة الباقية. وجاء قطاع الشركات غير الكويتية في مقدمة القطاعات التي سجلت ارتفاعاً، حيث أقفل مؤشره عند 5,209.9 نقطة مسجلاً نمواً نسبته 1.28%. تبعه قطاع الخدمات في المركز الثاني مع ارتفاع مؤشره بنسبة 1.22% بعد أن أغلق عند 13,110.6 نقطة. في حين شغل قطاع الأغذية المرتبة الثالثة، حيث أغلق مؤشره مرتفعاً بنسبة 0.76% عند مستوى 4,326.6 نقطة. أما أقل القطاعات ارتفاعاً، فكان قطاع الاستثمار الذي أقفل مؤشره عند 3,539.6 نقطة مسجلاً زيادة نسبتها 0.38%.



من جهة أخرى، تصدر قطاع التأمين القطاعات التي سجلت تراجعاً، حيث أقفل مؤشره عند 2,596.2 نقطة بخسارة نسبتها 1.39%، وجاء بعده قطاع الصناعة الذي تراجع مؤشره بنسبة بلغت 1.12% مقفلاً عند 4,099.3 نقطة، في حين كان قطاع البنوك هو الأقل انخفاضاً، إذ تراجع مؤشره بنسبة 0.44% مغلقاً عند 11,210.2 نقطة.



مؤشرات التداول

تم خلال الأسبوع الماضي تداول 1.21 مليار سهم من خلال تنفيذ 14,209 صفقة بقيمة إجمالية 112.47 مليون د.ك. هذا وبلغ المتوسط اليومي لقيمة التداول خلال الأسبوع الماضي 22.49 مليون د.ك. مرتفعاًًً من 16.69 مليون د.ك. في الأسبوع الذي سبقه، في حين زاد متوسط حجم التداول من 130.22 مليون سهم ليصل إلى 241.22 مليون سهم، بينما بلغ المتوسط اليومي لعدد الصفقات المنفذة 2,842 صفقة مقارنة بـ1,776 صفقة في الأسبوع قبل الماضي.



تداولات القطاعات

شغل قطاع الخدمات المركز الأول لجهة حجم التداول خلال الأسبوع الماضي، إذ بلغ عدد الأسهم المتداولة للقطاع 433.73 مليون سهم شكلت 35.96% من إجمالي تداولات السوق، فيما شغل قطاع الاستثمار المرتبة الثانية، حيث بلغت نسبة حجم تداولاته 26.88% من إجمالي السوق، إذ تم تداول 324.18 مليون سهم للقطاع. أما لجهة قيمة التداول، فقد شغل قطاع الخدمات المرتبة الأولى، إذ بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 54.37% بقيمة إجمالية بلغت 42.23 مليون د.ك.، وجاء قطاع الاستثمار في المرتبة الثانية، حيث بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 22.33% وبقيمة إجمالية 25.11 مليون د.ك. 



القيمة الرأسمالية

انخفضت القيمة الرأسمالية لسوق الكويت للأوراق المالية بنسبة 0.12% خلال الأسبوع الماضي لتصل إلى 28.07 مليار د.ك. بنهاية تداولات الأسبوع، حيث نمت القيمة الرأسمالية لخمسة قطاعات من السوق مقابل تراجعها للقطاعات الثلاثة الباقية. وتصدر قطاع الشركات غير الكويتية لائحة القطاعات الرابحة، إذ ارتفعت قيمته الرأسمالية بنسبة بلغت 1.24% بعد أن وصلت إلى 1.65 مليار د.ك. جاء بعده قطاع الاستثمار الذي وصلت قيمته الرأسمالية إلى 2.08 مليار د.ك. مسجلاً نمواً نسبته 0.52%، وحل قطاع الخدمات ثالثاً بنسبة نمو بلغت 0.44% بعد أن وصلت قيمته الرأسمالية إلى 6.93 مليار د.ك.، هذا وكان قطاع العقار أقل القطاعات ارتفاعاًً، إذ وصلت قيمته الرأسمالية إلى 1.69 مليار د.ك. بنسبة نمو بلغت 0.20%.



في المقابل، كان قطاع التأمين أكثر القطاعات تراجعاً، حيث انخفضت قيمته الرأسمالية خلال الأسبوع الماضي بنسبة 1.36% لتصل إلى 301.28 مليون د.ك.، تبعه قطاع الصناعة في المرتبة الثانية والذي تراجعت قيمته الرأسمالية بنسبة 1.17% لتصل إلى 2.13 مليار د.ك. في حين كان قطاع البنوك هو الأقل انخفاضاً، إذ نقصت قيمته الرأسمالية بنسبة 0.55%، لتصل إلى 12.58 مليار د.ك.