أقلامهم

مبارك بن شافي الهاجري: البدون الذين لا يجدون من المناصرين الا القلة، يركنون لبعض الأصوات، التي تستثمر قضيتهم لمصالح شخصية

بدون عنف يا «بدون»!


مبارك بن شافي الهاجري

التحذيرات التي أطلقتها وزارة الداخلية قبل مظاهرة اخواننا البدون كانت تشي بأن هناك عنفا سوف يحدث، وان الداخلية لن تسمح بأن تنهار صورتها أمام الجمهور بعدم استخدام القوة، التي هددت باستخدامها! والبدون، الذين لا يجدون من المناصرين الا القلة، يركنون لبعض الأصوات، التي تحاول ان تستثمر قضيتهم، لمصالح شخصية، أقلها الدعاية الانتخابية، ويتجاهلون العقلاء الذين يطالبونهم بالصبر قليلا، ريثما يأتي وقت الوفاء بما وعدت به الحكومة على لسان رئيسها سمو الشيخ جابر المبارك.
لا شك ان هذه الفئة عانت ما فيه الكفاية من التلاعب بقضيتها، وتجاهلها، والتسويف فيها، وربما وصل الأمر بها، خاصة عند الشباب، الى حدٍ من اليأس، دفع بها الى تجاهل كل تحذيرات وزارة الداخلية ومطالبات العقلاء، وهو أمر لا تلام عليه، لكنه غير محمود العواقب.
ونحن هنا لا نحمل هؤلاء المتظاهرين من البدون المسؤولية وحدهم، بل نلوم أيضا الحكومات المتعاقبة، التي تراخت وتباطأت في حل قضيتهم، التي كانت بسيطة جدا في السنوات الماضية، ثم كبرت وعظمت، حتى تعقدت، وتشابكت مع استحقاقات أخرى للدولة.
ان مشكلة البدون، تاريخيا، تنحصر في فئتين: فئة امتنع أسلافها عن القبول بالجنسية من الدرجة الثانية عندما أقر قانون الجنسية.وفئة استوطن أسلافها الكويت والتحقوا بالجيش وقوات الأمن على وعد بالتجنيس.وهذه الفئة من العشائر المتنقلة، التي لم تكن تؤمن، في السابق، بالاستيطان ولا التجنس.
الآن، المشكلة تتعاظم، واللجان التي شكلت لحل القضية زادتها تعقيدا، وصار بعض أبناء هذه الفئة غير مستوف لشروط التجنيس، كما تقرر بعض تلك اللجان ان لم تكن كلها، لأنه ثبت عندها بالدليل القاطع انه ينتمي لاصول أجنبية، كندية وبوليفية ودنمركية وانجليزية وأمريكية، وغيرها، وهو أمر يدعو للسخرية!
وصار تجنيس الهنود وغيرهم أسهل من تجنيس هؤلاء!
ان التراكمات النفسية، والشعور بالغبن عند أبناء تلك الفئة لابد وان يصل بها في يوم من الأيام الى الانفجار، ولقد ظهرت بوادر هذا الانفجار في الآونة الأخيرة، وتداعت جموع منهم للتظاهر، في اعتقاد منهم ان مأساتهم الحقيقية لا تصل الى صنّاع القرار كما ينبغي! وصارت قضيتهم الآن في مقدمة القضايا المطروحة أمام الحكومة الحالية والحكومات القادمة، والمطلوب منهم ليس كثيرا، قياسا بالزمن الذي تحملوا فيه وكابدوا، فلينتظروا قليلا، وليصبروا، وليصغوا الى صوت العقلاء منهم وممن يتعاطفون معهم، لأن أي تحرك قبل النظر في أمرهم بشكل جدي لن يقود الا الى مصادمات قد لا تكون في صالحهم ولا في صالح الكويت، التي لا يُشك في أنهم يحبونها.