أقلامهم

الطفل في حالة غياب عن اذهان اللسلطة التنفيذية لانه خارج حسبة القوائم الانتخابية …د.سهام الفريح


هل للتربية والتعليم أهميتهما لدى السلطتين التنفيذية والتشريعية؟!
أ.د. سهام الفريح
لا نستطيع ان نتكلم عن الثقافة بكل أنواعها ونغفل التربية والتعليم. وهما الباب الأول لكل خطة تنموية في اي مجتمع من المجتمعات، لكن ما نصادفه في الكويت وقد يكون في غيرها من الاقطار العربية انهما قد يكونان في آخر سلم الاولويات لدى السلطة التنفيذية، وقد يسقطان في احيان كثيرة من هذا السلم، في الوقت الذي تقدم فيه الدراسات والخطط التربوية والتعليمية الواضحة في فلسفتها والدقيقة في اهدافها، الا انها حبيسة الادراج حتى يطويها النسيان، ومهما كان الأمر فاننا لا نغفل ادوار بعض من يتولى شأن التربية والتعليم من نساء او رجال ممن كانوا ذوي رؤية واضحة، وحس وطني باهمية التربية ودورها في النهوض بالفرد والمجتمع، وقد يأتي هذا البعض بمشروعات وخطط الا ان الواحد او الواحدة منهم ما ان يشرع في تسلم مهامه وتقديم ما لديه لينفذ حتى يقتلع من منصبه ليؤتىبآخر، فيذهب هذا المشروع وغيره من المشروعات الناجحة الى غياهب النسيان، لذا عندما دُعي «بلير» الى الكويت ليضع لنا الخطط والدراسات في جوانب شتى ومنها التربية والتعليم عاد الى تلك الملفات ونفض عنها الغبار، ليقتبس منها الكثير ويجري عليها القص واللصق ويقدمها بألوان فرنجية كلون عينيه، لذا نالت الرضا، كتبت حينها مقالة قلت فيها «ان بضاعتنا ردت الينا».
وانا اتحدث يمر بذاكرتي مشروع استغرق العمل فيه مدة ست سنوات باجتماعات اسبوعية في لجنة ضمن عدد من المتخصصين في المجالات التربوية والقانونية، ومن الذين لهم باع طول في البحث والتأليف وكذلك من العاملين في قضايا حقوق الانسان حتى انتهى العمل الى انجاز كتابين، واعداد مادة اربعة كتب بمباركة 3 وزراء مروا على هذه الوزارة. حتى جاءنا وزير جديد نسف وعصف بهذا المشروع دون هوادة، ولم يكتف بذلك بل اوعز الى اثنين من المقربين اليه بتأليف كتاب في خلال شهرين وليس هذا فحسب، بل دفع به الى الميدان، فذهلنا من هذا الفعل. واتجهنا الى من هو على رأس هذا الوزير فاستقبلنا مشكوراً وأوعز الى احد مستشاريه للاطلاع على هذا العمل، ثم انتظرنا حتى انتهينا الى لا شيء، لم نتوقف فتوسمت في احد النواب السابقين خيراً حيث بدا لي انه مهتم بالشأن التربوي، فأخذت استجدي لقاءه حتى مَنّ عليّ به، إلا اننا انتهينا الى لا شيء أيضاً.
ألستم معي بعد هذا كله بان الثقافة والأدب والتربية والتعليم ليس لها مكان في سلم الأولويات لدى السلطة التنفيذية؟!
لذا فان قضية التربية والتعليم لا يجب لها ان ترتبط بمجيء وزير أو ذهابه، انما هي مرتبطة بكوادر تمتلك الرؤية الواضحة في فلسفة التربية وفي اهدافها، ولكي لا نتجنى على من يعملون في ادارات المناهج ووضع الكتب ونبخسهم حقهم، فهم الأقدر على التنفيذ فحسب، لذا نجدهم يجتهدون في تصريحاتهم كل يوم عن تسلم الطلبة اللاب توب أو تشكيل لجنة تلو الأخرى في المناهج او صدور كتاب مدرسي الى الميدان، وقد يكون قبل تقييمه وأقولها ايضاً عن تجربة، فقد كنت على لجنة لتقييم كتب المرحلة الابتدائية منذ سنوات مضت، وأخذت ومن معي هذا الامر باجتهاد من خلال اجتماعات أسبوعية لمراجعة كل كلمة وكل مضمون بما يتناسب مع ذهنية النشء في تلك المرحلة الدراسية، حتى فاجأني احد الاعضاء قائلا: يا دكتورة كُدت أذهاننا بهذا العمل، والكتب منذ اسبوع بين يدي الطلبة، فكأن الهدف هو فقط تشكيل اللجان لا التقييم وكأن هذا النشء «حقل تجارب»!
هذا هو حال السلطة التنفيذية تجاه التربية والتعليم، فهل السلطة التشريعية بأحسن حال منها تجاه هذه القضايا؟! من منا لم يتابع الانتخابات الاميركية وكل واحد منهم يضع التربية والتعليم في أول اهتماماته، وأتذكر جيدا ان نجاح كلنتون في دورته الثانية كرئيس للولايات المتحدة كان بسبب اهتمامه بالشأن التربوي. فلم نجد أحداً من نوابنا السابقين من وضع هذه القضايا ضمن اهتماماته الرئيسة وضمن برنامج انتخابي محدد، ولكي لا نبخس الناس حقوقها فقد يتكلم البعض منهم عن هذه القضايا لكنه ليس ضمن مشروع متكامل واضح المعالم، كمشروع قانون المعاقين الذي يحسب لهم وقانون المرأة وان كان فيه بعض الثغرات بسبب الخلافات الفكرية لا بسبب الاختلافات الموضوعية البحتة.
أما قانون الطفل، فقد اغفله النواب رجالاً ونساء اغفالاً تاماً، والسبب الذي لا يغيب عن الاذهان أن هذه الفئة ليست ضمن القوائم الانتخابية، وقد صدر لبعضهم مشروع قانون فرحنا ورحبنا به واخذناه بالبحث والتدقيق، واذا به نسخة حرفية من قانون الطفل المصري، ويبدو ان هؤلاء النواب اعتمدوه دون مراجعته او الاطلاع عليه، وانتظرنا بأن يصدر لهم مقترح جديد لكن نوابنا الافاضل تاهوا وضاعوا في متاهات الاوراق السياسية والخلافات الفئوية.