أقلامهم

العروق الجنوبية تضرب الدماء الشمالية …عبد اللطيف الدعيج ومشكلة البدون

«بدون» أم عرب شماليون؟
كتب عبداللطيف الدعيج
مشكلة «البدون» من الممكن ان تحل ايضا لو ان حكومتنا كفت عن التظاهر بانها تتعامل قانونيا مع «البدون». أو انها تحدد «البدون» من عدمه وفقا للقانون. لو كان الامر كذلك، لربما لم تبرز المشكلة ولما ناقشناها اليوم. 
لكن الذي افرز مشكلة «البدون» ليس الوضع القانوني لهم، فبعضهم يتمتع بمركز قانوني – من حيث الاقامة – افضل كثيرا من بعض المحظوظين الكويتيين الذين قدمت لهم الجنسية وهم في مساكنهم وحتى قبل ان تطأ اقدامهم ارض الكويت. ولعل هذا هو السبب الاساسي الذي يعيق حل المشكلة اليوم. فحكومتنا تنظر الى «البدون» من زاوية الخبرات العشائرية ووفق التصنيفات العرقية القديمة، وليس وفقا للنظرة الانسانية الحديثة أو حسب المعيار القانوني الذي من المفروض ان تطبقه الدولة. الدولة التي تتمتع بنظام ديموقراطي ودستور ساوى بين البشر وساوى بين المهاجرين الى الكويت.
عندنا مشكلة «بدون»، لأن في عقلية البعض منا، هناك عرب شمال وعرب جنوب. عرب الجنوب تم تجنيسهم وتفضيلهم بينما تم التصدي لعرب الشمال ووضع فيتو حتى على اقامتهم. لقد كانت حدودنا مفتوحة، أو «باديتنا»، وهو ما أطلقه البدو أو ابناء القبائل على الاراضي الكويتية، بادية الكويت كانت مفتوحة من الشمال والجنوب. لكننا اخترنا ان نمنح تذكرة هوية أو بالاحرى جنسية لمن يمر من الجنوب، بينما أصررنا على ان يبقى من يمر من الشمال من «بادية الكويت» أو «بدون». من هنا بدأت، وفي الواقع انتهت مشكلة «البدون». فهي نظرة اجتماعية لابناء قبائل الشمال عززها الدعم القادم من الجنوب للكويت فيما مثلت التهديدات وحتى الغزو الشمالي الزيت الذي ابقى نار التقسيم على سعيرها، والنظرة للقادمين من الشمال على حذرها.
نحن دولة قانون ودستور ونظام ديموقراطي يُحرم التمييز بين الناس، لهذا فان المفروض ان تكف حكومتنا عن النظر الى «البدون» على انهم «عرب شمال»، يثيرون مخاوفها ولا يرقون الى نقاوة دمها وتقاليدها وامانتها وعروقها الجنوبية. متى ما تخلت حكومتنا، والبعض منا، عن هذه النظرة غير الانسانية وغير الديموقراطية للبشر، سيكون في الامكان حل مشكلة «البدون» بلا تكلفة نفسية أو مادية.