برلمان

جمل بعضها رشيقة.. وبعضها مبهمة وأخرى مباشرة
شعارات المرشحين.. بين عمق الدلالة وسطحية المعنى ورمزية العبارة

جاءت الانتخابات هذه المرة مغايرة تماماً لكل الانتخابات التي مضت، سواء في توقيتها “الشتوي” أو في الظروف السياسية التي أدت إليها أو حتى في الدعاية التي كانت ترتكز في السابق وبشكل أساسي على الصحف كنافذة مهمة وضرورية لإيصال الرسالة إلى الناخب، في حين أنها تشهد عزوفاً اليوم عن استخدام هذه الوسيلة، باعتبارها لم تعد حيوية أمام سطوة الإعلام الإلكتروني.  

لكن شيئاً واحداً بقي ثابتاً لم يتغير، ذلك هو الشعار الانتخابي الذي يختاره المرشح عنواناً لحملته الانتخابية ويختصر فيه كل ما يريد قوله في الفترة الراهنة، وفعله في حال حالفه الحظ في الفوز.
ومثل كل سنة جاءت الشعارات هذه المرة زاخرة بالجمل الرنانة، بعضها عشوائي وبعضها عن قصد وبنية مبيتة، بعضها منمق والآخر مختصر، وقد فعلت الأزمة السياسية التي سبقت حل مجلس الأمة والحكومة فعلها في اختيار بعض المرشحين لشعاراتهم حيث لم يخل بعضها من لهجة  التحدي، كما في الشعار الذي اختاره مرشح الدائرة الأولى صالح عاشور وهو ” لهم نهج.. ولنا نهج” وهو بالطبع يشير ضمناً إلى حركة نهج التي كانت عنصراً فاعلاً في الحراك الشبابي وفي اللجوء إلى الشارع للإطاحة بالحكومة ومواليها.

أما الشعار الذي اختاره مرشح الدائرة الرابعة د.عبيد الوسمي فقد حمل بعداً “نفسياً” أكثر منه سياسياً وهو الذي كان واحداً ممن تعرضوا للاعتداء على أيدي رجال القوات الخاصة في أحداث ديوان الحربش، حيث اختار  جملة “أن تكون حراً.. أو لا تكون”.

وأما رموز المعارضة فإن شعاراتهم لم تخرج عن سياق الفكر المناويء للنهج السلطوي، فقد اختار النائب السابق ومرشح الدائرة الثالثة د.فيصل المسلم عبارة: “لن نخضع.. والله خير حافظاً” مازجاً بين مبدئيه السياسي والديني، في حين جاء شعار مسلم البراك بهذا الشكل : “يد تحاسب.. ويد تبني” وهو بهذه الجملة يوجه خطاباً مختصراً يرد به على من يتهم المعارضة بـ “التأزيم” وتعطيل التنمية.

ولم يبتعد النائب السابق مبارك الوعلان كثيراً.. فقد اختار جملة “المواقف تتحدث”، وكذلك الصيفي مبارك الصيفي الذي رفع شعار “قيم راسخة.. ومواقف ثابتة”، في حين أن جمعان الحربش بدا متفائلاً بالمرحلة الجديدة، إذ اختار شعاره من كلمة واحدة وهي ” ستشرق” وكأنه بهذا الشعار يرى الحاضر السياسي “معتماً”.

مرشح الخامسة النائب السابق فلاح الصواغ من جهته وضع هذا الشعار: “للكويت مبدأ” فيما يعني أن الانتقال إلى المرحلة السياسية الجديدة والتي ستليها بعد الثاني من فبراير المقبل كان خياراً وطنياً أجمعت عليه غالبية الشعب.
أما الشعار المشترك لمرشحي الرابعة علي الدقباسي وشعيب المويزري فقد حمل طابعاً دينياً، وجاء بصيغة أحد الأدعية المأثورة .. وهو “اللهم ولّ علينا خيارنا”.

مرشح الرابعة خالد الشليمي كتب شعار ” لا استقرار  بلا عدالة ومساواة” وهو يشير من خلاله إلى ما يعانيه “البدون” الذين يعيش بينهم في الجهراء، وكانت له – وماتزال – مواقف مناصرة لقضيتهم، ومطالبات بمنحهم حقوقهم المشروعة، وجاء شعاره الانتخابي بهذه الصيغة ليكون منسجماً مع الأحداث التي شهدتها منطقة تيماء في الأسابيع الأخيرة.

كما جاءت بعض شعارات مرشحين آخرين “عشوائية”.. غير متناغمة بالضرورة مع قناعات المرشح نفسه ولا حتى قناعات الناخب.

من هذه الشعارات شعار النائب السابق عسكر العنزي ” عهد ووفاء” وكذلك شعار النائب السابق محمد الحويلة “أداء تشريعي.. عطاء رقابي”.

وحملت شعارات مرشحين آخرين عناوين مختلفة، بعضها كتب على شكل دعوة، مثل شعار مرشحة الدائرة الثانية رشا الصايغ “لنبدأ من جديد” وبعضها جاء مبهماً، كشعار مرشح الدائرة الرابعة مشعل الذايدي “إلا الكويت”.. أما شعار مرشح الدائرة الثالثة عبدالله المعيوف فجاء على صيغة خطاب مباشر موجه للناخب وهو “ولك كلمة”.. في حين أن شعار مرشح الدائرة نفسها هشام الشايع قد انطوى على تساؤل محير وهو : “الكويت إلى أين؟”، بينما جاء شعار مرشح الخامسة ناصر المري شاملاً “وطني .. وطن الجميع” ويبدو أنه يخاطب من خلاله طائفة “بعينها”.. ولهذا الشعار مدلولات لا تخرج عن محاولة السعي إلى كسب أصوات الآخرين، ولم  يبتعد عن هذا المعنى شعار المرشح في الثالثة هشام البغلي وهو “وطن واحد” في وقت وضعت شعارات مرشحين آخرين أصحابها في موضع المتتبع للأحداث السياسية خلال السنوات الماضية، ومنها شعار خالد الهزاع “أمانة وطن”.. وكذلك مرشح الدائرة الأولى عيسى الكندري هو “يداً بيد، نبدأ كويت العهد الجديد”.

لكن الكلمة الفصل أولاً وأخيراً ستبقى للناخب، فهو وحده الذي سيحدد أي من أصحاب هذه الشعارات يجب أن يمنح الثقة، وأيهم يجب أن تحجب عنه هذه الثقة.. إذ البقاء حتماً للأصلح والأقدر.. والأصدق.