بورتريه

رجل من زمن التأسيس"بورتريه"
أحمد الخطيب … المعلم القومي وضمير الحرية


الزمان   :   1927

المكان   :   الكويت  منطقة الدهلة

الوالدان : من شهقة التاريخ الكويتي المعتق بالأصالة 

الحدث   :   ولادة عقل منير لرحلة عميقة من ولأجل الإنسان 

الحلم    :   سلام وحرية ووطن كبير وكلمة حق 

الأشقاء :   جاسم وعقاب

العائلة الكبيرة  :  كل أبناء الكويت 
 في سن السابعة من عمره كان رفضه  الأول لمدرسة المباركية بعد بقاء لم يدم  فيها  سوى نصف يوم , ليرى في مدرسة العنجري والتي  اعتمدت نهج الكتاتيب مبتغاه و لينهل في رحابها  من تلاوة القرآن الكريم ماتيسر ,وليبدأ يشكل أبجدية  لغة خطابه الذي لم يكن يعرف هو نفسه  آنذاك بأنه ذات خطاب وحركة من يده تفز للأعلى  سيأسر القلوب والعقول ويقنع  .
بعد ذلك تتالت  المحطات الدراسية التي تعاقبت سنواتها  من عام  1936 _  1941  في مدارس الأحمدية والقبليه … والمباركية التي منحها  من حضوره ثلاث  سنوات , ليتعلم  فيهم معادلات الكيمياء والفيزياء والأحياء  البسيطة والجمع والطرح والقسمة وجداول الضرب وهو الذي عرف كيف يوظفها لتكون وجهته الصحيحة  لمستقبله الدراسي العلمي, وحسبته السياسية التي لم يقع في مسيرتها الحافلة بالعطاء والتي امتدت عشرات السنين  بمأزق يشار عليه بالبنان ريبة ورفضا .
 تلويحة للأهل والأحباب والأصدقاء حيث انطلاقة  لترحال غير  المسار إلى مدينة السحروالجمال  والأدب والعلوم  العاصمة بيروت وذلك  في فبراير من عام 1942 لتشرع البوابات أفاقها  لحلمه دراسة الطب في الجامعة الأميركية الخيار الصعب .
 كسر كل قواعد الخوف بإختياردراسة  الطب , واللغة الإنجليزية  التي سيتعلم  منها طريق الابرة والخيط والمشرط , وباشرالعمل السياسيى الجرئ وهو ما زال طالبا ليقول لسان حاله مابين الكويت وديرة العرب الممتدة أحلام  قومية عظيمة الشأن  ليقود  بنفسه مع أخوانه الفلسطينين رفضهم  لتدخل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط  أنذاك .
لم يأبه للمحاذير ولم يحاصر نفسه في كتب الطب تاركا الشارع السياسي والإجتماعي وراء ظهره بل كان النبض  والحضور المميز  ليسأله  مدير الجامعة الأمريكية بنروز , وبعد فصله من الجامعه وعودته اليها نتيجة نشاطه السياسي ومواقفه ( لا أدري من هو مدير الجامعة•• بنروز أو أحمد الخطيب !) .
مابين عبق النوير وصحراء وبحر ورمال وذاكرة اليامال ورفرفة النوارس , ومابين الأبيض المتوسط وياسمينه  وإشراقة الروشة وشارع الحمراء عزف الخطيب سيمفونية  التلاحم المثلى مع أخوانه العرب , لتحيا به كل مشاعر القومية العربيه ويكون من المؤسسين الأوائل لحركتها, (حركة القوميين العرب ) التي تقاسم معها رغيف خبزه وأعطاها ثلاثة أرباعه وكل لهفته .
 للوطن الكويت  عاد ولم تتملكه  إنتظارات في العيادة وإنتهاء دوام وروتين حياة  , وعبر عشرات السنين  وحتى اللحظة هو رغبة الإصلاح , السيف المسلط على الفساد, صوت التغيير في التردي الذي  يزداد يوما بعد يوم , هو من دافع و يدافع عن شجرة الوطن المثمرة بمواطنيها ومن يستظلون بها … دائم التحذير من كل النزاعات التعصبية الدينية المذهبية القبلية كي لا تنكسر الغصون وتتخلخل الجذور .
 
 أقتحمت تطلعاته طريق المواكبة والأفضل على مقاعد برلمان وفي صولات وجولات ناصر الوطن  والمواطن  , وغيب صوت  السندان عن المطرقة حين أرادوه صمتا كي لايكشف النور , لم يهدهد غفوة من السلطتين ولم يمسح للجوخ وبره  , والمعلم أيضا يقول وادعا لكرسي الوجاهات غير أسف عليها .
أزاح ستاره التغييب عن الشباب الكويتي  من جانبه وقال للجميع  لنا زمننا ولهم زمنهم , مستبشرا بهم وبعقولهم التي أيقن بها . ومدركا بأن لا حياة لمن تنادي لأفساح الطريق لهذا الجيل الصاعد بالفكر والتنوير فالشباب الكويتي عند الخطيب  إشراقة تكسر رتابة النعم  فرحب بلاء قالوها , ورفض تسميتهم ذات ليلة  (المقتحمون ). بل رأى فيهم ومضة المقبل .
يعرف  البوابات المحرمة  , ولكن أن مست الحرية غرد بحنكته السياسية وما واربها , تاريخ مجيد في الكويت وحافل إنه رجل الزمن التأسيسي … الى نبيها خمسة لنسيج مجتمع أمن وأمين و إلى وقتنا هذا .
هو الرجل الذي لم تنفر منه كيمياء الأماكن فأينما يحل  حضوره  أكثر من جنسية وجواز سفر بعقله الواسع  والمستنير حيث طريقه الدائم نحو الإصلاح وخطواته الى الحرية  بعيدا عن أي تعصب ديني عرقي , كثر هم من أهل القلم في الكويت كتبوا  ليكون بوحهم وشكرهم وفخرهم به  و لمسيرة تاريخه  المضيئ بسمرته الدافئة بالحنو والطيب وشدة البأس بالمواقف المشرفة , ولكن للخطيب أيضا مكانة كبيرة عند العرب , والمكانة الأكبر عند من قدرت لهم  غربة في  الكويت بعيدا عن بلادهم  وألتقوا به وبوجهه السموح  وفكره الطموح وأبوته التي تأسر الروح .
طبل الناس وصفقوا لقومية رجال عرب وزعماء من الذين حولهم ماحولهم  من خلجات  الشك أكدت اليقين بخديعتهم  , الا ان أبن الكويت  له الإنحناءة  فهو من رواد القومية العربية الخالصة الحقة  قولا وفعلا  وتاريخا  , منذ  شبابه وحتى الان ولكل ذاكرة الزمن ولاءاته لا تنتهي امام الظلم والمؤامرة لوطن كبير كان اسمه ( أمة عربية واحدة حين  سقطت رسالتها الخالدة ).
 كيمياء روحه ونبض قلبه من شبابه ولعراقته الأن حب يقول  بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان ومن نجد الى يمن إلى مصر فتطوان , وكانت خيبته واسعة ليصبح  من رجال التحرير لوطنه الصغير الأم حين طعنة في خاصره لم تكن في البال .
الرجل  الخطيب طرز بإبرته الجرح وبعقله الحلم بأنه العربي وليس الكويتي فقط  ,تاريخه يشهد , فكم لأهل الكويت  الفخر لبطون أنجبت لامثيل لهم وهو من طليعتهم .
قال عنه أحمد الربعي  رحمه الله  :

 ( يكره الخصومات، والمشاحنات الشخصية، ويذهب دون تردد إلى القضايا الكبرى والرئيسية دون إضاعة وقته في الصغائر، تحمل ما لا يحتمل ربما من رفاقه أكثر من خصومه، ولكنه ظل وفيا صادقا مع نفسه ومع قناعاته.
المجتمعات المتحضرة تخلق نماذج إنسانية فالأجيال الجديدة يجب أن تجد في مجتمعها أمثلة للبشر المتحضرين، الذين يحترمون أنفسهم فيحترمهم الناس وأحمد الخطيب نموذج للرجل الإنسان في البرلمان في عيادته مع أصدقائه و رفاق دربه ومع أبنائه وأحفاده!
أحمد الخطيب، سيظل الكبير كبيرا).
من ينصف عند العرب مثل هذا العقل ؟
كم نخشى  عليك يامعلم من أن تقول مافيش فايدة .
والسطور لتاريخه المجيد لا تتسع في مساحة حب له من سبر ولا في أي مكان إلا في القلوب لأبن الدستور والحق .