أقلامهم

علي الفيروز ل (البدون ) تحلوا بالصبر لتقطفوا ثمار الوعود


«البدون» بين مطرقة الحكومة وسندان الحقوق


علي محمد الفيروز
لا أحد يختلف معي بأن قضية «البدون» أو غير محددي الجنسية هي قضية إنسانية بحتة، وأن ما يحدث هذه الأيام من هيجان وغليان من «البدون» وخروجهم إلى الشارع للتعبير عن الرأي والمعاناة التي يعانونها بطريقة سلمية هي نتيجة لمجموعة تراكمات ومشكلات اجتماعية ونفسية، فهم غير قادرين على العيش برغد بسبب الأوضاع السيئة التي يعيشونها وبالتالي كانت المظاهرات السلمية هي وسيلة للمطالبة بحقوقهم الإنسانية والحل الأمثل بالنسبة لهم بعدما عجزت هذه الفئة من الانتظار الطويل في الوعود والآمال للمستقبل، ومن هنا جاءت كارثة منطقة تيماء بين رجال الأجهزة الأمنية الذين يطبقون النظام والقانون وبين مجاميع البدون الذين يريدون التعبير عن رأيهم للرأي العام بأي وسيلة كانت، حقيقة نحن لا نريد أن تتطور الأمور إلى هذا المستوى وتنتهي الأحداث إلى ما لا تحمد عقباه، ولكن ما نريد قوله إن الوقت الحالي غير ملائم للخروج إلى الشارع وخلق جو من التوتر والتأزيم بعد أحداث اقتحام مجلس الأمة في وقت قصير، فما حدث في منطقة تيماء من ضرب وشجار وتعدٍ على مجاميع «البدون» ناتج من رفضهم تنفيذ أوامر وزارة الداخلية التي سبق وأن حذرت من مسلك التظاهر وتأجيج الشارع والتجمعات غير المرخصة، فلو كان هناك ترخيص لما حدثت هذه الأحداث المؤسفة لـ «البدون»، ففي الواقع نحن لسنا مع أجهزة الداخلية في ضرب المتظاهرين من «البدون» من كبار السن والنساء والأطفال، ولا في منع الحريات العامة للتعبير عن الذات بطرق سلمية، ولا مع فئة «البدون» حينما تتظاهر وتتجمع من دون ترخيص، ولكننا نخشى أن تتطور الأمور إلى الأسوأ وتتحول إلى كارثة أكبر مما نتصور في المستقبل، وعندئذ ليس أمام الأجهزة الأمنية سوى استخدام العنف والأسلحة الخفيفة كما حدث لأناس هم أبناء البلد وطال نوابا سابقين وناشطين، فلا أحد فوق القانون!!
لذا، أناشد فئة «البدون» أن يتحلوا بالصبر قليلاً هذه الأيام حتى نرى ثمار وعود الحكومة وبالذات اللجنة المركزية لـ «البدون»، فهناك تحركات ايجابية، في حين لا نريد أن تتوعد الحكومة في تغليظ العقوبات ضدهم مثل: سحب المنازل الشعبية وسحب الجواز الموقت وتفنيش العاملين في السلك العسكري الذين يصرون على مشاركة التظاهرات، ثم الإصرار على المشاركة رغم التحذيرات يزيد «الطين بلة» لأن الأجواء الحالية لا تتحمل المزيد من التوترات والفوضى، فهناك مَنْ يعتقد أن طرح مشكلات «البدون» وتأجيج الشارع للقضية في وقت الانتخابات البرلمانية هي فرصة مناسبة لكي تكون مادة خصبة للطرح في ندوات المرشحين أو على الأقل حتى تطرح تحت قبة البرلمان المقبل، ولكن خطوات التعنت هذه قد تضر القضية أكثر ما تنفعها، ولعلنا لاحظنا رد فعل الحكومة أخيراً عند تغليظ العقوبات على فئة «البدون» في حال المشاركة الجماعية للتظاهر وزج البعض ممن يحملون جنسيات عربية وغيرها بين مجاميع «البدون» على انهم «بدون» وهم في الواقع ليس لهم صلة بمعاناة «البدون» الحقيقيين الذين لهم اثباتات منذ عشرات السنين.
نعم هناك من «البدون» من يستحق الجنسية الكويتية، خصوصا العسكريين ولكن لم يأخذ حقه قانونا والآن أبناؤه يدفعون ثمن التأخير والمماطلة، ولعل ملفات إعلان الرغبة لهذه الفئة القابعة في ادارة الجنسية هي خير شاهد، فاللجنة المركزية لـ «البدون» تقوم بواجبها المطلوب ولكن بشكل بطيء جداً، فالخطوات التصحيحية يجحب أن تكون سريعة، ومن يقع عليه الاختيار بمنحه الجنسية الكويتية يجب ألا ينتظر رحمة الدفعات السنوية!!
من الممكن أن تتراكم أعداد طلبات التجنيس أكثر فأكثر في حال التأجيل والدراسة، وأن تباطؤ الحكومة في التعامل مع هذا الملف لأمر يبعث على الدهشة ويثير الكثير من علامات الاستفهام رغم توافر جميع المعلومات المطلوبة لاستحقاق الجنسية من عدمه، لهذا لماذا لا تحسم الحكومة هذا الموضوع وتعطي كل ذي حق حقه؟! نعم نحن لا نريد أن تتدخل دول أخرى في قضية البدون في الكويت ولا نريد أن تكون هذه القضية الإنسانية مادة خصبة لتشويه سمعة الكويت في المحافل الدولية بين حين وآخر، خصوصا تقارير حقوق الإنسان التي تصدر دوريا وتتهم الكويت بإساءة معاملة هذه الفئة ومصادرة الكثير من حقوقها والمتاجرة بالبشر… لذا على الحكومة أن تنهي قضية «البدون» في أسرع وقت ممكن عن طريق اعطاء الجنسية لمن يستحقها منهم أو كشف جنسيات من يدعي أنه من فئة «البدون» وهو يحمل جنسية دولة أخرى وما أكثرهم في هذه الأيام!!
نكرر ما ذكرناه في السابق بأن ليس في صالح الكويت أن تتباطأ في حل قضية «البدون» الأزلية وعلينا ألا نواجه المشكلة بمشكلة أخرى أو حتى نتجاهلها وكأنها غير موجودة… فنحن في عصر جديد، عصر التقدم والمتغيرات وكل شيء يجب أن يتغير، إما نحو الأفضل أو الأسوأ… فهل وصلت الرسالة؟!! ولكل حادث حديث.