أقلامهم

السفير السوري يستنتج بعد تأمل طويل … ولن ينحني


الإرهاب الإعلامي ضد سورية 


بسام علي عبد المجيد 


استهداف عناصر القوة في الدولة بهجوم منهجي على قياداتها وشخصياتها الدينية
اصطناع حاجز عدم ثقة بين الدولة والشعب وإظهار الاقتصاد بحالة وهن وضعف
اعتماد خطاب عاطفي يوقظ الغرائز لزرع الفتنة واختلاق نزاع وفوضى على الأرض
تبني بعض وسائل الإعلام لمواقف أظهرتها طرفاً في الأزمة لا مجرد حامل رأي
حشد أطراف سياسية تناصب سورية العداء للإدلاء برأيها على حساب الأمانة المهنية
الطعن بمصداقية الإعلام الحكومي وادعاء أن كل إعلام يدافع عن سورية غير موثوق
التحريض يومي الأربعاء والخميس وإظهار الوضع كل جمعة خارج سيطرة الحكومة
الترويج لعجز الدولة عن معالجة الأزمة ولجوئها للسلاح لتفريق المتظاهرين وقتلهم
إغفال أعمال الجماعات المسلحة وتدميرها للمنشآت وقتل الأبرياء مدنيين وعسكريين
بث «تقارير دموية» واستغلال صور الأطفال لتأليب الرأي العام ضد قوى الأمن والجيش

«أن تسيطر على وسائل الاعلام المؤثرة على النطاقين العربي والعالمي وتوجهها لخدمة اهدافك وغاياتك يعني انك سيطرت بشكل غير مباشر على موارد كثيرة، لتحدد في وقت لاحق وقت استثمارها وتطويع تكنولوجيا الحداثة والتطور كمساعد لها في بلوغ مراميك التي تبدأ بالحرب النفسية وتنتهي بتعميم الفوضى».
بهذا الاستنتاج المتواضع الذي توصلت اليه بعد تأمل طويل في الاسباب التي اوصلت الازمة في سورية الى ما هي عليها اليوم، اقرأ الدور السلبي الذي لعبته بعض وسائل الاعلام العربي منها والغربي في تلك الأزمة، والمآل الذي اوصلت البلاد والعباد اليه، بعد مضي عشرة اشهر على حرب شنتها تلك الوسائل (مقروءة ومرئية ومسموعة) على المستويين العربي والعالمي، لم يخفت خلالها صوت التضليل الموجه او يوفر شخصية او جهازا حكوميا او حتى مواطنين ـ افرادا عاديين ـ داخل الدولة او خارجها الا وجعلت منه هدفا لها بروايات ما انزل الله بها من سلطان، بعضها يفضح نية الاساءة المباشرة وتعمد تشويه الحقائق والوقائع الحاصلة على الارض، وبعضها الآخر يصل بالمشاهد او القارئ الى مرحلة من التشكيك بكل ما حوله حتى لو كان واثقا من مصداقيته لكنه لم يره بالعين المجردة.
هجوم منهجي
عشرة اشهر مضت على هجوم اعلامي منهجي ومدروس شنته تلك الوسائل على ركائز الدولة السورية ومقوماتها واستهداف كل عناصر القوة فيها القيادية والسياسية والعسكرية والدينية، واصطناع حاجز عدم الثقة بينها وبين الشعب مع التركيز المطلق على تشويه صورة الجيش العربي السوري وتغييب عاملي الامان والاستقرار اللذين كانا ابرز ملامح سورية الحديثة، والعمل على اظهار الاقتصاد السوري بحالة وهن وضعف سعيا لانهاكه واختلاق حالة تملل وضغط شعبي تؤدي بالناس الى الانفجار في وجه بعضها البعض من جهة، وفي وجه الدولة من جهة اخرى، معتمدين في ذلك على خطاب عاطفي يوقظ الغريزة النائمة في داخل كل انسان بتصوير المشهد له وكأنه امام حالة موت او حياة، فإن لم يكن البادئ بالدفاع عن نفسه فسيكون التالي بعداد القتلى ليصلوا الى صورة الحرب الحقيقية على الارض، بدليل ما كشفته فضائح الصوت والصورة وحتى الادعاءات في اكثر من موقف وعلى اكثر من جهة ضمن محطات عدة شهدت انكشاف الخدعة المهنية وانعدام اخلاقيات العمل الاعلامي لتلك الوسائل.
زرع الفرقة
عملت تلك الوسائل ايضا على زرع الفرقة بين المواطنين والاجهزة الاعلامية الموجودة في البلاد حتى لو لم تكن رسمية عبر الطعن بمصداقيتها وادعاء ان كل اعلام يدافع عن سورية هو اعلام تابع وموضع شك، ثم التعتيم على كل وسيلة اخرى اي كان مصدرها تريد الوقوف في المنتصف بين الرأيين، ولو لم تكن مؤيدة اساسا لرواية الدولة الرسمية جراء الاحداث التي تعصف بالبلاد، ما ادى في نهاية المطاف الى ابتعاد الجميع عن وسائل الاعلام التي تقدم رواية المؤامرة ومحاولة النيل من سورية حتى لو لم تكن وسيلة سورية وتركيز الاهتمام على ما تقوله فضائيات مغرضة ومضللة والاخذ به وكأنه دليل قاطع على ادانة الدولة، متذرعين بتغييب الاعلام الحر عن الساحة السورية وعدم السماح له بمواكبة المشهد، وفي هذا من الظلم الكثير، اذ لا يعقل ـ وان كان هذا الكلام صحيحا ـ ان ترفض تلك الفضائيات بقصد وعن سابق اصرار كل الوقائع والمشاهد والمناظرات التي تؤيد رواية الدولة والآتية من مصادر غير مصادرها على حساب وجه احادي في شتى المجالات يبطل فاعليتها في ابراز الحقيقة ويثبت رواية من يكيدون لسورية ويعملون على تفكيك منظومتها الاجتماعية والاقتصادية والفكرية والغاء دورها الاقليمي بدءا من بعض ألسنة المعارضة المؤتمرة بـ «كونترول القوى الخارجية» وصولا الى ترويج اشاعات واقاويل بغية اللعب على وتر الصمود الشعبي وقطع صلته وثقته بالدولة، وانتهاء بتبني المواقف وتأييدها وكأن الوسيلة الاعلامية صارت طرفا في المعادلة وليست مجرد راصد حالة لوجستية او حامل رأي يحتمل الى جانبه رأيا مخالفا او معارضا لما يقوله، دون اغفال التحشيد الهائل لأطراف سياسية تناصب سورية العداء للادلاء برأيها على حساب الامانة في النقل والتعبير، وليس ببعيد عنا «جيش شهود العيان» الذي طلعت علينا بهد لفترة طويلة من عمر الازمة، اضافة لتقصدهم المباشر لفعل التزوير والاقتطاع في احاديث وحوارات ومقابلات بعض المسؤولين.
تحريض مبطن
لو عدنا بالذاكرة قليلا الى اشهر مضت، لرأينا اهتمام بعض تلك الوسائل غير المسبوق وتركيزهم منقطع النظير على يومي الاربعاء والخميس دون ايام الاسبوع الباقية، والشحن غير الطبيعي الذي يضعون المواطن السوري في حقل تجربته لاظهار ان الاوضاع في كل جمعة تلي هذين اليومين خارج سيطرة الاجهزة الحكومية، وان الشوارع تغص بالمتظاهرين والدولة تعاني من عدم القدرة على معالجة مجريات الاوضاع ونتائجها، وتلجأ لاستعمال السلاح لتفريق الناس وترهيبهم بالقتل، متغافلين عن ادوات الارهاب وجماعاته المسلحة في سورية وما تفتعله من خراب وتدمير للمنشآت الحكومية وتهديد للناس في ارزاقهم ومعيشتهم وقتل للابرياء من مدنيين وعسكريين، مع حرفية ودهاء ليس لاحد انكاره في صياغة المادة الخبرية وتقديمها بطريقة استفزازية عبر تقارير مصورة تركز على منظر الدم واستغلال صور الاطفال وكلامهم في شحن الرأي العام الداخلي والخارجي ضد قوى الامن والجيش، وهز هيبة الدولة في عين مواطنها، ما ادى في بعض الحالات الى لجوء مواطنين مدنيين غرر بهم الى التخريب والتدمير للممتلكات الخدمية العامة واحيانا الممتلكات الخاصة، وفقدان الثقة بالدولة لتصل الامور في نهاية المطاف الى الاعتراف بأن هناك ازمة غير قابلة للحل وان مراسيم وتشريعات وقوانين الاصلاح التي قدمتها الدولة لاحتواء الموقف وتلبية المطالب المحقة والشرعية لابنائها لا يمكن ان تتحقق، وبالتالي هناك حالة فوضى عارمة وبداية انهيار لمنظومة السلامة في البلاد، ولابد من اقتراح بدلائل لانقاذ الشعب من ايدي الامن والجيش.
غياب الموضوعية
لن اقف كثيرا عند المعايير المهنية لكتابة الخبر او تقديمه او حتى معاينة المشهد التلفزيوني المعد عبر تقارير تبثها بعض الفضائيات على انها تفتقر للمصداقية والموضوعية، لأن ذلك من اختصاص اهل الاعلام وخبرائه وهم ادرى بوسائلهم وادواتها «ما بطن منها وما ظهر»، وما هو اهم من هذا اكتساب المواطن السوري لخبرة اعلامية مجانية منحته اياها آلاف العثرات التي وقعت بها تلك الفضائيات ومن بعدها الكثير من الصحف مع قدرته على اكتشاف الخلل والزلل الذي بدا واضحا في تلفيق المئات من الاخبار والمقاطع والصور.
صمود وعزيمة
من حاول النيل من موقف سورية ووحدتها واستقرارها وعزيمة شعبها، الى جانب الاساءة لسمعة الدولة وقياداتها لم يخطئ ربما في اعتماد وسائله وادواته، لكنه اخطأ حتما في اختيار الشعب والدولة، اخطأهم نعم، واضاع امواله التي قدرها البعض بمليارات الدولارات المدفوعة لوسائل اعلامية لا تعد ولا تحصى، اضافة لاعتماده على خبراء الحرب النفسية سبيلا لإحداث البلبلة والفوضى في نفس المواطن السوري قبل احداثها على الارض، واستئجاره لآلاف الاقلام لخدمة مشروعه واجنداته التآمرية، فما اثبتته الوقائع يقول انه وعلى الرغم من عدة وعتاد كل تلك الوسائل، لم تزل سورية كما كانت، وستبقى عصية على اعدائها، قوية بايمان شعبها وصمود مواقفها، وان كان للجبل ان يتأثر بهزة ارضية او عاصفة هوجاء فليس له ان ينحني، ولن ينحنى.