أقلامهم

وليد الرجيب : نرجو أن تكون نتائج الانتخابات جرس انذار للقوى الوطنية منبهاً لها كي تراجع نفسها ومواقفها

ابتعاد القوى الوطنية عن الجماهير

وليد الرجيب 
لا شك أن خسارة عناصر التيار الوطني الفادحة في الانتخابات مؤلمة لنا جميعاً، ولكنها كانت متوقعة عاجلاً أم آجلاً، وأنا أزعم بأن أحد عناصر القصور في التيارات الليبرالية هو تكوينها، الذي هو أشبه بالديوانيات أوالتجمعات الانتخابية، ولم يقترب من الهيكلية الحزبية أو يعتمد المبادئ التنظيمية كما هو حاصل في الحركة الدستورية مثلاً، وحتى مؤتمراتها التي لا تعتمد تمثيل المندوبين، سواء كان مناطقياً أم مندوبي هيئات أم مجاميع، وهي في النهاية جمعيات عمومية مثلها مثل الجمعيات العمومية في جمعيات النفع العام.
ولا تعتمد هذه القوى على مبادئ الديموقراطية والأكثرية والأقلية، ولكنها مبنية على زعامات ومريدين، وهذا خلل كبير في البناء التنظيمي، وتراجع عما كان سائداً في الستينات، عندما وجدت بعض التنظيمات السياسية التي اتخذت من المبادئ التنظيمية أساساً هيكلياً في بنائها.
ولا يجمع أعضاء هذه التجمعات توافق أو خط سياسي أو فكري أو أيديولوجي، في ما عدا التوجه الوطني العام الذي يضم طيفاً عاماً من التوجهات ذات الصبغة الوطنية، وهذا بالتأكيد لا بد وان يعرقل مسيرتها وتطورها ونفوذها الجماهيري، رغم وجودها التاريخي الذي كان فاعلاً على الساحة السياسية الكويتية.
ولقد كتبت مقالين متتاليين، وأعقبتهما بمقالات متفرقة حول أزمة القوى الوطنية في الكويت، وكان ذلك منذ سنتين، ولكنها لم تعجب الكثيرين منهم، واعتبروها طعناً وشقاً للصف الوطني، بينما كان القصد هو التنبيه لتصحيح وضع التيار الوطني الذي نؤمن بضرورة وجوده، وبتاريخه الحافل بالانجازات الوطنية.
ومن ضمن أوجه قصور هذه القوى هو عدم سماعها لصوت الجماهير ونبض الشارع، واكتفاؤها بالخطاب السياسي النخبوي وبالتعالي على الجماهير وهمومها، وعدم فهم واستيعاب ما يريده الشارع، بل اعتبار ذلك شكلا من أشكال الغوغائية ولم تفرق بين المطالب الشعبية والشعبوية، ورفضت بعض عناصرها الاضرابات المطلبية.
كما اختصرت عملها السياسي الوطني بالانتخابات النيابية، التي لاشك أنها جزء من العمل السياسي الوطني ولكنها ليست العمل الوطني الوحيد حتى يتم التركيز عليه، فالشارع ومطالبه هما الأهم والجماهير هي التي تعطي الشرعية لأي قوى سياسية، فاذا ما ابتعدت عن الجماهير ابتعدت الجماهير عنها.
كما أن عدم التجانس في ما بين أعضائها انعكس على عدم تجانس الكتلة النيابية الوطنية، وساد فيها التذبذب في المواقف، ما أفقدها ثقة الناس، رغم محدودية عددها في البرلمان.
كما كان لهذه القوى موقف سلبي من قانون المديونيات وقانون الخصخصة، الذي رفضته الجماهير لأنه ضد مصالحها، كما فقدت هذه التنظيمات قوى رديفة هي النقابات والاتحادات العمالية، التي لعبت دوراً حاسماً في العمل الوطني.
ونرجو أن تكون نتائج الانتخابات جرس انذار للقوى الوطنية منبهاً لها كي تراجع نفسها ومواقفها، وأن تعيد لدورها الوطني ألقه وبريقه، في ظل متغيرات دولية وعربية وحراك شعبي لم ينته دوره بعد، وأن الحل لا يكمن في المؤتمرات الطارئة والاستثنائية، ولكن باعادة الهيكلة وتصحيح المواقف.