محليات

عدد الوزراء "بين الاستحقاق الدستوري والتكتل الحكومي"
الجدعي يطرح رؤيته القانونية لعدد الوزراء ومدى تأثر السياسة العامة للدولة بالتشكيل الوزاري

أكد أستاذ القانون الدستوري في جامعة الكويت د.فواز الجدعي أن السبب الرئيسي في كثرة المشاكل الدستورية في الكويت وفقدان الرقابة وتهميش المسائلة والمسؤولية بالتبعية هو كثرة توزير الوزراء من خارج البرلمان فلا الاستجوابات أصبحت تنفع ولا التشريع الشعبي يقر وأغلب التكتيكات الحكومة التي تشوبها صفة عدم الدستورية تقر نتيجة الاستحواذ على الأغلبية بإضافة 15 صوت من خارج البرلمان.
وأشار الجدعي أن القارئ لمحاضر لجنة صياغة الدستور سيدرك أن التوجه العام السائد في المجلس التأسيسي كان نحو التوجه لتوزير أكبر عدد ممكن من الوزراء من داخل البرلمان من الأعضاء المنتخبين.
وفيما يلي الطرح القانوني الذي قدمه الدكتور فواز الجدعي: 
-محاضر لجنة صياغة الدستور:
1-في الاجتماع السابع المنعقد بتاريخ 22/5/1962:
وكانت بحضور كل من (عبداللطيف ثنيان الغانم، الشيخ سعد العبدلله، حمود الزيد الخالد، سعود العبدالرزاق، يعقوب الحميضي) وحضور (الدكتور عثمان خليل عثمان، والاستاذ محسن عبدالحافظ، والسكرتير علي الرضوان)
في هذا الاجتماع تم تلاوة مقترح المادة 66 آنذاك التي تطرقت لعدد الأعضاء  فقال رئيس المجلس (عبداللطيف الثنيان الغانم) : 
“أن تجربتنا في المجلس التأسيسي الحالي أثبتت أننا في حاجة أكثر إلى اكبر عدد ممكن من الكفاءات فهناك حالياً لجان لا تكاد تجد العدد اللازم من الأعضاء اللازمين لها….. كما ان (المجلس القادم سينشغل منه عدد من الأعضاء الأكفاء نصف عدد الوزراء على الأقل)..”
فقال الغانم رحمة الله عليه أن نصف عدد الوزراء على الأقل سيتم اختيارهم من النواب المنتخبين وهذا هو التوجه السليم دستورياً لحظة صياغة الدستور والذي يجب إتباعه في الوقت الراهن. 
2-الاجتماع العاشر المنعقد بتاريخ 2/6/1962:
تم تلاوة من ضمن ما تلي في الاجتماع الاقتراح المقرر للمادة 56 وكانت كالأتي: 
” يعين الأمير رئيس مجلس الوزراء بعد المشاورات التقليدية ويعفيه من منصبه كما يعين الوزراء ويعفيهم من مناصبهم بناء على ترشيح رئيس مجلس الوزراء (ويكون نصف الوزراء على الأقل من أعضاء مجلس الأمة)”
ثم بدأ النقاش بطريقة حادة بعد استفهام المستشار الحكومي محسن عبدالحافظ بقوله ” لماذا جعلنا نصف الوزارة من مجلس الأمة؟) وتم التجادل في المسألة بين تأييد جميع الأعضاء للمقترح ومعارضة عبدالحافظ حتى تكلم الشيخ سعد رحمة الله عليه بالقول ” اذا كان المقصود من هذا النص كما ذكر الأستاذ محسن عبدالحافظ هو إبعاد العائلة الحاكمة من الوزارة فأنني أرى إنهاء المناقشة لهذا الحد والنص على هذا صراحة دون لف ودوران…”
وبين الدكتور عثمان خليل عثمان خطا إعتقاد الاستاذ محسن وأن الأمر متروك للأمير أن شاء عين النصف الأخر من أبناء الأسرة وأن أراد عين من غيرهم
وتم التجاذب وكان التوجه العام أن تعيين الوزراء الأصل أن يكونوا من داخل مجلس الأمة.
3-الاجتماع 15 المنعقد في 30/6/1962:
تم هنا الاختلاف بين الشيخ سعد العبدلله وبين الدكتور عثمان خليل عثمان بغياب الاستاذ محسن عبدالحافظ على ألية تحديد تعيين الوزراء من خارج المجلس وتم الاختلاف على كلمة (يجوز) تعيين الوزراء من خارج مجلس الأمة من قبل الشيخ سعد.
-النص الحالي:
-استقر الرأي على ما ورد في المادة 56 من الدستور
“يعين الأمير رئيس مجلس الوزراء، بعد المشاورات التقليدية ويعفيه من منصبه. كما يعين الوزراء ويعفيهم من مناصبهم بناء على ترشيح رئيس مجلس الوزراء.ويكون تعيين الوزراء من أعضاء مجلس الأمة ومن غيرهم.”
-كما ذكرت المذكرة التفسيرية أن يتم تعيين الوزراء من داخل مجلس الأمة مع التوسع بالقدر المستطاع:
” اقتضت ظروف الملاءمة ومراعاة واقع الكويت كذلك ألا يؤخذ على نحو مطلق بالقاعدة البرلمانية التي توجب أن يختار الوزراء من بين أعضاء البرلمان ، ومن ثم تمنعه تعيين وزراء من خارج البرلمان ، وهي قاعدة ترد عليها استثناءات متفاوتة في بعض الدساتير البرلمانية. لهذا لم يشترط الدستور أن يكون الوزراء أو ‘ نصفهم على الأقل ‘ من أعضاء مجلس الأمة ، تاركا الأمر لتقدير رئيس الدولة في ظل التقاليد البرلمانية التي توجب أن يكون الوزراء قدر المستطاع من أعضاء مجلس الأمة . وفي ذلك أيضا مراعاة لتلك الحقيقة الحتمية وهي قلة عدد أعضاء مجلس الأمة (وهم خمسون عضوا) تبعا لعدد السكان ، مما قد يتعذر معه وجود العدد الكافي من بين هؤلاء الأعضاء لسد حاجة البلاد من الوزراء اللازمين لحمل أعباء الدولة في هذه المرحلة التاريخية من حياتها ، مع ضرورة احتفاظ المجلس كذلك بعدد كاف من الأعضاء القادرين على أداء رسالة هذا المجلس ولجانه المتعددة . لذلك كله قررت الفقرة الثانية من المادة 56 من الدستور أن ‘ يكون تعيين الوزراء من أعضاء مجلس الأمة ومن غيرهم ‘ وبذلك يكون التعيين وجوبيا من الفئتين في ضوء الأصل البرلماني المذكور والتقاليد البرلمانية المنوه عنها، ومقتضى ذلك – كما سبق – التوسع قدر المستطاع في جعل التعيين من داخل مجلس الأمة .” المذكرة التفسيرية 4،أ،3، أولاً التصور العام لنظام الحكم
لذلك ما يحصل الأن من التوسع في توزير الوزراء من خارج البرلمان والاكتفاء بالمحلل من داخل البرلمان هو إعمل للإستثناء دون الأصل ويجب أن تتوقف الحكومة عن هذه الطريقة بالتوزير الذي تستهدف منه زيادة أعداد الأصوات المؤيدة لها في البرلمان وليست قائمة على نهج سليم.
مثال 1:
-في ظل الوضع السائد (إقرار القوانين)
أ‌-_ المجلس=50     الحكومة:15   المجموع: 65
لكي يقر قانون نحتاج 33 صوت
ب‌-_ فلو تم تطبيق المنهج السليم للدستور على سبيل المثال لو تم توزير 8 وزراء من النواب مع ان الدستور بالمذكرة التفسيرية نص على الأخذ بالوزراء من النواب بأكبر قدر ممكن
المجلس=50     الحكومة: 8    المجموع: 58
فيكفي لإقرار قانون الحصول على 30 صوت فقط

في حال طرح الثقة:
أ‌-_ عدد النواب الوزراء 1 فيتبقى من البرلمان 49 لذلك يكون العدد المطلوب لطرح الثقة هو 25 نائب من غير الوزراء ويمتنع النائب الوزير عن التصويت
ب‌-_ في حال توزير 8 نواب فيكون عدد الأعضاء الغير وزراء 42 لذلك يكفي لطرح الثقة بالوزير الحصول على 22 صوت
وبالتالي سينتج عن توزير النواب المنتخبين بالقدر الممكن تفعيل أدوات التشريع من جهة والرقابة من جهة أخرى من قبل البرلمان ولكن أن تقوم الحكومة بجلب 15 عضو لصالحها ورفع سقف الأغلبية المطلوبة لإقرار القوانين.
-حل البرلمان والحد منه بالتوزير البرلماني:
كما يستتبع هذه المسألة نتيجة مهمة وهي أن الحكومة لو كانت مشكلة بأغلبية برلمانية فإن الوزراء لن يفرطوا باستخدام الحل الوزاري للمجلس لأنهم سيفقدون العضوية بالتبعية وسيتعرضون للعودة للشعب ولكن لقلة التوزير النيابي، فالوزير الغير منتخب لا يهمه ان تم حل البرلمان أم لا فلا شيء يخسره وهذه أيضاً تتعارض مع أصول النظام البرلماني التقليدي الذي يفترض ان الدستور الكويتي تكون أقرب ميلاً في اتجاهه.
-الصراع على الرئاسة:
-يسري على الرئاسة المثال السابق المتعلق بتشريع القوانين فالعضو الذي لا يحظى بتأييد حكومي يجب عليه أن يتجاوز 16 صوت مضافاً اليها أصوات من لا يرغبون بالتصويت له.
-ولكن لو افترضنا أن عدد النواب الوزراء 8 بالتالي يكون مجموع الأصوات 58 ومن يستطيع الحصول على 30 صوت يستطيع الحصول على الرئاسة لكن الوضع الحالي يرفع من سقف العدد المطلوب بطريقة صورية بحيث لم يعد للإرادة الحقيقة للشعب دور في تقرير المصير. 
-لذلك فجميع المشاكل الدستورية ناتجة ولا شك من الإفراط بالتوزير من خارج البرلمان بالرغم من ان الأصل هو التوزير من داخل البرلمان.