أقلامهم

حسن جوهر : صفة الرشيدة تلاشت منذ زمن بعيد … بل تحولت إلى طريقة من طرق التندر والسخرية بسبب الفشل الحكومي


الحكومة الرشيدة!

د. حسن عبدالله جوهر


مجلس الأمة هو نتاج إرادة شعب كامل بكل تناقضاته ويشبه إلى حد كبير تسوق العائلة الواحدة من الأم والأب والأولاد في سوق شعبي ينتهي بها المطاف إلى ملء عربة كبيرة من المصنفات المختلفة، أما رئيس الوزراء فيمكن تشبيهه بمن يذهب إلى التسوق في محل راق للحلويات لينتقي عدداً محدوداً من أنواع الكيك يفترض أن تكون المفاضلة بينها حسب الجودة ولذة الطعم.
بعد أن قال الشعب كلمته من خلال صناديق الاقتراع تتجه الأنظار نحو ما سيقوله سمو الشيخ جابر المبارك عبر تشكيلته الحكومية، وجرى العرف أن يطلق على الحكومة بالرشيدة تقديراً لأسماء السادة الوزراء ودورهم المحوري في إدارة شؤون البلد.
ولكن صفة الرشيدة قد تلاشت منذ زمن بعيد، بل تحولت إلى طريقة من طرق التندر والسخرية بسبب الفشل الحكومي تلو الآخر، وتراكم المشاكل وتدهور أحوال البلد حتى وصلت الحال إلى القلق على مستقبل الديرة، ولهذا فإن الآمال معقودة على استرجاع مفهوم الرشد الحكومي كخيار حتمي لا بديل عنه، وهنا تقع المسؤولية الكبيرة على شخص رئيس الوزراء في إعادة روح الأمل والتفاؤل للشعب الكويتي .
 فعملية اختيار الوزراء وإن كانت مهمة صعبة تبقى أسهل بكثير من اختيار مجلس الأمة. فمجلس الأمة من جهة هو نتاج إرادة شعب كامل بكل تناقضاته الفكرية والسياسية والاجتماعية وتفاوت مستوى الثقافة لديه، ومزيج معقد من الأذواق والأولويات، ويشبه إلى حد كبير تسوق العائلة الواحدة من الأم والأب والأولاد في سوق شعبي، حيث ينتهي بها المطاف إلى ملء عربة كبيرة من المصنفات المختلفة .
 أما رئيس الوزراء فيمكن تشبيهه بمن يذهب إلى التسوق في محل راق للحلويات لينتقي عدداً محدوداً من أنواع الكيك يفترض أن تكون المفاضلة بينها حسب الجودة ولذة الطعم.
ولعل فرصة سمو الرئيس كانت أكبر حتى من عموم الشعب الكويتي سواء في المدة الزمنية للاختيار أو عدد المرشحين، ففي أصغر دائرة انتخابية تجاوز عدد المرشحين الخمسين مرشحاً كان على الناخبين الاختيار منهم خلال شهر واحد فقط، أما الرئيس المكلف فكان أمامه فترة أطول بدأت مع حل البرلمان في بدايات شهر نوفمبر، وتنتهي قبل منتصف هذا الشهر، وهي مدة كافية لاستقراء الوضع العام واستعراض الأسماء والمهام، وقبل ذلك كله إعداد رؤية شاملة لمستقبل الكويت.
وإذا صحت بعض التسريبات بشأن تعيين النائب الأول من عامة أبناء الشعب إضافة إلى بعض وزارات السيادة، فهذا بلا شك بداية صحوة سياسية متطورة تحسب للقيادة الكويتية، ولرئيس مجلس الوزراء، ومع ذلك أتمنى أن يقدم الشيخ جابر المبارك على خطوة شجاعة أخرى وغير مسبوقة متمثلة بعقد مؤتمر صحافي يصارح من خلاله الشعب الكويتي بأولويات حكومته وبرنامجه المستقبلي، وإعلانه الصريح بفتح ملفات الفساد بكل شفافية، وكيفية إدارته لشؤون الدولة والارتقاء بها من خلال مؤشرات زمنية محددة وقابلة للقياس والمتابعة والمحاسبة، ويعلن أسباب ومعايير اختياره لوزرائه في إطار مشاورات حقيقية وجادة مع أعضاء مجلس الأمة لتكون حكومته فعلاً رشيدة!