أقلامهم

عدنان فرزات : روسيا في الأزمة السورية مثل العشيقة المتطلبة … لن تكفَّ عن ابتزار «حبيبها»

الفيتو الروسي خسارة فيه ثمنه

عدنان فرزات 
روسيا الآن في الأزمة السورية مثل العشيقة المتطلبة، فهي لن تكفَّ عن ابتزار «حبيبها» النظام، الذي بدوره يدرك بأن روسيا كسائر الدول المهيمنة .
 لن توزّ.ع الصدقات على روح لينين، فهي تملك بطاقة «بزنس» اسمها «الفيتو»، الذي قد يصل ثمنه إلى عشرات المليارات، عدا الامتيازات الأخرى كالقواعد العسكريّة، وتصدير الشقراوات الحسان.
ولكن مع ذلك، فإن ثمن الفيتو الروسي خسارة فيه، للأسباب التالية: فهذا الفيتو قد يحل المشكلة دولياً بالحيلولة دون تدخل عسكري، لكنه لن يحلها داخلياً، فالأزمة السورية اليوم مفتاحها في الداخل، فهو بيد الشعب الذي يخرج يومياً إلى الشارع، وهو الذي يقرر، بدليل أنه لا الفيتو ولا القصف استطاعا أن يهدئا من روع الناس الذين ــــ كما يبدو ــــ يصرون على المضي في طريقهم.
السبب الثاني الذي يجعل الفيتو الروسي «خسارة فيه» ثمنه، هو أن التحالفات والمصالح بين روسيا ودول العالم أيضاً، يمكن أن تحقق لروسيا مكاسب أكبر من التي يمكن أن تحصل عليها من النظام السوري، ووفق «البازار» السياسي السائد في العالم، فإن هذا الفيتو قد يباع لمكان آخر.
وبذلك فإن الفيتو الروسي، وتابعه الصيني، لم يقدما شيئاً ذا أهمية للنظام في سوريا على المدى البعيد، وان كان يفيده مرحلياً على المدى القصير في البقاء فترة إضافية.. ليس إلا.
الفيتو الروسي، زاد الأمر تعقيداً بالنسبة إلى النظام، أكثر مما زاده بالنسبة إلى الشعب، فهو سيحمله عبئاً كبيراً، ويجعله مستعداً لدفع ثمن هذا «الفيتو» في أي لحظة، خصوصاً بعد ظهور بوادر تشكل حلف خارج نطاق الأمم المتحدة، دعت إليه دول غربية تحت مسمى «أصدقاء سوريا»، ولا أدري دقة هذه التسمية وحجم صدقيتها في ميزان المصالح السياسية التي لا أصدقاء دائمين فيها، ولكن في حال تشكلت هذه المجموعة، فسوف يتعين على النظام في سوريا الالتصاق بروسيا أكثر، وتقديم المزيد لها، مما سوف يشكل إرهاقاً كبيراً مادياً وسيادياً.
روسيا كما يبدو وقعت على كنز، وتفتحت لها «طاقة القدر»، فهي ــــ مالياً ــــ ستكون الرابح الأكبر في الأزمة السورية، وليس لروسيا الآن مكان في العالم تستفيد منه، مثلما تستفيد من سوريا، فهي عمقها الاستراتيجي الأول وربما الأخير، في حال اعتبرنا انها مكبلة القرار بشأن أفغانستان وحتى الشيشان، وحضورها ضعيف في نفوس شعوب الشرق، قياساً إلى حضور الغرب، وأقصى ما يمكن أن تكسبه روسيا اليوم من خارج دولتها ــــ من غير سوريا ــــ هو سيجار كوبي يهديه الرئيس الكوبي الحالي، شقيق الرئيس الكوبي السابق فيدل كاسترو!… أو خطاب يلقيه الرئيس الفنزويلي بالقميص الأحمر.
منذ تأسيس الأمم المتحدة، كان هناك الكثير من «الفيتو» الظالم، وهذا يعني انه يتوجب اليوم على العالم إعادة التفكير بآلية عمل هذا الحق الذي تحول إلى «كرت بنك».