كتاب سبر

كاشغري والمسوّغون!

فمن يهجو رسول الله منكم
                               ويمدحه وينصره سواءُ
                                                            حسان بن ثابت

يُسبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وينتقص من قدره من قبل “قزم” أراد أن يسلك أقصر طريق للشهرة، فإذا به يسلك أسرع طريق لمزبلة التاريخ، أراد أن يقدم الأدب بصورة مختلفة بزعمه، فإذا به يقدم قلة الأدب بأبشع صورة، أراد أن يجعل من نفسه بحسب تعبيره ندّاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا به أحقر من أن يواجه محبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فضلاً عن أن يكون جديراً باعتبار نفسه ندّا له، أراد أن يشكك في وجود الله عزّ وجلّ، فإذا به يجعلنا نشك في وجود عقله، أراد أن ينزل من قيمة رسول الله صلى الله عليه وسلم بادعاء أنه يكره تلك القداسة حوله، فإذا به يحيي تلك القداسة في قلوب محبيه حقّا ومتبعيه صدقاً دون أن يشعر، أراد أن يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وإذا به يؤذي نفسه.
                              كناطحٍ صخرةً يوماً ليوهنها                 فما أضرّ وأوهى قرنه الوعلُ

يهبّ الغيورون دفاعًا عن حبيبهم وقرة أعينهم أبي القاسم صلى الله عليه وسلم من كل حدب صوب، ومن كل قطر ومصر، فالدفاع عنه صلى الله عليه وسلّم لا يحتاج مزيد علم بقدر ما يحتاج مزيد حبّ له وعرفانٍ بفضله على هذه الأمّة، واللافت للنظر والمضحك المبكي هي تلك الأصوات التي تعالت تدافع عن ذلك “القزم” مؤولة لكلامه تارة، ومطالبة باستعمال الشفقة معه تارة أخرى، ومثيرة أحاديث جانبية الهدف منها تهوين الخطأ في عيون المحبين لمقام النبوة، وعجباً ما نشاهد ونسمع ونقرأ للبعض ممن كانوا بالأمس يسوغون للبعض مخالفة القانون واستعمال كافة الأساليب لحفظ جنابهم من سُبّة جاهل، وهم اليوم يتقاعسون عن الدفاع، بل ويسوغون لمن انتقص لمقام النبوة، بالأمس هرعوا يجلبون بخيلهم ورجلهم يتنادون فيما بينهم لينالوا من “القرني” بسبب سرقة فكرية وهم يقولون “لا تيأس” و “لاتسرق” أيضاً ، واليوم عجزوا أن يقولوا لمن نال من مقام النبوة “لا تسبّ”، بالأمس لم يذعنوا لمن طالبهم باحترام القانون وترك ردات الأفعال الغاضبة تجاه “جاهل” و “غير نبيل”، واليوم ينادون بتحكيم صوت العقل، فالمنتقص منه هو أبو القاسم صلى الله عليه وسلّم وليس فلان بن فلان ممن يجلونهم ويوقرونهم ، وليتهم على أقل الأحوال طالبوا بتحويله إلى القضاء ليحكّم فيه الشرع، ولكنهم سارعوا إلى سكب دموع التماسيح مطالبين بالعفو عنه والاكتفاء بعبارة “لاتعينوا الشيطان على أخيكم” ولا أدري هل تشفع هذه العبارة لمن ينال من أعراضهم هم ، وتثنيهم عن الوقوف في قاعات المحاكم؟!
في بلادي ..
احذر تسبّ القبايل
احذر تسبّ العوايل
بين طًرفة وانتباهتها … تشوف من الهوايل
لكن تسبّ النبي وعرض النبي …
أمر اعتيادي ..
تلقى منهو يذود عنّك ويتحجج …
إنك مثقف وصاحب فكر … متحرر …ريادي
وإن بغيت تذود عن عرضه .. يصحّون المبادي
“طزّ” في كل المبادي
في بلادي

فعذراً يارسول الله عن تقاعسنا، مع علمنا بأنك غني عنّا وعن نصرتنا، وكيف لا وقد قال عنك ربك عزّ وجلّ (إلا تنصروه فقد نصره الله)، وعذرا أيّها الدنماركيون فقد شُغلنا عنكم بدنماركيي بلادنا، فبعد “خاس” بُلينا بـ “جمرة”، وصدق من قال: “من دون صهيون بذّتنا صهاينّا”.
لا أخفيكم أنني تعجبني وأفرح كثيراً بردّات الأفعال الشعبية الغاضبة في مثل هذه القضايا وفي مثل هذه الأمور كالطعن في مقام النبوة والمساس بأمهات المؤمنين رضي الله عنهن ، ليس من باب التشمت بالمخطئ حاشا لله ، ولكن من أجل توجيه رسالة واضحة لمن يحمل ذات فكره ويجبن أن يدلي بذات دلوه ، وليُعلم أن نار الدفاع عن المسلّمات لا زالت حية متقدة في قلوب الكثيرين من أبناء الأمة.
في الختام، اعلم أنه بقدر ما يكون امتعاضك وتمعّر وجهك وتعكر مزاجك حين يمس مقام النبوة ويطعن في مسلّماتك، بقدر ما يكون لك من الإيمان في قلبك ، وبقدر ما يعجبك فعل الرجل المخطئ وبقدر دفاعك عنه، بقدر ما تكون شريكا له في ذات الجرم، فاعرض نفسك في ميادين الاختبار واقتص الحق من نفسك.
منصور الغايب