آراؤهم

(المسـيفري)..

بـاقةٌ من أفيـاء الجُـفَــال، وعـطاءٌ من أنــواء الجـمــال!!
في صميم قناعات الحكمـاء، والمؤرخيـن، وأرباب الفكر، ودعاة العلم والأدب.. أن صناعة المستقبل تبدأ من الإحساس بالكلمـة، والنهوض بحاضرهـا وماضيـها ولا يتحقق هذا الإحسـاس إلاّ من خلال
الغوص بالواقـع، والتوغـل في داخلـه، واكتشاف أعماقه، واستخراج درره وكنوزه ومن ثم كتابة ذلك المستقبـل بمداد الحقيقة والتجرّد.
إن أمة بلا كلمة كشجرة بلا جـذور، ولك أن تتخيل الحال لشجـرة تخلّت عن جذورهـا، وتجاهـلت امتدادهـا الأرضـي، فهي لن تلبث أوراقهـا أن تـذبل، وأغصـانها أن تيبـس، وجذعها أن يضعف، فتموت واقفة، أو تهوي بها الريح في وادٍ سحيق.. وبما أن مستقبل الأمة الإسلامية والعربية بتراثها العريق وتقاليدها الراسخـة وتعاليمها السامية هو محـور انطلاقتها نحو أمل أفضل.. فلا غرابة أن تتحرك قوافل اهتمامنا بالكلمة على اعتبار أن الكلمة أصلٌ ثابتٌ في قصة تأسيس عوامل التراث والتقاليد والتعاليم، وهي حلقة هامة في سلسلة مشروع حضاري متكامل تأثيره في كل محفلٍ وعلى كل صعيـد..ولا يستقيم ذلك البناء – إن كنت أرى أنه تشبيهاً لائقاً – ويعلو ويتسامى إلاّ بوضع حجر الأساس.
وفي اعتقادي، إن الكاتبة (نـورة المسـيفري) اسمٌ واحدٌ ولكنها تمثل معجماً لما نحتاجه اليوم.. التـواصل بين الأجيـال.. بين الحاضر والماضي.. بين الأمس واليوم.. بين القريب والبعيد.. بين الفرد والمجتمع..، فمن خلال قنوات إبداعية ومنافذ إعلامية كانت لهذه التربوية المبدعة جهود وأوقات وإمكانات في نشر ثقافة التواصل الفاعل لتجني ويجني معها القارئ العزيز بعض ثمارها…
(نـورة المسـيفري) تقف هناك في قلب الدوحة، تقبض شيئاً من تراب الحياة، تلمس بقايا البيوت القطرية الأصيلة.. بيوت الآبـاء والأجـداد على طراز البحث بسطورٍ تتمسك بالحياة والهواء، وترفض هذه السطور فكرة الاندثار والاختفاء.. معانٍ تؤكد وتجسد سرّ الوجود بين الإنسان والمكان.
قدمت الكثير للقراء، فكانت بوابتها زاوية ” بالعربـي الفصيـح ” الإعلامية في صحيفة العرب القطريةالموقرة، تسـرد ملخصات يوميات مواطنة وإعادة خلق صور جديدةً للمقال المعاصر والطرح المنطقي.
جاءت جرأتها الإبداعية في إطار منظومة عمل دقيق؛ لاستكشاف شيء من دور المواطن القطري بشكلٍ خاص والخليجي بشكل عام وذلك في وصف وتحديد همومه ونكباته وأفراحه وصيحاته.. فأصبحت وبحروفها الحريـرية تجد القوة السحرية التي تجعل القارئ البسيط يقضي وقتاً محلقاً دون توقف كما لوان هذه الكاتبة هي صحة البدن وأنس العقل والقلب في آنٍ.. تجد في مقالاتها أنك تستعيد أو تكتشف أن لك عقلاً، وبين مفرداتها ربما تكون أنت عزيزي القارئ سهلاً أو حقلاً، فلاحاً حاصداً قاطعاً، وربما تكون المحصود والمقطوف، كل العلامات القرائية تُشير إلى أنني سأبقى مستمتعاً في قراءة الكلمة من عمودها “بالعربـي الفصيـح” كما آمل لكم ذلك أعزائي القراء.
تدخلك بأسلوبها الرشيق إلى أعماق تلك القصور الحصينة وتجدها تحكي لك وبانسيابة وبساطة وأيضاً بوضوح، عما يحدث وما تتوقع حدوثه.. وحتى نقاط ضعفها كامرأة وأحياناً ضعفنا تبوح بها رغم أنها نقاطنا الدفينة.
لقد غلب على التربوية والزميـلة الفاضلة (نـورة المسيـفري) الالتزام الإسلامي والطابع الخليجي المتميز، فاتصفـت بمكـارم الأخلاق، وحب الخيـر، ومسـاعدة الآخريـن.. كل ذلك يمثل في كيانها عقيـدة وسجـية لديها.
إن تلاصق حروف وكلمات هذه الكاتبة وتقاربها من الحدث الخليجي يجسد الترابط الاجتماعي لأهل الخليج كافة، كما تراه اليوم في بقايا منطقة قديمة.. فجدران محاورها ونظرتها الفاحصة في اختيار المادة الصحفية. 
الصحيحة والحية نراها تسندُ بعضها بعضاً كما لو أن هنالك حجر منقبي يتناغم مع تكليلة بيت مجاور؛ ليعزفا سويـاً لحـن التعـاضـد والتكاتف، ويفوح كل واحد منهما بعطر النقاء والبساطة.
ومضــة قلم:
علينا أن نبحث في أنفسنا إشـراقة الأمس من جـديـد؛ لتكون نـوراً لحاضـرنا ومستقبلنـا، وبذلك نحقق أروع معاني الحياة والتنفس بقاءً.
غـازي الــدليـمي
إعلامي سـابق – سيناريـست – معـدّ بـرامج تليفزيونية
Ghazi.Dulaimi@Gmail.com
00966534303209