أقلامهم

فيصل الزامل : هل شرعت الشرائع إلا لمداواة أمراض البشر؟ … في بلادنا هناك تخوف غير مبرر من موضوع تطبيق الشريعة

المادة الثانية تحتاج إلى واقعية من الطرفين

فيصل الزامل
التزام النائب بالعمل على تطبيق الشريعة الإسلامية امتثالا لقناعته واستجابة لإرادة المواطنين الذين انتخبوه هو التزام أخلاقي بكل المقاييس يسمو على الأغراض الخاصة، ويستحق الدعم بشكل مؤسسي من قبل الدولة التي أعلنت قبل النائب عن قناعتها بهذا المسار الذي يتفق مع حث الدستور للمشرع في تفسيره للمادة الثانية على الأخذ من الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسي .
 والاستثناء يقضي ألا يعارض ما يؤخذ من غيرها ـ مما تقتضيه الحاجة ـ الأصول والمبادئ الشرعية، وقد أعلنت الحكومة البريطانية عام 2010 عن قناعتها بالمنهج الإسلامي في المعاملات المالية وقررت تدريس مادة البنوك الإسلامية في الجامعات الحكومية على اعتبار انها مادة علمية لا تحول نوعية ديانة الطلبة دون الإفادة منها، وتشترط هيئة الرقابة المصرفية هناك على المصارف التي ترخص لها بالعمل وفق الشريعة الإسلامية إنشاء هيئة للرقابة الشرعية فيها، ولم يمنع النظام العلماني للدولة هناك من القيام بهذه الخطوة الجريئة.
في بلادنا هناك تخوف غير مبرر عند البعض من موضوع تطبيق الشريعة، والسبب هو الفهم الخاطئ لهذا التطبيق وبالذات فيما يتعلق بالحريات الشخصية، رغم صراحة الآية الكريمة (لا اكراه في الدين) وإذا كان السبب هو تركيز الشريعة الإسلامية على الجانب الأخلاقي فهو أمر حميد إذا طبق بالطريقة الصحيحة بغير إفراط ولا تفريط، فالإسلام لا يقر أسلوب محاكم التفتيش، يقول عمر رضي الله عنه «اظهروا لنا محاسن أخلاقكم، ونكل سرائركم الى الله»، وحتى في المملكة العربية السعودية التي يعتبر البعض طريقتها متشددة، دخل على الملك عبدالعزيز بن سعود وفد من حجاج إيران، قال رئيسهم «نحن من حجاج إيران».
فقال: «حيا الله حجاج إيران».
قال: «ونحن من قبيلة تميم».
قال: «حيا الله تميم».
قال: «ونحن شيعة».
قال: «الرب واحد، والقرآن واحد، والنبي واحد، والقبلة واحدة، وما في القلب عند الله».
المطلوب ألا يأخذ هذا المطلب طابع التنافس السياسي وان ينشط المختصون من الفقهاء والمؤسسات المتخصصة في إزالة ما يخالف الشريعة الإسلامية من القوانين بأسلوب مؤسسي على النحو الذي تقوم به «اللجنة العليا للعمل على تطبيق الشريعة» والذي تحقق معه على المستوى الاقتصادي إصدار قانون للمصارف الإسلامية صار بموجبه أكثر من نصف الجهاز المصرفي في الكويت يعمل وفق الشريعة الغراء، وهناك قوانين أخرى كثيرة تقدمت بها لنفس الغرض نشعر بنتائجها وان لم يعرف انها كانت وراء تقديمها إلى الجهات المختصة في الدولة.
هذا الهدف ـ تطبيق الشريعة ـ يحتاج إلى الواقعية، فهو لا يعني «ان الأرض ستملأ عدلا بعدما ملئت جورا» بمجرد تعديل المادة الثانية ـ وهو أمر سيتحقق في ظروف مختلفة عن موضوع حديثنا اليوم ـ ففي الصدر الأول من الإسلام كان هناك بشر خطاءون وهناك صحابة كرام اخطأوا، ولولا واقعية هذا الدين لما كان صالحا لكل مكان وزمان، وهل شرعت الشرائع إلا لمداواة أمراض البشر؟ ولولاها لما كانت هناك حاجة للرسل ولا للتشريعات التي تداوي أمراضهم.