آراؤهم

فشل الإضراب ولكن.. رسالة لمن عارضه

مر يوم الحادي عشر من فبراير على خير، فشل الإضراب أو العصيان المدني، فرح من فرح بهذا الأمر، وحزن من حزن عليه، وسواء اتفقنا أو اختلفنا مع هذه الدعوة للإضراب فإننا كلنا مخطئون، من دعا إليه وأصر على رأيه، ومن رفض الدعوة وهاجمها وحرم الإضراب والعصيان، وخون الداعين إليه، كلنا أخطأنا وكلنا سندفع الثمن قريبًا في ظني.
كنت أحد المعارضين لهذه الدعوة، وكنت أراها خصمًا من رصيد الثورة، واستهلاكا لأحد أهم أسلحتها في غير محله، فالعصيان المدني سلاح مهم جدا من أسلحة الثورة، وما كان يجب اللجوء إليه إلا باتفاق معظم القوى السياسية ولا أقول إجماع لأنه مهما حدث لن نصل لهذا الإجماع، لهذا كان يجب على القوى الداعية إليه أن تتراجع عن دعوتها وألا تستهلك هذا السلاح وتقلل من أهميته، وغير ذلك فإنها صنعت له صورة سلبية في نظر الكثيرين من الشعب المصري الذين تأثروا بالحملة المضادة لهذه الدعوة.
المعارضون في الوقت ذاته، شنوا حملة كبيرة على فكرة الإضراب نفسها، ولم يفرقوا بين الإضراب كسلاح من أسلحة الاحتجاج السلمي، وبين الدعوة للإضراب في هذا اليوم تحديدا، أو في هذا الوقت، انتشرت فتاوى التحريم من هنا وهناك، من المؤسسة الرسمية وغير الرسمية، ولا أعرف من ذا الذي استفتاهم جميعا حتى يفتوا بنفس الفتيا “الإضراب .. حرام”، هذا التعميم الذي وقع فيه الكثيرون قد يضعنا في مأزق خلال الأسابيع أو الأشهر القادمة.
لا يمكن بحال الثقة في وعود المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتسليم السلطة كاملة والعودة إلى الثكنات، ولا يمكن بحال الثقة أنه لن تكون هناك أحداث شبيهة بأحداث بورسعيد، طالما أن المجلس العسكري يصر على أن يتستر على المجرمين والمدبرين لهذه الجرائم، ويصر على حمايتهم وعدم تقديمهم للمحاكمة على الرغم من أنه لو أراد محاسبتهم، فسوف يجمعهم في السجون في 24 ساعة على أكثر تقدير، ولكنه لم يفعل ولن يفعل، ولهذا لا نثق فيه، ولا نثق في وعوده، فقد وعدنا سابقا بأن عام 2011 لن يمر دون وجود رئيس منتخب، وقد أكره إكراها وبعد إراقة دماء على أن يكون هناك رئيس في 30/6 القادم.
في ظل هذه الظروف قد يكون السلاح الذي حرمه البعض ووصفه البعض بأنه تخريب وتدمير، سلاح مطلوب استخدامه في المرحلة المقبلة، إذا حاول المجلس العسكري إطالة أمد الفترة الانتقالية أو أصر على حماية المجرمين اللصوص والقتلة، وانتزع الصلاحيات من الأغلبية البرلمانية المنتخبة الممثل الشرعي عن الشعب المصري، أو حتى نفذ مخطط الانقلاب الناعم على التيار الإسلامي وحاول إغراقه في مشاكل لا حصر لها، أو كان ثمة إصرار على عدم تنفيذ بقية أهداف الثورة.
في هذه الأثناء سنلجأ إلى العصيان المدني أو الإضراب، وسوف تسبقنا أو تشاركنا التيارات الإسلامية، التي صبت جام غضبها على فكرة الإضراب والعصيان المدني، فبأي وجه ستدعو الناس وقتئذ للإضراب، وبأي حق ستمتنع عن العمل، وتحت أي مسمى سيتم تغيير الفتيا حينئذ، لتتحول من التحريم إلى الجواز أو ربما الوجوب، ألم يتعلموا من فتاوى تحريم الخروج على الحاكم؟! ألم يتعلموا التريث في الحكم على الأمور السياسية؟! وهل سيستجيب الناس لهم في ذلك الوقت؟!
ولهذا فإن الجميع قد خسر، ولكن في رأيي فإن من حرم وشوه صورة فكرة الإضراب والعصيان المدني هو الأفدح خسارة، ولسوف يدرك غدا كم ظلم نفسه بموقف متعجل مبني على مصلحة مؤقتة.
ولكن ثمة أمل ظهر من خلال هذا الإضراب، وهو أن صوت الثورة لا يزال هو الأعلى، صوت الثورة هو الأقوى، الكل يخشاه، الحكومة والمجلس العسكري، ولهذا جيشوا كافة مؤسسات الدولة وكافة الأجهزة الإعلامية المملوكة للدولة وأخرى خاصة لمواجهة الإضراب، حتى أكاد أجزم أن غالب الناس لم يسمعوا عن الإضراب إلا من خلال الحملة المضادة له، ولهذا فالأمل في انتصار الثورة وعبورها بمصر إلى بر الأمان موجود وينمو بفضل الله، وسوف تأخذ مصر مكانها بين الأمم بإذن الله.
نحن قوم أعزنا الله بالاسلام فإن ابتغينا العزة فى غيره أذلنا الله.
مجدي داود
Mdaoud_88@hotmail.com