أقلامهم

عبد الرحمن العوضي : كفوا عن اللعب بالألعاب البرلمانية وأوقفوا تهديداتكم ومهاراتكم ولننشغل جميعا في بناء الكويت …كونوا صادقين مع وعودكم الانتخابية

هل نحن بحاجة لفرق إنقاذ؟

د. عبد الرحمن العوضي 
يستعين الإنسان عادة بفرق انقاذ في المناسبات التي تتعقد عندها الأمور وإذا لم يتخذ فيها اجراء حاسم، فتكون الخسارة كبيرة، وقد تكون هذه الخسارة في المال او في فقدان احد ابناء الأسرة، او في خسارة كبيرة في الاقتصاد او في أخطار واضحة تهدد كيان البلاد، او تؤدي الى خلافات مستحكمة بين السلطات لا تتعظ رغم ما يقع لها من مآس مختلفة.
قد يتعجب البعض من روح التشاؤم التي بدأت بها هذه المقالة، وكأننا وصلنا الى نهاية الطريق، وأصبحت جميع الطرق مسدودة أمامنا ولا نكاد نرى بصيصا من الأمل لكي نخرج من الأزمة التي نحن فيها، ولكن ما يجعلني أرسم هذه الصورة هو واقعنا الأليم هذه الأيام.
لقد عاشت الكويت فترة حرجة على مدى الستة أشهر الماضية، وسببها الأساسي بطبيعة الحال، عدم التفاهم والانسجام بين أهم سلطتين التنفيذية والتشريعية، وقد بلغ النزاع الى مرحلة ان الشارع الكويتي أصبح هو ميدان النزاع وليس قاعة البرلمان المكان الحقيقي للنزاع والخلاف بين السلطتين، ولم يكتف المتسببون في النزول الى الشارع بأسلوب هستيري وخطابات متشنجة، بل اقتحموا مجلس الأمة، وهذا أمر لم يحدث الا لأول مرة في تاريخ الكويت والعالم وعسى ان تكون آخر مرة، باستثناء هجوم الغوغاء لبعض الثورات التي استهدفت تغيير كل شيء والاستيلاء على الحكم، لأن البرلمان عادة هو المكان المسموح به دستوريا للحوار والاختلاف والتوافق بين الحكومة والسلطة التشريعية.
هذه الصورة القاتمة التي وصلنا اليها صارت مجالا للتندر والانتقاد من قبل الكثير، حتى انه صادف وجودي في دولة الإمارات العربية المتحدة وقابلت بعض المسؤولين هناك وكانوا متحمسين للأسلوب الديموقراطي في الكويت ويحسدوننا عليه عادة، ولكن في هذه المرة وجدتهم متشائمين ساخرين بما أسموه «ديموقراطية الغوغاء»، ولا ألومهم في ذلك.
من حسن حظ الكويت ان أميرنا (حفظه الله) بحكمته وخبرته الطويلة قد استوعب ما يجري، ورغم مرارة القرار اضطر لحل مجلس الأمة أكثر من مرة في عهده وهو الرجل المؤمن بالديموقراطية والحوار والرأي الآخر لأنه مارس الحوار طوال حياته وعلى جميع المستويات في كثير من الأمور والقضايا الشائكة مع جميع دول العالم.
بعد الحل كان الأمل في أن الشارع قد استوعب الدرس وأن المؤمن لا يلدغ من جحره مرتين، فما بالك اذا كان قد لدغ عدة مرات، وفي كل مرة بمجرد ان ينتهي فرز الأصوات من صناديق الانتخابات تتبخر كل الوعود التي يتعهد بها النواب للناخبين.
فأول قضية سمعنا عنها هي عزوف النواب عن المشاركة في الحكومة، مع ان الشخص المكلف هو سمو الشيخ جابر المبارك الذي يأتي بقلب مفتوح ورغبة صادقة في التصدي لقضايا الكويت وتغيير المسار الى الهدف السامي الذي ننشده جميعا، وإعادة بوصلة الكويت الى طريقها السليم بعد ان ضاعت عنها معالم الطريق بسبب تصرفات النواب والحكومات السابقة.
فلو كانت النوايا صادقة، فلماذا لا نرى الأيادي تمتد الى يده وهو يدعوهم للمشاركة في الحكومة الجديدة برؤية جديدة لكي تتكون عدة فرق انقاذ تتصدى للكثير من القضايا التي تتعثر بها امور البلاد؟!
أليس من واجب عضو مجلس الأمة ان يخدم الكويت أم ان عضو مجلس الأمة واجبه الصراخ والتهديد والوعيد لأعضاء الحكومة؟
عجيب فعلا هذا الموقف الذي نراه من الاخوة اعضاء مجلس الأمة، ثم نسمع عنهم في الدواوين وفي وسائل الإعلام المختلفة يضعون اللوم على الحكومة ويرفضون الانضمام لها وخاصة ان البناء يتطلب من الجميع التضحية وزيادة الانتاج والابداع والأخذ بالكويت الى بر الأمان، وتلبية نداء صاحب السمو الأمير (حفظه الله) الذي ردد في كثير من المناسبات وخاصة عند افتتاح مجلس الأمة السابق بأن التضحية وبناء كويت المستقبل هما واجب كل فرد، فمطلب الجميع وبدلا من ان نتخاذل امام تلبية هذا النداء ومن تسول له نفسه الاستمرار في هدم الكويت وعدم تحقيق آمال شعبها وبناء مستقبلها.
كفوا عن اللعب بالألعاب البرلمانية، وأوقفوا تهديداتكم ومهاراتكم ولننشغل جميعا في بناء الكويت بدلا من الانشغال ببعضنا البعض والإساءة الى بعضنا البعض لأن كل اساءة لأي فرد كويتي، هي اساءة للكويت وأهلها. وحرام عليكم بعد ان قبلتم بالعهد ووثق بكم الشعب الكويتي ان تخونوا الأمانة، وكونوا صادقين مع وعودكم الانتخابية… أعان الله الكويت وأخذ بيد المخلصين من أبنائها. وخيّب آمال كل مفسد حاقد على كويتنا الحبيبة.

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.