أقلامهم

أحمد عيسى : بعودة السعدون إلى كرسي الرئاسة تكون قوى المعارضة برّت بتعهداتها الثلاثة … يتحتم أن تأخذ زمام المبادرة وتبدأ بتطبيق برامجها وأفكارها

مجلس الوزن الطبيعي

أحمد عيسى 
بعودة النائب أحمد السعدون إلى كرسي الرئاسة تكون قوى المعارضة برّت بتعهداتها الثلاثة أمام الشارع خلال الصيف الماضي، وهي رحيل رئيس مجلس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد وحل مجلس الأمة وإعادة تنصيب السعدون رئيساً للمجلس الجديد.
يوم أمس بدا الوضع داخل قاعة “عبدالله السالم” مختلفاً، وبيّن الوزن الطبيعي للقوى السياسية، وبيّن حجم نفوذ كل منها داخل المجتمع، فكانت الغلبة لنواب المعارضة، ومن بعدهم النواب الإسلاميون المستقلون مقابل انحسار عدد ممثلي التيار الليبرالي.
مع دخول الساعة نصفها الثاني من منتصف نهار أمس ساد الصمت لحظات فرز أصوات الرئاسة، كنا نعد مع كل نائب عدد الأوراق التي تحت يده، فكان بداية السباق نحو كرسي الرئيس متقارباً مع غلبة لكفة السعدون .
 وبمرور الوقت أثبت تقدمه على منافسه محمد الصقر، ومع كل لحظة ترى مؤشرات ودلائل انقلاب المعادلة، حتى تولى النائب فيصل المسلم دوره بعد مرزوق الغانم ومسلم البراك بإعلان نتيجة الاثنتين والعشرين ورقة الأخيرة التي في حوزته، فكانت آخر عشر ورقات منها أشبه بـ”رصاصات احتفال” بدأها بالأولى، فأصبح السعدون يمتلك 29 صوتاً بينما منافسه يمتلك 25، ثم سددها ثانية للسعدون فأصبح يمتلك 30 ويحتاج إلى 3 أصوات أخرى للفوز، ثم وصلنا إلى “الرصاصات الخمس الأخيرة”، وهنا خيم الهدوء على القاعة، فأعادها للسعدون ليحصل على 32 صوتا، فعلت الصيحات والصراخ، ثم أعاد رئيس السن ضبط الجلسة، فأتى اسم الصقر على ورقتين متتاليتين حتى أطلق فيصل المسلم رصاصة الفوز الأخيرة ليحصل السعدون على 33 صوتا أعادت له كرسي الرئاسة، فتحلق حوله النواب مهنئين قبل أن ينتهي الفرز لأن كل ما سيلحقه لم يعد مهماً جداً.
بفوز أحمد السعدون بـ38 صوتاً مقابل 26 لمنافسه الصقر، يتضح أن السعدون يملك أغلبية برلمانية أعادت تنصيبه رئيساً للمجلس، سواء دعمته الحكومة أو حجبت أصواتها عنه أو تعاملت معه بمنطلق الحياد وصوّت نصف أعضائها له ومثلها لغيره، وهو تجسيد فعلي للرغبة الشعبية التي جرفت قبل وصوله حكومة وبرلماناً في طريقها، وهذه الأغلبية البرلمانية تجعله أيضا المسؤول الأول عن ضبط أداء النواب.
اليوم يتحتم على قوى المعارضة أن تأخذ زمام المبادرة وتبدأ بتطبيق برامجها وأفكارها كونها الكتلة الأكبر داخل المجلس، وعليها كذلك تفادي المناوشات والتصعيدات غير المبررة، فهي من يمتلك الأغلبية الآن وعليها أن تعي مسؤولياتها وتعمل وفقا لوزنها الطبيعي، كما على بقية الأطراف أن يتعاملوا مع الوضع الجديد وفقا لوزنهم الطبيعي داخل المعادلة السياسية، ومن بينهم التيار الليبرالي.
يوم أمس كان مشهد صعود أحمد السعدون إلى كرسي الرئاسة مهيباً، فقد صعد إلى المنصة وسط عاصفة تصفيق وصيحات أنهت رحلة امتدت ثلاث سنوات، حتى توجت نصرها أمس بصعود أحمد السعدون ليمسك بمطرقة الرئيس ويضربها لضبط الجلسة وإعطاء الكلمة لمنافسه محمد الصقر الذي أعلن تعاونه معه متعهداً أنه سيكون يده اليمنى في مسيرة إصلاح هذا الوطن، ومع عودة الكلمة إلى رئيس المجلس بعد تهنئة منافسه، طويت مرحلة وبدأت مرحلة جديدة في تاريخ الكويت السياسي، تسيطر فيها على المشهد أغلبية معارضة بتشكيلها الجديد “الشعبي” و”الإسلامي” والمتمثل بفوز النائب خالد السلطان نائباً لرئيس مجلس الأمة.