أقلامهم

صالح الشايجي : رجب كتب فكذب.. وخلط رمضان برجب..؟ موال الزمن البالي في مصر!

قيلولة: موال الزمن البالي في مصر!

صالح الشايجي 
رجب كتب فكذب.. وخلط رمضان برجب..
من أين جاءت دول الخليج بلحم أكتافها؟
من قال ان للدول أكتافاً؟!
رجب.. يحذّرمن حدثٍ ماضٍ..
ويغني موال الزمن البالي..
الوصية
أكتب وحدتي..
أكتب وحشتي..
أكتب حروف أحزاني..
أكتب قلبا يتيما..
ودمعا حبيسا..
ويدا مغلولة..
أكتب ما اكتب..
وأقرأ ـ وحدي ـ ما اكتب..
كأنني ـ على جدار روحي ـ
أكتب وصيّتي..
لتقرأ روحي الميتة..
وصيتي الميّتة..
***
في البدء وقبل الخوض في تفاصيل الفقرة التالية.. وهي التي تتصل بمصر اتصالا مباشرا.. فإنني ـ وقد هزّني حادث ملعب بورسعيد والذي قضى فيه نحو ثمانين شخصا ـ لا أملك أن أمنع عينيّ من مخزونهما الآسف على تلك الأرواح، وأن أعزّي مصر كلها بترابها الحي ونيلها الواهب الخصب للأرض العذراء، ولغيطانها ذات المواويل الخضراء، ولأهراماتها.. و«أيّوبها» الصابر منذ آلاف السنين، ولكل مصري ومصرية، ولكل إنسان هزّ هذا الحادث المؤسف روحه بجلل ووجل، وحزن وأسى، فاقبلي يا مصر عزائي.. ولا تجزعي من دمع سخون تذرفه عيناي.. أسى على تلك الأرواح التي حضرت الى حدائق الفرح.. فإذا بالموت يتربص بها ويسقيها كؤوسه المريرات.. لأرواحهم البريئة.. الهدوء والسلام.. وليت الحي يملك للميت غير الدمع والدعاء وحسرات القلوب.
الخريف «الرجبي»
«أحمد رجب».. كاتب صحافي مصري ساخر.. وهو كاتب ناجح ومقروء ومنتشر وصاحب اسلوب فريد في سخريته ومقالاته المختصرة التي لا تزيد في كثير منها على عشر كلمات مشبعات تفي بالغرض وتوصل قارئها الى النتيجة بسهولة ومتعة وضحكة.
وهو ـ الى ذلك ـ غدا رجلا مسنا.. وشيخا طاعنا.. وسآخذ هذا في اعتباري وأنا اكتب ردي هذا عليه.. ناقدا له ورافضا ما جاء في مقالة قرأتها له مؤخرا طعن فيها دول الخليج العربية ومستهزئا بـ «بداوتها وبدوها وخيامها.. ولحم اكتافها الذي بنته من خيرات مصر»!
سيدي.. لا اخفيك انني قد احسست بالشفقة عليك وأنت في شيخوختك.. بسبب ما قرأت لك مؤخرا في الصفحة الاولى من احد اعداد جريدة اخبار اليوم.. وهي المقالة التي اتهمت فيها دول الخليج العربية بالتخلي عن مصر في محنتها.. وليتك اكتفيت بهذا.. فلربما عاضدناك وآزرناك في مقولتك تلك بعد التحري عن تلك المعلومة.. وتدقيقها وفحصها وتمحيصها والتأكد من صحتها.. وهي «المعلومة» التي يضفي عليها ظلالا من الشك هزؤك وسخريتك من دول الخليج و«بداوتها» واتهامها بمحاولة إضعاف مصر من اجل السيطرة عليها، مقررا ان «بدو الخيام لا يقدرون على ادارة حضارة عمرها سبعة آلاف عام»!
يا استاذي الكريم.. جرحي يعادل جرحك ويوازيه بما يسببه من آلام.. وما يثيره من احزان.. فـ «بدو الخيام».. الذين تخشى سيطرتهم او تشكك في قدرتهم على ادارة حضارة سبعة آلاف عام.. لم ينتظروا ـ مع الاسف ـ تخويفك وتحذيرك.. بل سبقوك بألف وأربعمائة عام وهيمنوا على تلك الحضارة العريقة وسيطروا عليها وحكموها.. ورفعوا على اعلى اهراماتها.. راية «بداوتهم»!
فهل اساءوا لمصر او اضرّوا بحضارتها؟ ام انهم ابقوا على روح تلك الحضارة وسقوها ورفدوها بدم جديد واغتنوا هم بها ايضا؟
ذلك سؤال ليس من حقي انا الاجابة عنه.. لأنني مازلت محسوبا على اولئك «البدو».. وليس بمقدوري.. الاساءة لقومي.. ان قلت نعم!! ولا اريد تبرئتهم بقولة لا.. ولكنك انت بحكم مصريتك من يستطيع ان يجيب الاجابة الصحيحة او على الاقل.. تبدي وجهة نظرك وتفصح عن رأيك.. ولقد سبقك الى هذا ـ ودون سؤال من احد ـ اخوة لك في مصريتك.. وقالوا ـ بألسنة فصيحة وعقول رشيدة واعية ـ نعم.. ولم يخافوا ولم يداهنوا ولم يجاملوا.. بل حمّلوا العرب وزر تغيير وجه مصر الحضاري.. وهم ـ وأنت معهم ـ احفاد شرعيون لأولئك «البدو» الذين غزوا بلادكم والتي ربما لن تكون بلادكم لو لم يغزها او يفتحها اولئك الغزاة او الفاتحون.. وربما كنتم ما زلتم نسل «البدو».. الذين مكثوا في ارضهم ولم يستبدلوا اوطانهم.. كحالنا نحن الذين لم يقم اجدادنا بالمشاركة في غزو مصر او فتحها!
سيدي.. لن اشكك في وطنيتك ولا يحق لي ذلك.. ولكن تقييمي كقارئ لما كتبت في مقالتك تلك يجعلني اخرج بنتيجة مؤدّاها ان الذي يكتب مثل هذا الكلام ويقف مثل هذا الموقف لا يمكن بأي حال من الاحوال ان يكون محبا لوطنه حريصا عليه.. بقدر ما انه توسل بوطنه وجعل منه وسيلة يمتطيها للتنفيس عن كراهيته لدول الخليج العربية التي «لحم اكتافها من خير مصر» كما تفضلت وكتبت في مقالتك..
ان الدول يا سيدي لا اكتاف لها حتى تبني لحومها من خيرات الآخرين.. ولكن للناس اكتافا يبنيها خير عرقهم الحلال وكدّهم وتعبهم هم.. لا بما يجود به الآخرون عليهم ـ خيّرين كانوا او ذوي منّة وغرض ـ ..
و«دول الخليج التي بنت لحم اكتافها من خيرات مصر» ـ كما جاء في مقالتك ـ ترى مصر بمنزلة الرأس من الجسد العربي وهي القلب منه.. فهل يمنّ الرأس والقلب على بقية اوصال الجسد.. ان هما اكرماها او جادا عليها بخير يقيها مغبّة الجوع.. فإن حدث هذا ـ ولديك ما يؤكده من غير الشماتة والسخرية والمنّة ـ فإن ذلك لا يرفع قامة مصر ولا يزيدها شرفا لأن مصر كبيرة والكبار لاترتفع هاماتهم ولا يتسولون الشرف باحسان احسنوه.. ولا بجود جادوا به.. لأن الاحسان ديدن الكبار وخصلة من خصالهم.. وهو الذي رفع قاماتهم عاليا وسمق بهاماتهم حذو النجوم.. وجعلهم كبارا كراما..
أمّا الاحسان بمنّة وتكبّر وتباهٍ ومعايرة.. فهو شأن الصغار والادنياء.. ومصر لها ما يغنيها من مجد وتاريخ وبيض الصحائف ما يرفع شأنها دون منّة ومعايرة ومكايدة.. فمن خوّلك يا سيدي الحديث بلسان مصر العفيف الذي لايمنّ ولا يستكثر ولا يعاير؟
فهل حقا كنت لسانا مصريا وأنت تقول ما قلت؟
ولا يحق لي ـ يا سيّدي ـ بأي حال من الاحوال ان احدّث في غير ما يخص بلدي «الكويت» وبما لدي من معلومات مؤكّدة تتصل بما تفضلت به وكتبته عن «لحم اكتافها الذي بنته من خيرات مصر».. فلقد حدث ـ وهذه معلومة قد تفيدك وتبعد عنك شبهة التجني والحديث المرسل بلا سند ـ ان تكرمت مصر على الكويت وتفضلت في ثلاثينات القرن العشرين اي منذ ما يقرب من ثمانين عاما بارسال المدرسين اليها مع تحملها كلفة نصف رواتبهم ـ وأرجو يا سيدي الا تستعجل فتلجأ الى الآلة الحاسبة لتعينك على جمع ارقام المبالغ الفلكية التي انفقتها مصر لبناء اكتاف الكويت ـ لأن عدد المدرسين كان رقما احاديا.. امّا مقدار رواتب ذلك الزمن فأنت ادرى منّي بها.. وأيّا كان يا سيدي فان الفضل لا يقاس بالكم ولا بالحجم.. والمتفضل بدينار كالمتفضل بمليار.. وكلاهما متفضل كريم..
ومصر متفضلة كريمة.. و«الحمد لله ان مقاليد مصر لم تكن بيديك»
وهذا التفضل المصري يدفعني انا الكويتي للانحناء مقبلا تراب مصر.. شكرا وامتنانا.. ذاكرا بالخير فضلها الذي لا ينكره الا جاحد مكابر.. ولسنا جاحدين ولا مكابرين..
ولكن هل الكويت انكرت ذاك الفضل المصري ونفضت اكتافها او برتها للتخفف من خير مصر؟
لا يا سيدي لم تفعل الكويت ذلك بل قابلت الاحسان بمثله.. وردت تحية مصر بمثلها ولن اقول بأحسن منها..
وهكذا ـ يا سيدي ـ شأن الدول ان تتعاون وتتعاضد وتتكاتف.. يحمل قويّها ضعيفها.. فما بالك بدول تبني لحمها على عظم واحد.. متكاتفة متعاونة لأنها ذات جسد واحد ولسان واحد تسير على درب واحد لبلوغ هدف واحد..
ولعلّي لا اصغرّك ولا اشكك في متابعاتك وحجم معلوماتك.. ولكن اذكّرك مجرّد تذكير.. بما تقوم به اميركا من تقديم مساعدات لكثير من دول العالم! وفي هذا التذكير ما يغني وما يعيد ضميرك المهني والانساني الى مكانه..
والحق شرف يسعى الى حمله الشرفاء.. ولعلّي يا سيدي اعينك على السعي اليه وأمهّد لك دربه.. ولا انتظر منك شكرا ولا امنّ عليك اذ افعل..
وفيما كتبت يا سيدي فقد احصيت مليارات يملكها افراد في بلدانهم ـ وذلك في معرض تجريحك وتعريضك بدول الخليج وجحودها لدور مصر «في بناء لحم اكتافها» ـ بينما نحن جميعا نعلم وأنت بالتأكيد قبلنا تعلم.. ان في مصر مليارات ومليارات لافراد مصريين «لحم اكتافهم من خيرات مصر».. فلم استثنيتهم من شرف اعانة مصر في محنتها.. بينما طالبت «بدو الخليج سكنة الخيام».. بذلك؟!
وما يجب ان تتيقن منه يا سيدي احمد رجب هو.. انه ليس هناك بين العرب اجمعين ـ ولا اخص دول الخليج فقط ـ من يريد اسقاط مصر.. او من يبغي ذلك او يسعى اليه او حتى يستطيعه.. وذلك لسبب واقعي يجب عليك انت كمصري الايمان به والدفاع عنه والحرص على تأكيده.. وهو اهمية مصر ومكانتها ودورها التاريخي في القضايا العربية ولحجمها الثقافي.. وقوّتها وجغرافيّتها وثرواتها البشرية.. ولقيادتها للدول العربية في كثير من المواقف ان لم يكن في المواقف كلها..
ومصر هي الاشعاع وهي رسول النور الى العيون العربية.. وهذا ما تدركه الدول العربية بحكامها وشعوبها.. فهل يعقل ان ينحر العاقل او حتى المجنون.. مصدر حياته.. وحامي ظهره والماشي في مقدّمة جيشه؟!
أراك يا استاذي الكريم قد تجنّيت على مصر وأسأت اليها قبل ان تسيء الى من شملتهم بمشتمتك..
وأراك قد اسأت الى نفسك وتاريخك وأهنتهما ووقعت في براثن الكيدية والتصيّد ورجم الابرياء وكأنك تستعديهم على مصر..
وأودّ ان اختم مطولتي هذه.. باهدائك معلومة ـ استغرب انك تجهلها ـ وهي ان البداوة ـ يا سيدي ـ ليست عيبا يتبرأ المرء منه.. وليست سبّة يطهّر جبينه منها.. وليست مثلمة تثلم شرف حاملها.. بل هي مرحلة عمرية تعيشها الاقوام بفخر واباء وشمم .. ثم تعبرها بمرور الزمن من خلال تمدْيُنها وتمدّنها..
وهي ـ البداوة ـ صفة متنحية لا دائمة.. ودول الخليج غادرت البداوة وسكنى «الخيام».. منذ زمن سحيق وغدت مجتمعات حديثة معاصرة ذات صلة وثيقة بالعصر ومعطياته وعلومه وتقنياته وثقافته.. ولكن ربما حرمتك عزلتك وصدودك.. من معرفة تقلبات الحياة وأطوارها.. وهذا هو الذي اوقعك في الخطأ.. فظننت البداوة ما زالت في دول الخليج.. وأن البداوة خاصة بأقوام بعينها دون اقوام اخر!!
ومن صفات البداوة يا سيدي الانقطاع عن اطوار الحياة وتقدم اساليبها وهي الحالة التي تعيشها انت بينما غادرتها دول «بدو الخيام»..
والبداوة موجودة كأمر طبيعي في كل المجتمعات والبلدان ولكنها لاتسم البلد بأكمله بل تشكل مجتمعات بشرية في كل بلد من بلاد الدنيا.. ومنها مصر التي فيها اقوام من البدو الذين لم يعيبوا مصر ولم يكن انتماؤهم اليها سبة في جبينها.. ولم يعاير احدٌ مصر على بداوتهم!
سيدي.. لقد قامت ثورة الشبان في مصر.. لتخليصها من فساد انتشر ومن ثقافة الهيمنة والاستبداد والتعالي وتصغير الآخرين والنفخ في الذات والكذب عليها وزرع الريش على الجسد المنفوخ.. وهي الثقافة التي اساءت لمصر ولم تنفعها وكان لها تجار ومأجورون..
فهلّا اقتنعت بمبادئ هذه الثورة النبيلة وتركت مقامك في تلك الثقافة البائدة التي خلعها شبان 25 يناير.. والتحقت بمصر الجديدة التي لا اظن انّ فيها مكانا لمن ظل يغني موّال الزمن البالي؟
سيدي.. فوق اكــــوام الحــــزن تلك التي حواها ردي عليك.. ثمة حزن نبيل جاس في قلبي وأنا اقرأ كتابتك او فريتك تلك.. سببه احساسي بفقدان كاتب كنا نقرأ له بفرح ومحبة واحترام.. كان اسمه «أحمد رجب».

يموت اناس وقلوبهم حية..

ويحيا اناس بقلوب ميتة..

تعليق واحد

  • سعادة الأستاذ صالح الشايجي المحترم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد …
    لقد شعرت بالأسف من نفسي وعلى نفسي اذ لم أقرأ مقالتك هذه المؤرخة في فبراير 2012 الا في أبريل 2017 وعزائي الوحيد أني قرأتها أخيراً وعرفت كم هناك أناس طيبين مثلك لازالوا موجودين بين أظهرنا وحملوا امانة القلم بوعي وحكمة وكم اعترتني السعادة من أسلوبك الناقد المحترم والذي لم يتجاوز حد أدب الأديب .. أعتذر اليك مرتين على سوء أدب البعض منا وفشلهم في عرض مشاكلهم باسلوب حسن والاعتذار الآخر على تأخري في قرأءة مقالتك النابضة بالأدب الجم ليتهم يتعلمون منكم كيف تكون الكتابة ثم كيف يكون النقد

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.