أقلامهم

دينا الطراح : يحتاج الدستور إلى التفسير الدقيق للمواد الدستورية التي تحدد أطر العلاقات وطبيعتها وصلاحياتها بين السلطتين التشريعية والتنفيذية والمواطن

الدستور

دينا الطراح 
«أعلن عن قراري بعدم الترشح في الانتخابات المقبلة لمجلس الأمة وهو قرار أشعر معه بالرضا والارتياح».
(رئيس مجلس الأمة الكويتي النائب جاسم الخرافي) .
 
***
أتت نتيجة الانتخابات يوم 2 فبراير 2012 لتثبت أنَّ هناك خللاً ما يتسبب في اندلاع الأزمات السياسية المتكررة في الحياة الديموقراطية في الكويت، وأن تجربتنا الديموقراطية على الرغم من نجاحها النسبي، إلا أنه صار من الواضح أن الدستور يعوزه التفسير الدقيق للمواد الدستورية التي تحدد أطر العلاقات وطبيعتها وصلاحياتها بين السلطتين التشريعية والتنفيذية والمواطن. 
وجاءت «الإيداعات المليونية» فكشفت تلك الفضيحة عن الواقع الملموس للحياة النيابية التي جرت ضمن سلسلة من الأزمات السياسية والاقتصادية التي ألمت بالكويت منذ أن تم العمل بالدستور الحالي، ولا أدعي لنفسي أن أكون أحد المؤرخين الذين يقيمون الأحداث بمقياس الموضوعية، فأنا أتعرض هنا بكلمات قليلة لأحداث سياسية تمت بالفعل لأحافظ على حياديتها وبصدد مناقشتها، وهي:
_ تزوير انتخابات 1967، ثم تعطيل العمل بالدستور 1976 – 1980، وأيضاً تعطيل العمل بالدستور 1986 – 1992.
_ تقييد الحريات، قانون التجمعات، والرقابة المسبقة للصحافة والمطبوعات والنشر، تعرّض الكويت للأزمة الاقتصادية المعروفة (سوق المناخ)، وتعرضها للغزو العراقي الغاشم 1990.
_ تقديم طلبات رفع الحصانة البرلمانية عن عدد من الأعضاء في المجلس، وقد تم فعلياً رفعها عن عشر حالات برلمانية كانت أولاها في 11 مايو 1971 وآخرها 22 فبراير 1994.
_ حل مجلس الأمة سبع مرات، مرتان منها (1976 و1986) بشكل غير دستوري، وتوقف العمل ببعض مواد الدستور 56 فقرات: 3 و107 و174 و181، حيث كان الحل الأول للمجلس 29 أغسطس عام 1976. وجاء نتيجة لتراكم مشاريع القوانين وتأزم الموقف بين الحكومة والمجلس، وجاء الحل الثاني – وهو الحل غير الدستوري الثاني- في 3 يوليو 1986 نتيجة التصعيد بين الحكومة والمجلس وتقديم مجموعة من الاستجوابات،.
وتعطلت الحياة البرلمانية حتى مجلس عام 1992، ونتج عن هذا الحلّ تجمعات دواوين الإثنين المطالبة بعودة الحياة البرلمانية، وحل المجلس لمرة ثالثة – الأولى دستورياً – في 4 مايو 1999، وشهد المجلس الحل الرابع في 21 مايو 2006 نتيجة التصعيد والصدام بين المجلس والحكومة في قضية تقليص عدد الدوائر الانتخابية وتقديم استجواب لرئيس الوزراء بخصوص هذه القضية، وكان الحل الخامس في 19 مارس 2008، والسادس في 18 مارس 2009، وكانا بسبب التصعيد السياسي بين النواب والحكومة وكثرة الاستجوابات، وجاء الحل السابع في 6 ديسمبر 2011 نتيجة فضيحة رشى النواب وكثرة الاستجوابات الموجهة لرئيس الحكومة والوزراء الشيوخ وحادثة اقتحام مجلس الأمة. 
ومن بين كل هذه الأحداث السياسية المؤسفة، وجدت أننا في الكويت نريد إلغاء الدستور القائم، والعمل على وضع دستور جديد يكون مختلفاً شكلاً ومضموناً عن السابق، بحيث يحوي نصوص قوانين ومواد تكفل له العمل والاستمرارية في نمط نيابي مستقر ليتيح مساحة أكبر للحريات، وللحكومات أن تؤدي وظائفها في أجواء هادئة إلى حد ما، ويضمن لنواب الأمة بيئة عمل نظيفة وآمنة بما يحويه من عقوبات صارمة عند تعدي وتجاوز الممارسات النيابية حدودها المقبولة، ليعطي للكويت تاريخاً ديموقراطياً غير مؤزم سياسياً، ويحترم التطور الطبيعي للدولة بمقوماتها وأدواتها ليحافظ دائماً على صلة جيدة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.