أقلامهم

أحمد الديين : أولوية الاستحقاقات الخمسة للحراك الشعبي لا يمكن تجاوزها والقفز عليها … حان الوقت لتلبيتها

أولوية الاستحقاقات الخمسة!

أحمد الديين
 
مع أهمية الاجتماع التنسيقي النيابي المقرر اليوم لبحث الأولويات التشريعية، إلا أنّه لابد من التذكير بأنّ هناك خمسة استحقاقات عاجلة يفترض أن يتصدى لها نواب الغالبية في مجلس الأمة الجديد قبل انشغالهم في أي قضايا أو ملفات أخرى، وذلك للارتباط الوثيق بين هذه الاستحقاقات الخمسة والحراك الشعبي، بمختلف تلاوينه، الذي سبق أن شهدته الكويت منذ العام 2009 في ساحات الإرادة؛ والأندلس؛ والعقيلة؛ والصفاة؛ والتغيير؛ والبلدية؛ وقصر العدل؛ والصليبية وتيماء
… وتتمثّل هذه الاستحقاقات الخمسة في: فتح ملف الفساد السياسي المالي، وسدّ ثغرات العبث السلطوي المتكرر في الآلية البرلمانية، وإقرار تشريعات الإصلاح السياسي، وإنجاز الحلّ الإنساني العادل والنهائي لقضية الكويتيين البدون، وسنّ قانون لتجريم الكراهية.
ونبدأ بالاستحقاق الأول الذي يتطلّب الإسراع في استكمال الجانب الرقابي المتصل بملف الفساد السياسي المالي وذلك بتشكيل لجنة نيابية للتحقيق في مختلف الوقائع ذات الصلة بدءا من مصروفات ديوان رئاسة مجلس الوزراء؛ مرورا بالشيكات؛ وصولا إلى الإيداعات المليونية في الحسابات المصرفية لعدد من أعضاء المجلس المنحلّ، وانتهاء بالتحويلات المالية الخارجية، مع الاستعجال في الوقت ذاته بإقرار منظومة التشريعات المتصلة بمكافحة الفساد.
فيما يقتضي الاستحقاق الآخر إجراء التعديلات اللازمة على اللائحة الداخلية لمجلس الأمة لسدّ ثغرات العبث السلطوي في الآلية البرلمانية الذي طالما تكرر في المجلس المنحلّ، وذلك بحيث يتم تحصين مبدأ الحصانة البرلمانية الموضوعية لأعضاء مجلس الأمة الذي جرى إهداره عن عمد في القضية المرفوعة ضد النائب الدكتور فيصل المسلم… بالإضافة إلى ضرورة تعديل اللائحة بما يتفق مع الشرط الدستوري الرئيسي المحدد لصحة انعقاد جلسات مجلس الأمة وهو توافر النصاب النيابي، وذلك من دون اشتراط حضور الوزراء، بحيث يتم قطع دابر المناورات الحكومية في تعطيل جلسات المجلس، وكذلك لابد من تحديد المدى الزمني المتاح لتأجيل مناقشة الاستجوابات النيابية.
ويتصل الاستحقاق الثالث بتلبية مطالب الإصلاح السياسي الديمقراطي التي أثيرت خلال الحراك الشعبي، وهي تتكون من شقين أولهما تعديل القوانين الحالية المقيّدة للحريات العامة والمعطّلة للحقوق الديمقراطية والمتناقضة مع الدستور، وثانيهما تشريع قوانين جديدة تهدف إلى تطوير الحياة السياسية والممارسة الديمقراطية.
.. ومن بين القوانين الحالية التي لابد من تعديلها في هذا الاتجاه: القانون رقم 24 لسنة 1962 في شأن الأندية وجمعيات النفع العام بما ينهي الوصاية الحكومية على مؤسسات المجتمع المدني، والمرسوم بقانون رقم 65 لسنة 1979 في شأن الاجتماعات العامة والتجمعات بما يتناسب مع الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية ببطلان القيود غير الديمقراطية على حرية الاجتماعات العامة لتشمل التجمعات، والقانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل قانون الجزاء لإلغاء الأحكام والمواد التي تقيّد حرية التجمعات وتجرّم نشر المبادئ والأفكار وتتوسع في تجريم نشر الأخبار والتعبير عن الرأي، والقانون 14 لسنة 1973 بإنشاء المحكمة الدستورية بحيث يحقّ للأفراد الوصول إليها مباشرة للطعن في دستورية أي قانون مخالف للدستور، والمرسوم بقانون رقم 20 لسنة 1981 بإنشاء دائرة المحكمة الكلية لنظر المنازعات الإدارية بحيث تكون محكمة مستقلة وتشمل ولايتها القرارات الإدارية بشأن مسائل الجنسية الكويتية والإقامة وتراخيص الصحف ودور العبادة المستثناة حاليا… أما الشقّ الآخر المتصل بتشريع قوانين جديدة بهدف تطوير الحياة السياسية والممارسة الديمقراطية فلعلّه يتركز بالأساس حول استحداث قانوني إشهار الأحزاب السياسية وإصلاح النظام الانتخابي، مع التأكيد على أنّ الأهمية الاستثنائية لمثل هذين القانونين التأسيسيين تتطلّب بالضرورة أن يدور حول مشروعيهما نقاش وطني واسع يتجاوز حدود مجلس الأمة ولجانه، بحيث يتحقق التوافق المطلوب عليهما.
ويتمثّل الاستحقاق الرابع في تنفيذ الوعد بإنجاز الحلّ الإنساني العادل والنهائي لقضية الكويتيين البدون خلال الشهور الثلاثة الأولى من عمر المجلس، فقد طال انتظار الحلّ الموعود ولم يعد ممكنا تأجيله!
أما الاستحقاق الخامس فهو تشريع قانون يجرّم نشر الكراهية ضد أي فئة اجتماعية أو طائفة دينية؛ ويفرض عقوبات مشددة على مثيري النعرات العنصرية والفئوية والطائفية.
فهذه هي عناوين الحراك الشعبي طوال السنوات الثلاث الماضية، التي لا يمكن تجاوزها والقفز عليها، وبالتأكيد فقد حان الوقت لتلبيتها.