برلمان

الإصلاح والتطوير استحوذا على 34.6% والتعاون بين السلطتين 23%
اتجاهات يحلل مضامين أول خطاب أميري للشيخ جابر المبارك

*حماية الوحدة الوطنية ونبذ الفتن وتعزيز الأعلام أهداف رئيسية لدى المبارك 

*سيادة القانون واستقلال القضاء ومكافحة الفساد عناصر فاعلة في الخطاب الأميري 

*برنامج الحكومة سيوضع في إطار أدوات تنفيذية وأطر زمنية محددة 

*خريطة طريق واضحة المعالم لمعالجة أوضاع “البدون” 

*التركيز على تصحيح مسار الموازنة العامة وتفعيل دور القطاع الخاص وترشيد الاستهلاك 

 

أجرى مركز “اتجاهات” للدراسات والبحوث، الذي يترأسه خالد المضاحكة، تحليل مضمون ببعديه الكمي والكيفي، لخطاب رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك في افتتاح دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الرابع عشر لمجلس الأمة. وقد تناول التحليل “26” فقرة في الخطاب. وأبرز أن الاتجاهات العامة لمضمون الخطاب دارت في عشرة محاور أساسية، هي: دور الانتخابات البرلمانية الماضية في دعم الممارسة الديمقراطية، وأهمية الدستور الكويتي، والبعد القيمي في التجربة الديمقراطية الكويتية، فضلاً عن توجيهات سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد لبلوغ كويت الغد، وتطوير أسس التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وركائز حماية الوحدة الوطنية، إضافة إلى مرتكزات الإصلاح الداخلي والتطور التنموي، وبرنامج عمل الحكومة الحالية، ومعالجة مشكلة المقيمين بصورة غير قانونية، وأخيراً آثار الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الوطني. 


وقد استحوذ محور مرتكزات الإصلاح الداخلي والتطور التنموي على النصيب الأكبر من إجمالي المحاور التي شملها الخطاب، بنسبة 34.6%، وتلاه محور تطوير أسس التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بنسبة 23%. 



لؤلؤة الديمقراطية

(*) دور الانتخابات البرلمانية في دعم الممارسة الديمقراطية. استهل سمو الشيخ جابر المبارك خطابه بالحديث عن الشكل المؤسسي للممارسة الديمقراطية، والمتمثل في مجلس الأمة الذي اختير أعضاؤه عبر انتخابات تنافسية مباشرة، في 2 فبراير الجاري، بما أعاد إلى الأذهان ما يتردد دائما حول “لؤلؤة الديمقراطية” و”واحة الليبرالية” في منطقة الخليج العرب، مبيناً أن الإجراءات الديمقراطية هي التي تعطي المواطن إحساساً بالاتجاه نحو الاستقرار، وتشعره بالأمن والأمان.

 

ميزان الدستور

(*) أهمية الدستور الكويتي. سلط الشيخ جابر المبارك، في خطابه، الضوء على أهمية الدستور الكويتي، للوطن وللمواطن على السواء، حيث ارتبطت مسيرتنا الديمقراطية به ارتباطاً وثيقاً؛ فالممارسات التي من شأنها تعزيز الديمقراطية وإقرار مزيد من الحريات السياسية وضمان مشاركة المجتمع وإقامة نظامٍ ما لإيجاد توازن بين السلطات بما يمنع انفراد واحدة بالحكم، جاءت كلها استناداً إلى الدستور وعملاً بمبادئه ونصوصه وروحه، والتي تؤكد جميعاً أنّ نظام الحكم ديمقراطي، فضلاً عن كفالة الدستور مبدأي سيادة الأمة وسيادة القانون، وإقراره للمساواة والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية. 


ثقافة الديمقراطية

(*) البعد القيمي في التجربة الديمقراطية الكويتية. يعد البعد الثقافي للتحول الديمقراطي في دولة مثل الكويت بالغ الأهمية، إذ لا يقتصر هذا التحول على الجوانب المؤسسية والتنظيمية فقط، بل يمتد إلى الأبعاد القيمية والثقافية، وهو ما عبر عنه المبارك في خطابه بقوله: “مارس الكويتيون دائما ديمقراطيتهم المتجذرة في النفوس في كنف مبادئ الحرية والعدالة والمساواة، بوصفها طريقا بناء وإنجازا، تدعم مقومات الدولة وتجمع صفوفهم وتوحدهم في ظل قيم أصيلة تحترم الآخر ولا تختزله، وتواجه بالرأي الرأي الآخر ولا تمنعه”.



بوصلة الأمير

(*) توجيهات سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد لبلوغ كويت الغد. استعان الشيخ جابر المبارك في خطابه بتوجيهات صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد، بوصفها البوصلة التي سيسير على هداها، وخاصة فيما يتعلق بالتحركات التي يقودها كرئيس للحكومة بالتعاون مع مجلس الأمة، وهو ما برز في بعض التعبيرات مثل “شركاء في وطن واحد” و”إيجاد مستقبل أفضل ينعم فيه الوطن بالأمن والأمان وبمزيد من التقدم والرخاء” و”من أجل ترجمة توجيهاتكم الحكيمة ونصائحكم السديدة لكل ما فيه خير الوطن ومصلحة المواطنين”.



مد وجزر

(*) التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. أكد الشيخ جابر المبارك في خطابه أهمية تطوير العلاقة بين السلطتين، بعدما شهدته البلاد على مدار السنوات الماضية من مد وجزر بين الطرفين، ما غيَّب الاستقرار الوزاري وأضاع التناغم النيابي، فضلاً عما أحدثه في بعض الحالات من شلل تام للبلاد، وهو ما يتطلب التعلم من أخطاء الماضي لمواجهة تحديات الحاضر، الأمر الذي عبر عنه خطاب المبارك بعبارات عدة، مثل: “لن نستطيع مواجهة التحديات القائمة من غير العمل بروح الفريق الواحد وفي أجواء هادئة ومستقرة تسمح بالعمل والإبداع” و”إننا مطالبون، حكومة ومجلسا، بضرورة إيجاد الأسس والمقومات الكفيلة بتعزيز وتطوير العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وتكريس صور التعاون الإيجابي بينهما الذي يُعِين مجلس الأمة على ممارسة دوريه الرقابي والتشريعي، ويحفظ للمؤسسة التشريعية مكانتها ودورها الحيوي المأمول، كما يعين الحكومة على القيام بواجباتها ومسؤولياتها التنفيذية”. 


ثم جاءت تعبيرات أخرى في الخطاب لتكرر هذا التوجه مثل: “الحكومة ترحب بمراقبتها ومحاسبتها ومساءلتها وكشف أخطائها، إن هي أخطأت، وذلك وفق القنوات الدستورية التي تنظم هذه الرقابة، وهي في ذات الوقت تتوقع مساندتها إن أصابت وأجادت، كل ذلك بهدف الإصلاح وتحقيق مصلحة الكويت” و”إن الحكومة ستتعامل مع المجلس الموقر بقلب مفتوح ونوايا صادقة وسواعد ممدودة من أجل تعاون إيجابي بناء يكرس المسؤولية المشتركة للتصدي لقضايانا الجوهرية ومعالجة المشكلات القائمة والنهوض ببلدنا وتحقيق رفعته وتقدمه ليكون في المكانة المستحقة” و”تجسيد التعاون المأمول والشراكة الإيجابية البناءة”.


الفتنة الطائفية

(*) ركائز حماية الوحدة الوطنية في الكويت. تعد الانشقاقات في الوحدة الوطنية واحدة من الأمراض المجتمعية التي أصابت الكويت، في السنوات الأخيرة بعد تجاوز بعض الوسائل والمؤسسات الإعلامية الكويتية، وانحرافها عن دورها ورسالتها، حيث استغلت هذه الوسائل وتلك المؤسسات أحداثاً معينة مرت بها البلاد لإثارة الرأي العام وإشعال نار الفتنة الطائفية وتسريب مشاعر الكراهية بين طوائف المجتمع وفئاته كلها، وإن كانت الحالات هذه طارئة لا دائمة. 


وقد عبر رئيس مجلس الوزراء عن هذا المعنى بقوله “إزاء ما شهدته الساحة المحلية مؤخرا من مظاهر وممارسات مؤسفة تنطوي على مساس مرفوض بنسيج مجتمعنا الكويتي ومكوناته، فإننا نؤمن أن وحدتنا الوطنية أقوى وأكبر من أن ينال منها دسّ مريض أو فكر عابث أو طرح شاذ هنا أو هناك، يخالف ما عرفه والتزم به أهل الكويت جميعا من وحدة الصف والكلمة والانتصار دائما للوطن”.



الوحدة الوطنية

وفي هذا السياق، فإن رؤية سمو الشيخ جابر للتعامل مع هذا التحدي تمثلت في البدء بإعداد حزمة من التشريعات وجملة من الإجراءات لحماية الوحدة الوطنية، دون اقتصار على “إصدار تشريع أو إجراء صارم أو رد فعل حماسي” على حد تعبيره، بل تجاوز ذلك إلى توسيع دائرة التعاون والتنسيق بين وزارات الأوقاف والإعلام والتربية بهدف تعزيز مفاهيم المواطنة المرتبطة بالديمقراطية والحرية وسيادة القانون وتعميق ثقافة التسامح وقبول الآخر وحقوق الإنسان، من أجل ترسيخ القيم الحضارية للمجتمع، فضلا عن توعية الأجيال بالابتعاد عن القبلية والطائفية وترسيخ مفهوم الديمقراطية الصحيح في أذهان الشباب، مع تقديم النماذج القدوة لأبناء المجتمع للاحتذاء بها.


مشروع للنهضة

(*) مرتكزات الإصلاح الداخلي والتطور التنموي. قدم سمو الشيخ جابر المبارك في خطابه مرتكزات محددة للتنمية، تصلح مشروعاً وطنياً للنهضة في الكويت، وتتمثل في ترسيخ دولة المؤسسات وإعلاء أحكام الدستور وسيادة القانون، وهو ما برز في تعبيرات محددة مثل “احترام القانون” و”تطبيق القانون” و”تحقيق سيادة القانون” و”الاحتكام للقانون”، واستقلال القضاء وضمان الحقوق الأساسية والحريات العامة، والحفاظ على السيادة الوطنية واللُّحمة المجتمعية، وإطلاق عجلة التنمية الشاملة.


برنامج حكومي

(*) برنامج عمل الحكومة الحالية. أشار سمو الشيخ جابر في خطابه إلى برنامج عمل الحكومة التي ستقدمه إلى مجلس الأمة، خلال الفترة المقبلة، مشتملاً على الأدوات التنفيذية والأطر الزمنية لتنفيذ الرؤى الحكومية، ومن أبرز ملامح هذا البرنامج إعداد مجموعة من مشروعات القوانين اللازمة للمحافظة على مقومات الوحدة الوطنية ولضمان نزاهة العملية الانتخابية، وتنظيم الحملات الانتخابية، فضلاً عن تفعيل المشاركة الشعبية في اتخاذ القرارات الحكومية، واختصار الدورة المستندية.

 

 خريطة طريق

(*) معالجة مشكلة المقيمين بصورة غير قانونية. بدا من خطاب المبارك أن هناك قناعة حاكمة لفكره، بأهمية التوصل إلى حل نهائي وتصور جذري لمشكلة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية “البدون”، وضرورة تجاوز العقبات التي تواجههم، وتغليب الإجراءات الإنسانية على المعالجات الأمنية، في إطار وطني شامل من خلال الجهود التي يقوم بها الجهاز المركزي لمعالجة مشكلة هذه الفئة، وفقا لخريطة طريق واضحة المعالم وتبعا لفترات زمنية محددة.



أنفلونزا الاقتصاد

(*) آثار الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الوطني. تحدث سمو الشيخ جابر المبارك في خطابه عن دور المكون الاقتصادي الوطني في الحد من تداعيات الأزمة العالمية المرتقبة، إذ يُتوقع للاقتصاد العالمي أن يتعرض لهزة عنيفة وأزمة طاحنة خلال الفترة المقبلة، حيث تنتعش الأزمات المالية الحادة في ظل العولمة بجوانبها الاقتصادية، بما فيها من حرية التجارة وانتقال السلع ورؤوس الأموال وانسياب الأفكار والخدمات، ولم تنجُ دولة من تأثيراتها التي كانت أشبه بالزلزال الكاسح فضلا عن توابعه، وفقا لنظرية “الدومينو”، ولم يعد من الممكن بالنسبة لدولة الكويت تجنب تأثيرات هذه الأزمة، التي تصيب الدول والحكومات والقطاع الخاص، بفعل قوة التشابك بين المؤسسات المالية على صعيد المصارف التجارية والاستثمارية وأسواق الأسهم والسندات وشركات التأمين؛ فأزمات الاقتصاد في العالم تشبه عدوى الأمراض، فإذا عطست دولة ما أصيبت العديد من دول العالم بالأنفلونزا.


ومن هنا، يعطي سمو الشيخ جابر أهمية كبيرة لـ”اللجنة الاستشارية لبحث التطورات الاقتصادية العالمية”، التي شكلها سمو الأمير منذ أشهر قليلة مضت، كجهات مسؤولة وخبرات وكفاءات مهنية وطنية نعتز ونثق بها لتدارس هذه المسألة بكافة أبعادها وتقديم المقترحات العملية المناسبة لمعالجتها، بما يقود إلى الإصلاح المأمول الذي يكفل تحسين قدرات الدولة ومواجهتها للتحديات الاقتصادية. ومن أبرز هذه الإجراءات تصحيح مسار الموازنة العامة للدولة، وتفعيل دور القطاع الخاص في تحمل مسؤولياته في المساهمة الفاعلة في النشاط الاقتصادي، والحد من الاستهلاك الزائد الذي يعد آفة المجتمع والاقتصاد.