أقلامهم

صالح الشايجي : «معصومة وأخواتها» كن رمزا لمرحلة قصيرة استنار فيها المجتمع وتجمل وكسر خلالها أطواقه وجدرانه الفولاذية الصلبة الجامدة

معصومة وأخواتها

صالح الشايجي 


«معصومة وأخواتها» قاعدة سياسية فكرية اجتماعية، وليست كـ «إن وأخواتها» القاعدة النحوية المعروفة، ولا أيضا كـ «كان وأخواتها».

معصومة وأخواتها الثلاث اللواتي كنّ نائبات في برلماننا المغدور بلا أسف عليه إلا إذا قارناه بخليفته الذي جعلنا نتذكر مثلنا الشائع «إقضب مجنونك لا يجيك أجن منه»، فقد كان مجنوننا ذاك أرحم بجنونه وفنونه و«قبيضته» من خليفته الحارق للأخضر واليابس والباسم والعابس.
«معصومة وأخواتها» كن رمزا لمرحلة قصيرة استنار فيها المجتمع وتجمل وكسر خلالها أطواقه وجدرانه الفولاذية الصلبة الجامدة، وخطا فوق تقاليده البالية المتلفعة ببراقع النفاق والتخلف والاستكانة والخضوع والخوف، فاختار معصومة وأخواتها نائبات عنه ينطقن باسمه وفوضهن حق التحدث عنه، وهي المرة الأولى التي يتنازل فيها الرجل الكويتي ـ الشامخ برجولته والمفاخر بطول شواربه والمباهي بفحولته ـ للمرأة عن حق غمطها إياه عقودا من سنين كويتية عجفاء جرداء باهتة، فكانت نهضة الكويت الحقيقية حين سلخ المجتمع جلده الميت السميك الذي تراكم على جسده منذ مئات من سنين عاشت المرأة فيها مجرد خزانة لفحولة الرجل.
والفرحة كالوردة، جميلة ولكن عمرها قصير ولم يشفع لها جمالها بالبقاء حية في الحديقة الكويتية.
ماتت فرحتنا القصيرة، فصارت قاعدة «معصومة وأخواتها» ترفع الماضي وتكسر الحاضر و«الخاطر» وتجر المستقبل الى أسفل سافلين.
رفعتنا وأعلت من قدرنا في «الماضي» ثم نكست حاضرنا وكسرته وجرت مستقبلنا بكل أدوات الجر إلى الأسفل وربما أسفل الأسفل، حين أعلن التخلف ضرورة إقصائها لأنها تذوب سريعا ولا تقاوم هيجان البحر السياسي الكويتي الصاخب والمالح والتي لا تستطيع هذه القاعدة العوم فيه فكان العقاب الجماعي العنصري فسقطت أربع وعشرون مرشحة ليعود برلماننا سيرته الذكورية الأولى، يشطح وينطح ويحز الرقاب ويسلخ الجلود!
لماذا خان المجتمع تلك القاعدة الجميلة ولماذا أعاد النساء حريما في قصور رجالهن ثقيلات بأحزانهن وبحسرات حارات ساخنات تلهب صدورنا نحن الباحثين عن أمل ميت في بلاد لا تزرع الأمل، ولكنها تقتله وتقتل الباحثين عنه، والآملين والمتأملين.