أقلامهم

محمد المقاطع : أتمنى على الرئيس السعدون الاستقالة من عضوية كتلة العمل الشعبي البرلمانية … اللهم اني بلغت

نحو تقاليد برلمانية.. واستقالة الرئيس السعدون

محمد عبدالمحسن المقاطع
تترسخ في الديموقراطيات البرلمانية جملة من الممارسات والتقاليد المهمة التي تؤدي الى تعزيز طبيعة العمل البرلماني وتكرس استقلالية البرلمان وتؤكد على التوازنات المهمة في أداء مهامه، ومن ذلك أن يتم بعد انتخاب رئيس المجلس اعلانه للحياد واستقالته المباشرة من الحزب أو الكتلة السياسية التي ينتمي اليها، وهو ما يجري عليه العمل في العديد من البرلمانات، وعلى وجه التحديد النموذج البريطاني.
 
وغاية هذا التقليد البرلماني المهم هو تأكيد أن من يتولى منصب الرئاسة لم يعد ينظر الى الأعضاء سوى أنهم زملاء متساوون مع زملائهم الآخرين وليس هنالك أي نوع من الانحياز من قبله لهم لا في نظر مقترحاتهم ولا في ادارة الجلسة، ولا في أي اجراءات أو أعمال تتم تحت قبة البرلمان أو في لجانه المختلفة، وهو يزرع الثقة المتبادلة ويقوي من موقع رئيس البرلمان، ولذا، فانني وتكريسا لهذا التقليد المهم أتمنى على الرئيس أحمد السعدون، وهو القديم الجديد العائد الى كرسي الرئاسة، الاستقالة من عضوية كتلة العمل الشعبي البرلمانية، وليس ذلك بجفاء منه ولا بتخل عن الكتلة التي كان يعمل معها، لكنها حتمية تكريس التقاليد والممارسات البرلمانية الصحيحة التي تتطلب أن يجعل الحياد والموضوعية أساس قيامه بمسؤوليات رئاسة المجلس، وهو الأمر الذي هدفت المادة 77 الى تحقيقه أيضاً، فقد كان قبل ذلك رئيسا وكان مستقلا عن أي تكتلات، ثم رجع الى مقعد النواب وكان طبيعيا أن يعمل في معية مجموعة منهم وانعكس ذلك بتكوين كتلة العمل الشعبي التي ظل يعمل ضمنها طوال السنوات الثلاث عشرة الماضية، والآن وقد عاد الى كرسي الرئاسة صار مناسبا أن يدشن هذه المرحلة الجديدة ناظرا فيها المستقبل كما جاء في كلمته بعد انتخابه، ومكرسا فيها ممارسة برلمانية عريقة من خلال استقالته من التكتل البرلماني الذي كان يعمل ضمنه في السنوات الماضية.
ومن التقاليد البرلمانية المهمة أيضا هو أن يكون الجهاز المعاون لكل عضو من الأعضاء جهازا فيه طبيعة فنية وليس فقط جهاز سكرتارية كما هو قائم عليه الوضع الآن. وعليه، فان العدد الخاص بوجود 15 سكرتيرا لكل عضو، وهو ما سبق ان أثرته قبل 3 سنوات، دلالة على أن هناك هدرا للمال العام ونموذجا سلبيا يمارسه الأعضاء. أتمنى أن تتم المبادرة الى تقليص السكرتارية الى نصف العدد وتخصيص النصف الآخر جهازا فنيا للعضو ذاته ليكون ضمنهم أشخاص ماليون وقانونيون وسياسيون ومتخصصون في المعلومات والأرشفة، وهذا هو محور الوظيفة البرلمانية التي يقوم بمهامها العضو.
ومن التقاليد البرلمانية أيضا التشدد في الحضور لجلسات مجلس الأمة ولجانه، فليس معقولا ولا مقبولا أن ترفع جلسات المجلس لعدم اكتمال النصاب وتتعرقل اللجان لعدم توافر النصاب ايضا، ولا تتم محاسبة أي عضو عن ذلك الغياب الصارخ واللافت للنظر تحت مسمى «غياب بعذر مقبول»، وهو ما سبق ان تكلمنا عنه أيضا، اذ، وبكل أسف، ان العذر المقبول هو مجرد قول العضو لرئيس المجلس أو لرئيس اللجنة أنه لا يستطيع الحضور.
أخيرا أتمنى أن تقف ظاهرة التعرض لسمعة الناس وأشخاصهم وتدني لغة الحوار ترسيخا للتقليد البرلماني الذي اوجب على الوزراء حينما يخاطبون النواب ان يقولوا العضو المحترم، ولن يتم ذلك الا اذا طبقت مواد اللائحة الداخلية، ونشير هنا الى بعضها وهما المادتان 83 و88.
اللهم اني بلغت.