أقلامهم

أحمد الخطيب : الفريقان متنافران … الأحزاب الدينية ليست بهذا الغباء و هشاشة النظام مصطنعة

مأزق الإخوان المسلمين في الكويت

 د.أحمد الخطيب 
الإخوان المسلمون في الكويت منذ نشأتهم الأولى لم يكونوا يهتمون بأي حراك إصلاحي ديموقراطي. فكان دورهم مغيباً في التحرك الشعبي الديموقراطي، لأن المطالبة بالإصلاح والمشاركة في اتخاذ القرار لا تعنيهم، لا بل حتي مطالبة أعضاء منهم من عمال النفط بأبسط الحقوق ــــ المساواة بين الكويتيين والأجانب ــــ لقيت الرفض التام من القيادة، لا بل الإحجام حتى عن استنكار العنف الذي تعرض له هؤلاء الأعضاء من العمال.
 
لقد كان الانسجام واضحاً بين الحُكم و«الإخوان»، ويحكمه العداء المشترك للمشاركة الشعبية. 
لذلك عندما قرر النظام التخلص من دستور 1962 بعد أن استقوت القوى الديموقراطية، لجأ إلى استنفار الاخوان المسلمين للمشاركة في ضرب هذه القوى الديموقراطية، وسلم «الإخوان» وزارة التربية والأوقاف والمساجد والاعلام وبيت التمويل، واطلق لهم العنان لجمع الأموال بكل الوسائل المكشوفة والمستورة. مع أن الحكومة حصرت جميع التبرعات بكل أشكالها في لجنة شعبية لجمع التبرعات برئاسة الشيخ صباح الأحمد في أواخر الخمسينات.
ووقف «الإخوان» مع النظام في تعطيل الدستور، لا بل شاركوا في الحكم غير الدستوري، ورفضوا التعاون مع من طالبوا بعودة الحياة الدستورية. 
إذاً «شو عدا مما بدا»، ليحصل الطلاق، بل المواجهة بين النظام و«الإخوان» بعد الانتصار الكبير الذي حققه الاخوان المسلمون والسلفيون وغيرهم؟
صحيح ان تغيير خطابهم من ديني الى اصلاحي قد اكسبهم بعض الشعبية، الا ان ذلك لا يمكن ان يفسر موقفهم المعارض للنظام، فالجميع يعلم اننا قد انتقلنا منذ اكثر من ثلاثين عاماً من نظامنا الدستوري الديموقراطي الى نظام أميري لا وجود فيه لسلطة حقيقية لمؤسسات الدولة كلها، واقتربنا الى التحالف التاريخي المعروف بين الأنظمة والمؤسسات الدينية لاحتكار كل شيء.
هل هذا الخلاف بسبب القوة الواضحة لهذه الأحزاب الدينية التي أغراها الانتصار الانتخابي في محاولة الاستيلاء على «الكعكة» كلها أو معظمها؟ 
لا نظن بأن هذه الأحزاب بمثل هذا الغباء. فهي تعلم أن النظام ليس بهذه الهشاشة التي يراها البعض، فهي هشاشة مصطنعة تخفي وراءها مخططا واضحا لمن يعرفها، وذلك بهدف تحميل الدستور كل هذه المآسي التي كان النظام السبب الأساسي لها حتى تحين فرصة القضاء على النظام الدستوري بأكمله.
 
الجواب الشافي لن نجده حين يقتصر تحليلنا على الوضع الداخلي وحده. 
دعونا نرَ الصورة الكاملة للوضع الإقليمي والعربي الجديد وتأثرنا به.
الزلزال العربي 
هناك زلزال لا يزال في بدايته يعصف بالمنطقة العربية اسمه الربيع العربي، وقد بدأ الإطاحة بأعتى الأنظمة الدكتاتورية في المنطقة، وهو بصدد كتابة صفحة جديدة للعالم العربي الذي نعرفه، قد يغير شكله الجغرافي. 
هذا الزلزال سببه الثأر للعزة والكرامة اللتين انتهكتا لعقود عدة، ورفضه للوصاية والذل والاستعداد للتضحية لبناء مجتمع المساواة والحرية. 
كذلك هناك صراع طائفي مذهبي مدمر بين السنة والشيعة، وكل طرف يريد أن يجمع صفوفه لمواجهة خصمه. 
كل هذا يستوجب بالنسبة إلى القوى الطائفية توحيد الرؤى، لا بل فرضها على الجبهة الداخلية لتكون فاعلة في هذا الصراع، ولا يكون فيها مكان للمترددين أو الممانعين لهذا لصراع المدمر. 
إن حسبة الأحزاب الدينية لا تنظر الى تفاصيل الاوضاع الاقليمية أو خصوصيتها، بل تُخضع ذلك لمصلحة المخطط الطائفي.
إن التناغم الموجود بين النظام المصري المعتمد على الإخوان المسلمين والنظام السعودي في مواجهة النظام الايراني الذي يحاول تجنيد الشيعة لمنظومته، بعد أن حقق مراكز مهمة في العراق وسوريا ولبنان، ويحاول أيضا توسيع دوائر نفوذه في مناطق أخرى، لسنا نحن ببعيدين عنه!
لقد أعلنها صراحة رئيس السن في مجلس الأمة، عندما وجه رسالته لسمو الأمير قائلا، بأن أولى أولويات الحكومة الانضمام لما بدا واضحا من تكتل خليجي سني بزعامة السعودية، بدأت فيه البحرين للمواجهة المرتقبة بين السنة والشيعة.
هل هذا يفسر التنافر بين الفريقين الحكومي والديني؟
من الواضح أن النظام الكويتي يدرك خطورة هذه المواجهة المدمرة على الكويت وتاريخها وتميزها، ويشاركه في استشعار هذا الخطر كل المخلصين والمحبين للكويت وأهلها.