أقلامهم

مبارك الذروه : الوسمي قصة وطن جريح لكنه نطق ليقول احترمونا… نحترمكم

 عبيد الوسمي

د. مبارك الذروه
لا ينازع احد في حق النائب المطلق باستخدام أداة المساءلة السياسية المغلظة المسماة بأداة الاستجواب. ولا يجوز التشكيك بأمانة نائب الأمة دون بينة أو برهان…
النائب عبيد الوسمي الذي اشغل الرأي العام سنوات عدة وكسب تعاطفا لم يسبقه أحد السياسيين من قبل اليه يعود مجددا ليشغل الساحة ويظهر على سطح المشهد السياسي كأحد الرموز الجدد رغم فشله في الحصول على فرص نيابية داخل مكتب مجلس الأمة ولجانه.
إن قانون العلة يثبت ربط الأسباب بمسبباتها، ولا سلوك يخلو من إثارة، ولو راجعنا ما تعرض له النائب منذ شبابه لأدركنا حجم التداعي النفسي الذي يشكل فكره وسلوكه. خصوصا انه ما زال يستحضر إقصاءه من النيابة العامة بعد تخرجه متفوقا من الجامعة! الشعور لدى عبيد الوسمي المتخرج للتو… شعور بالإقصاء والإلغاء لأنه بدوي وقبلي!! هو الشعور الذي انتاب عبيد النائب لازدواجية القانون وتطبيقه على أفراد من المجتمع وترك آخرين..
يرحل عبيد لاستكمال دراسته، يتغرب، يشاهد احترام القانون ودقة النظام في بريطانيا، يتنفس حرية المواطن الأميركي فيشعر بالمساواة لأنه في أميركا!! يعيش كرامة الشعوب المتقدمة ومسطرة العدالة وتكافؤ الفرص بين الأبيض والأسود في بضع سنين هي فترة دراساته العليا.. تتشكل هويته، وتكتمل ثقافته عن الدستور والقانون والدولة!! ثم يعود لوطنه.. مستبشرا.. متهللا.. يحلم بكويت أميركية.. يشارك، يتحدث عن دولة القانون، دولة المؤسسات، العدالة..!! لكن الطريق شاق، موحش..
بسرعة… يفاجأ أن بني الأحمر رجال حضارة وقانون، وان أمتنا لا تزال تقتات القوانين وتلتهم حشائش الدستور… لتعيش! صدم الفتى، خرج عن طوره، لقد درس وتعلم أن القوة للقانون فقط، يطبق على الشريف والوضيع، لا فرق بين عربي وعجمي إلا بالتقوى.. هنا يواجه، يضرب، يسحل!!
تدور الأيام، يكسب شعبية لم يسبقه أحد إليها، يصبح نائبا للأمة، يحلم بأن يحقق ما تعلمه. هو نائب الأمة اليوم، فرصته أقوى، يريد أن يكون شيئا مذكورا، تتزاحم بداخله خلجات الأنا!! فهو المتفوق دائماً… ولكن! يترشح نائبا للرئيس… ولكن. لم يتحقق الحلم ويتم الإقصاء من جديد..! يسعى إلى دخول لجنة الداخلية والدفاع فينجح الجويهل، ويحصد بضعة أصوات ويتم الإقصاء.
هناك يصيح الشباب المعتقل، فيسمعهم، أخرجونا نلتمس نورا فيلبي لهم الوسمي ويرفع سلاحه.. هنا يثور الصمت، ويقود الشاب ثورته من جديد، يقدم أداة استجوابه بآلام الإقصاء القديم، تقفز ذكريات الأمس المؤلمة، تحرك دوافعه حكومات الاستبداد، يعيش حالة القاضي والمدرس والمحامي، هو قائد الثورة وهو محورها، مشاهد التاريخ تتقدم أمامه، إلغاء تفوقه الدراسي ورفضه… يقدم استجوابه بذاكرة الحق المطلق للقانون الذي تعلمه في جامعات العلم والحضارة بأميركا، يقدم استجوابه لآهات الأمهات والأبناء الذين اعتقل أبناؤهم وآباؤهم تماماً كما يقدمه لآهات من بكاه حين ضرب وسحل على مرأى الكرة الأرضية كما قال! يقدمه للسلطة التي لم تحرك ساكنا لقضاياه وقضاياهم، يقدمه للحكومة التي لم تعدل في عدلها وجورها.
عبيد الوسمي قصة وطن جريح، لكنه نطق ليقول: احترمونا… نحترمكم.