أقلامهم

صالح الغنام : إحنا عشقناها… وايد عشقناها

فرحة مصطنعة!

صالح الغنام 
الطقس, ولا أروع… الأغاني الوطنية, “على ودنه”… عدد باعة مسدسات الماء و”الفوم” والألعاب النارية, أكثر من عدد الصالونات النسائية في منطقة الرقعي, وعلى عين أتخن “شنب” في البلدية والتجارة… برميل النفط, كسر حاجز ال¯ 122 دولارا أميركيا… الحفلات الغنائية, التي كانت أنغامها ستؤذي مشاعر إخواننا السوريين, أجازها المتأسلمون بعد أن ضمنوا أن ريعها سيذهب لهم… البلد في سبات و”ربادة” نظرا إلى اجازة الأعياد الوطنية… البر ما تلقى فيه شبر تدق فيه مسمار خيمة… منطقة “الشاليهات”, ما لك محط رِجِل فيها… المطار, حتى لو واسطتك وزير المواصلات, ما يدبر لك كرسي فاضي… نواب الأمة – يا كاشف الغمة – يدغدغون مشاعر الناس ويلعبون بأعصابهم ببشرى مكرمة جديدة, وكأن هذا الشعب لا يحتفل بأعياده الوطنية إلا والنوط أمامه!
كل ما سبق يدل على أجواء فرح وسرور تعم البلاد, فلم إذاً نشعر ب¯ “نغزة” في أقصى صدورنا, تنغص علينا الفرحة, وتشعرنا بأن سعادتنا موقتة, وسرعان ما سيدنو أجلها وتزول “في حد باصص لكم في اللقمة” كان هذا تفسير صديقي الإعلامي المصري, الذي كنت أتجاذب معه أطراف الحديث, ونحن نرقب معا موقفا عفويا, أكد لنا أن الناس “على طريف”, ومن الممكن استثارتهم لأصغر الأسباب وأتفهها رغم اصطناعهم الفرح والبهجة, وتلوين وجوههم بألوان العلم, وارتدائهم الأزياء الزاهية, وترديدهم للأغاني الوطنية. ما رأيناه, أناس متربصون, لا أقول يضمرون الشر, ولكن يبدو أن في داخلهم رعبا من شيء ما, ويتوقعون في كل لحظة وقوع مكروه أو حدث جلل ينبئ بالخطر, لذلك هم متحفزون للتعامل مع أي تصرف عفوي عابر, وتفسيره على أنه اعتداء ومساس بالكرامة, ينبغي ردعه والتصدي له بالعنف والقوة! 
كخبير قديم بالفرح والسرور, أقول بأن الفرحين حقا وفعلا, لا يديرون بالا لأفعال الآخرين, بل إنهم يترفعون عن الصغائر ويتجاوزون حتى عن التصرفات التي يشعرون بأنها مقصودة وتتعمد استفزازهم, ففي السراء لا وقت للضراء, والسعادة متى خلت من الحب والتسامي والتسامح, فاختاروا لها اسما آخر يليق بمعناها الجديد… على أي حال, سنفرح ببلدنا وبأعياد بلدنا, وفقا لتقاليد الفرح القديمة التي كنا نعيشها, وكان آخر عهدنا بها في الفترة التي أعقبت التحرير مباشرة. سنفعل هذا, ولن نسمح لا للسياسيين ولا لغيرهم بأن يزهدونا في كويتنا. سنفرح بطريقتنا ونضحك بقلب صاف, ونغني مع أطفالنا بصوت واحد: “إحنا عشقناها… وايد عشقناها, من يوم فتحنا على الدنيا… إهي أمنا, إهي أرضنا, الله يخليها لنا الكويت ديرتنا, ويحميها من كل شر آمين… آمين… آمين”.