أقلامهم

ناصر المطيري : الفساد في الكويت كامل الدسم … برعاية أباطرة المال والسلطة

رؤوس الفساد!

ناصر المطيري 
لم يعد الكلام عن الفساد جديدا في الكويت ولا هو حديث يفترى بل صار واضحا ومكشوفا و«مصلع» كالشمس في رابعة النهار.. ولو أن الفساد الكويتي اقتصر على جهة بعينها أو قطاع من المجتمع أو مجموعة من الناس سواء سياسيين أو اقتصاديين أو إداريين ما استحق ذلك منا نقطة حبر، غير أن الفساد «عم وطم» بلا أدنى مبالغة.
لن أتطرق لفساد الملايين ولا لفساد العمولات الكبرى ولا الرشاوى السياسية ولا لشراء الولاءات ولا للعقود الضخمة في مشاريع «اللاتنمية» السابقة، لن أتطرق لكل هذا تحاشيا عن الوقوع في المحظور وخوفا أن تصبح كلماتي «جار ومجرور»!، بل يكفيني أن أكتب عن «ثقافة الفساد» التي تفشت في المجتمع بين قطاعات الموظفين في مواقع العمل المتعلقة بالخدمات العامة للمواطنين بشكل ملفت أصبح ظاهرة مؤذية تشوه صورة الكويت وسمعة شعبها.
معاملة واحدة تحاول انجازها في بعض قطاعات الدولة من بلدية أو شؤون أو داخلية أو أشغال أو صحة وغيرها يمكنك أن ترى فيها الفساد رأي العين وتصافحه يدا بيد، فنادرا ما تجد معاملتك تسير سيرها الطبيعي دون عسر ومشقة ما لم تدهن سير هذا أو «تضبط» ذاك بهدية.. بل حتى الحصول على سرير في بعض المستشفيات لمريض يحتاج منك أن «تلوث» يد أحدهم بمبلغ من المال ليس من باب الصدقة عليه ولكن من أجل أن تمشي الأمور فحسب.
والأمثلة عديدة وكثيرة والمشاهد يندى لها الجبين حتى أن بعضا من النساء الموظفات ولجن إلى عالم الفساد والرشوة بقوة لاسيما ممن يعملن في مرافق خدمية مهمة تتعلق بمصالح الناس وهذه حقيقة وليست ادعاء، والمصيبة أن هناك انحطاطا «ودناة نفس» شديدة تسود بين البعض ممن يتقبلون الهدايا الزهيدة والعطايا الحقيرة مقابل افساد ذممهم على حساب تجاوز مصالح الناس.
ويتميز الفساد في الكويت بأن له «سبع حواس» فمرة تجده فسادا يتكلم بتبجح ووقاحة يأمر بالمعروف والإصلاح ولا يأتيه وينهى عن المنكر ويخوضه شخصيا، ومرة هو فساد مسموع يصم الأذان، وأخرى فساد له رائحة تزكم الأنوف تعبر من محطة مشرف إلى العارضية، وغالبا تراه فسادا ملموسا محسوسا نأكله في البطون سموما وأطعمة فاسدة يتم ضبط بعضها بالأطنان ولم ولن يتم ضبط أصحابها الفاسدين.
الخلاصة أن الفساد الكويتي «كامل الدسم» لأنه يحظى برعاية القطط السمان من أهل النفوذ وأباطرة المال والسلطة.. وكان للفساد في الكويت برلمان سابق يسمى مجلس الملايين وفي رواية أخرى «مجلس الغسيل»! نأمل ألا يكون مجلس الأمة الحالي امتدادا لسلفه.. فمسؤولية محاربة ومحاصرة الفاسدين أولوية برلمانية يجب تظافر الجهود من أجلها.