آراؤهم

إجرام الأسد و”جعجعة” الغرب

اعتبرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الثلاثاء 28 فبراير  ” الرئيس السوري بشار الأسد مجرم حرب”، محذرة من أن هذا الخيار “قد يعقد التوصل إلى حل في سورية” التي تشهد ثورة شعبية سلمية قابلها الأسد بقمع وحشي أدى لمقتل نحو عشرة آلاف وأضعافهم من المفقودين والجرحى والمعتقلين والمشردين والنازحين، وتدمير كلي لبعض أحياء المدن والبلدات والقرى السورية في طول البلاد وعرضها.  
قالت كلينتون في كلمة ألقتها أمام مجلس الشيوخ الأمريكي إن تصنيف الأسد “كمجرم حرب سيحد من الخيارات المتاحة لإقناع قادة بالتخلي عن السلطة”. 
إلا أنها استطردت قائلة إنه بالفعل “يمكن القول إن الرئيس السوري مجرم حرب” مؤكدة أن “ثمة مبررات تدلل على أن الأسد ينتسب لهذه الفئة”.
في حين دعا وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه إلى إحالة الملف السوري للمحكمة الجنائية الدولية لمعاقبة النظام على القمع الذي يقوم به هناك.
جعجعة إعلامية يرددها المسئولون الغربيون على مدار الساعة منذ انطلاق الثورة السورية، وهم في مواقفهم بين جزر ومد وارتفاع وهبوط، لا ترقى جعجعتهم إلى فعل حقيقي على الأرض للحد الأدنى من تحمل المسؤولية الأخلاقية والإنسانية والقانونية تجاه شعب يذبح جهاراً نهاراً من الوريد إلى الوريد.
قالت كلينتون “إن بشار الأسد وقح ومجرم حرب” وهذه حقيقة، ولكنها لم تذكر الحقيقة بكامل أبعادها، فهي ترى نصف الكأس المملوء ولا ترى النصف الآخر الفارغ، وهي الشريكة الفعلية لهذا الجزار لأنها لم تأخذ على يده وتوقف أذاه وتردعه وهي القادرة على فعل ذلك، وكانت لأمريكا والغرب مواقف من أحداث شبيهة بما يحصل في سورية، وعلى سبيل المثال ما حدث في البوسنة والهرسك وما حدث في كوسوفو، عندما منعها الفيتو الروسي من إصدار قرار في مجلس الأمن حيال ما يرتكبه الصرب من مذابح ومجازر بحق مسلمي البوسنة والهرسك والأقلية في كوسفو، فتصدت مع حلفائها لهذا الأمر سريعاً وحسمته خلال أيام بعيداً عن مجلس الأمن والفيتو الروسي، فما بال أمريكا والغرب والمجتمع الدولي ينافق لجزار مجرم؟! ويقفون متفرجين على شلالات الدماء وقد تفجرت أنهاراً في سورية على مدار الساعة منذ أحد عشر شهراً، دون أن نسمع منهم إلا جعجعة وبيانات وتصريحات وتنديدات وتبريرات وتسويغات وعقد مؤتمرات وتقديم مبادرات، رفضها النظام السادي السوري بصلف وغرور وتحد جملة وتفصيلاً، بل ازداد تغولاً في سفك الدماء وتوحشاً في القتل، وتخريباً لكل معالم الحياة في معظم المدن والبلدات والقرى السورية بفعل القصف البري والجوي والبحري الوحشي، الذي طال الإنسان والحيوان والشجر والحجر، وقد وثق نشطاء الثورة كل ذلك عبر فديوهات حازت على مصداقية ومهنية عالية اعتمدتها منظمات حقوق الإنسان الدولية، وتناقلتها وسائل الإعلام العالمية بالصوت والصورة على شاشاتها وصحفها وإذاعاتها.  
كلينتون لم توافها الشجاعة وتعترف بأن موقفها هذا يرقى إلى المشاركة في الجريمة كونها تعترف بوقوعها ومعرفة الجاني والضحية ووسيلة ارتكاب الجريمة، وهذا الموقف تعاقب عليه قوانين الأرض والسماء، وقد اعتمدت في كل قوانين الدول مادة تعاقب من يشاهد المجرم وهو يرتكب الجريمة ولا يسارع في كف يده إلى الإدانة التي قد ترقى إلى الشراكة في ارتكاب الجرم.
من هنا فإنني أتهم أمريكا والغرب والمجتمع الدولي – دون أن أستثني العرب – بأنهم كلهم شركاء بالدم السوري الذي يسفح على يد جزار سورية بشار الأسد منذ ما يزيد على أحد عشر شهراً، وإن كل هذه الأرواح التي زهقت يتحملون مع الجزار بشار الأسد المسؤولية الأخلاقية والإنسانية والقانونية تجاهها، وسيذكر التاريخ مواقفهم السلبية تجاه ما تعرض له الشعب السوري بمداد أسود، يحكي للأجيال اللاحقة تلك القصص المرعبة والوحشية والبربرية التي اقترفها الجزار بشار الأسد بحق شعبه، وقد اكتفى المجتمع الدولي بمشاهدة هذا المسلسل المخزي دون أن تتمعر وجوههم أو تختلج لهم جارحة أو يرف لهم جفن أو تمتد يد بالمساعدة.