أقلامهم

باسل الجاسر… القفز إلى المجهول

المادة الثانية.. المزايدة وعدم الوعي!

باسل الجاسر 
منذ العام 81 ونحن نتعرض بين الحين والآخر لحالة من تهديد للوطن والشعب والدستور لدفعنا إلى القفز للمجهول تحت ذريعة غاية في القيمة من حيث الشكل ولكن المضمون غاية في الخواء والضعف، فالشكل هو تطبيق شريعة الله المحمدية التي طبقت في عهد الخلافة الراشدة حيث العدالة والمساواة والمحبة والإيثار، الشريعة الربانية كما أمر الباري عز وجل وعلى هدي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فمن يفكر أو يتردد بقبول تطبيقها بل وحتى على غير المسلمين؟.
 أما المضمون فهو تطبيق شريعة الله فقط ولكن كيف وعلى أي أساس أو مذهب أو كيفية لا أحد يرد عليك، بل إن من يطالب بتطبيق الشريعة من خلال تعديل المادة الثانية لتصبح الشريعة المصدر الوحيد للتشريع لنقفز بذلك قفزة بهلوانية أكروباتية نقوم بها دون تدريب أو استعداد أو حساب للعواقب، أي شريعة يريدون تطبيقها شريعة بني أمية أو العباسيين أو شريعة ابن طولون أو بني عثمان؟ .
فأغلب هذه الدول وغيرها طبقت الشريعة الإسلامية منذ انتهاء عهد الخلافة الراشدة وإلى سقوط الدولة العثمانية وجميع هذه الدول طبقت الشريعة إلا أنها كانت في الغالب دولا ظالمة تقدم مصلحة الخليفة أو الحاكم على كل مصلحة والقتل فيها أسهل من شربة الماء، ونقول لهم أي نموذج تريدون تطبيقه علينا من نماذج الدول التي طبقت الشريعة بالعصر الحديث؟ فيقولون الشريعة واحدة وأنا أعلم أن العزيز القدير واحد وشرعه واحد إلا أن الدول التي طبقته اتخذت نهجا وفهما يختلفان بين نموذج وآخر وكلها خالفت الخلافة الراشدة، فأي منها تريدون؟ هل المطلوب نهج دولة طالبان أم نهج دولة حسن الترابي في السودان الذي قرر تطبيق الشريعة حتى على الجنوب الذي أغلبه من مسيحيين ما روعهم وجعلهم يطالبون منذ ذلك الحين بالاستقلال وتحقق ذلك السنة الفائتة ما فتت السودان؟ أم شريعة حماس في غزة التي لولا «الأنروا» لمات الشعب هناك جوعا؟ أم دولة العراق الإسلامية التي قامت في الأنبار والتي تزعمها الشقي الزرقاوي الذي أعمل القتل وحكم بإرهاب أمة المسلمين؟.
وهناك أمر جوهري آخر يتمثل في أن تعديل المادة الثانية بما يجعل الشريعة المصدر الوحيد للتشريع سيوقعنا في تضارب مع مواد أخرى كثيرة أبرزها المادة 6 التي تقول نظام الحكم ديموقراطي السيادة فيه للأمة، والشريعة الإسلامية لا تقبل هذا النص ولا تتعايش معه، فالسيادة والأمر لله ولرسوله وأولي الأمر منكم وتأتي هذه المطالبة بين الحين والآخر على الرغم من ان اللجنة العليا للعمل على استكمال تطبيق الشريعة انتهت إلى أن جميع التشريعات الكويتية تتوافق مع الشريعة الإسلامية بما يزيد على 95% أي أن المتبقي يقل عن 5% فلو كرس المطالبون بتطبيق الشريعة جهودهم لأسلمة هذه التشريعات لتحقق مطلبهم ومطلب قواعدهم الانتخابية ومن خلال تعديل القوانين التي لا تتطلب إلا أغلبية الحضور وبما لا يوقعنا في تضارب النصوص الدستورية، إلا أن أحدا لم يفعل سوى المزايدة لدغدغة مشاعر القواعد الانتخابية التي تقبل هذه المزايدات.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.