أقلامهم

دلع المفتي تشرح لأمها عن تويتر

أمي وتويتر

 دلع المفتي 
على فنجان قهوة رائق مع امي، سألتني: ما هو تويتر؟ حاولت ان أشرح لها الموضوع تكنولوجيا، فلم أفلح، طلعته فوق نزلته تحت، لم أنجح. قررت تبسيط الأمر وتسهيله، قلت: اسمعي يا أمي.. تخيلي أن هناك صالة كبيرة بمساحة ملعب كرة قدم، جدرانها مملوءة بالنوافذ، يحق لأي شخص أن يحجز نافذة (مجانا) باسمه أو باسم مستعار، وأن يضع صورته عليها أو صورة بطة أو عصفور إن أراد، ثم يجلس خلفها ويتكلم. يمكنه أن يقول جملة واحدة تعبر عما يجول في خاطره، تسمى «تغريدة». سألتني: ماذا يقول؟. قلت: ما يشاء، يتحدث في السياسة، الحب، الطبخ، التاريخ، الاقتصاد، الأديان، يلقي نكتة يضع أغنية، يشتم نظاماً حاكماً، بشرط ألا تتعدى عبارته الـ 140 حرفاً، ردت: وبعدين؟ قلت ولا قبلين!. عادة يرد عليه بعض المغردين، فيجري بينهما حوار، أو تطير تغريدته في هواء التويتر كما تطير تغريدات العصافير! 
أعتقد انها فهمت العملية ككل على انها «فشة خلق»، لكنها عادت لتسأل: طيب.. كيف يتم تنظيم الحديث بين الملايين من البشر؟ فقلت: صدقيني لا أدري، لكن ربما علينا جميعاً ان نتقيد ببعض الارشادات التي خطرت على بالي، وأشارككم فيها كآداب عامة واتيكيت تويتري:
– سجل باسمك الحقيقي، فالاسم المستعار، مع انه يترك لك مجالا أكبر للحرية، لكنها حرية مشوهة وبعض المغردين لا يتجاوبون مع الاسماء المستعارة فابتعد عن «العاشق، والمفجر، والفاتنة…الخ».
– لتكن تغريداتك مهذبة، وابتعد عن الألفاظ النابية والشتائم.
– احترام خصوصية الآخرين ووجهة نظر الآخر وتقبل الاختلاف الفكري بأنواعه، وعدم تهميش الفكر المختلف أو إقصائه.
– الاستعداد لتحمل النقد والسخرية (المقبولة).
– خفة الظل ضرورية، فالآخر لا يصله منك إلا حروفك، فحاول بقدر المستطاع الابتعاد عن السماجة.
– استمع لمن يتبعك، وحاول أن ترد على من يعلق على كتاباتك، وحتى ان كنت مشهوراً وعدد متابعيك يتعدى مئات الآلاف.
– احترم حقوق المغردين، فإن أعجبتك عبارة أحدهم، ضمن اسمه في كتابتك، ولا تسرق جهد غيرك.
– لا تستعجل بعمل ريتويت لخبر أو معلومة قبل ان تتأكد من صدقيتها، فكثير من الأخبار المزورة كادت ان تتسبب بمصائب، نتيجة لسرعة تناقلها.
– لا تطلب من أحد أن يتابعك، فإن كان ما عندك يستحق المتابعة، فهم سيتابعونك تلقائياً.
– كن بسيطاً، وابتعد عن الرسمية، فتويتر ليس مجلساً للوزراء، ولا مهمة رسمية. ورجاء.. رجاء، ابتعد عن المجاملات الفارغة اللزجة.
– اقرأ لغيرك، ولا تجعل تويتر مركزاً للشوفينيا والنرجسية، كي تقول «شوفوني ما احلاني».
– وأهم ما في الموضوع لا تعمل «ريتويت» لمن مدحك وتغنى بك.. نحن نعرف انك شخص مهم وجميل ورائع وخارق.. فارحمنا.
في النهاية.. ربما أفتح حسابا تويتريا لأمي، كوني متأكدة أن تغريداتها ستكون أجمل وأعذب من كثير من التغريدات الفئوية والطائفية والعنصرية التي ابتلينا بها.