أقلامهم

لمى العثمان : قصة خذلان ونكران يندى لها الجبين

أبناء الشهيد لا يزالون لاجئين في الغربة!

لمى فريد العثمان
قصة أبناء الشهيد حمود ناصر العنزي هي قصة خذلان ونكران يندى لها الجبين، هي حكاية مؤلمة تقطع نياط القلب، وتبعث في النفس الأسى والأسف، كتب عنها الكثير لكن لا حياة لمن تنادي… نستذكرها اليوم ونحن نحتفل بالعيد الوطني وذكرى تحرير الكويت.
تم أسر الشهيد حمود ناصر العنزي، الذي قاوم العدوان الصدامي مع زملائه في الجيش الكويتي، وفي 2004 تم الإعلان رسمياً عن استشهاده من قبل فريق البحث عن الأسرى والمفقودين بعد العثور على رفاته، لينضم إلى شهداء الكويت المعتمدين لدى مكتب الشهيد (رقم الرفات 8015).
وبعث سمو ولي العهد آنذاك الشيخ سعد العبدالله، رحمه الله، برسالة تعزية لأسرة الشهيد، وأقيمت جنازة مهيبة لكوكبة من الشهداء الذين لفوا بالعلم الكويتي، وحملت الجثامين على الأكتاف تقدمهم سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد، إلا أن أبناء الشهيد حمود العنزي التسعة وأمهم لم يحضروا الجنازة، لأنهم يعيشون كلاجئين في الأردن منذ خروجهم من الكويت أثناء الغزو الصدامي، فقد منعوا من العودة للوطن لأنهم بدون.
يقول أبناء الشهيد في رسالة قديمة “عندما أسر والدنا كنا صغاراً أكبرنا يبلغ 13 عاماً، دخلنا الأردن كلاجئين أثناء احتلال الكويت من أجل مطالبة حقوق الإنسان في الأردن باستخراج والدنا من السجون العراقية، لكن للأسف لم يفعلوا شيئاً حتى ضاقت علينا الدنيا، وأصبحت ظروف والدتنا الصحية صعبة، فلم نتمكن من العودة للكويت، والآن محرومون من التعليم والأمن والعلاج والعمل، وليس لدينا إثبات إلا من المفوضية السامية للأمم المتحدة في الأردن… إننا نعاني قسوة الحياة وفقد الوالد والعائل ونكران الأهل والأحبة، نعاني قسوة اليتم والحرمان وفقدان الناصر والمحب… فهل هذا جزاء من استشهد دفاعاً عن بلده؟ لقد تركنا والدنا والأمل يحدوه بنصرة ووفاء الكويت لدمائه الزكية الطاهرة باحتضان أيتامه ورعايتهم لا تركهم كلاجئين في بلاد الغربة”.
قابل أبناء الشهيد المسؤولين في الأردن، وشرحوا لهم قصتهم مطالبين بالعودة إلى وطنهم، ليخبروهم بضرورة إحضار كتاب من وزارة الخارجية الكويتية، ولكن تمر السنون المرة الثقيلة، بالرغم من الاعتراف الرسمي بشهيد الوطن، دون أن يجدوا من يستجيب لنداءاتهم واستغاثتهم، هل يعقل أن نترك أبناءنا للمجهول والضياع أكثر من 21 عاماً؟ أي نكران وأي ظلم وأي هوان هذا الذي يتعرض له أبناء من دفع حياته ثمناً من أجل الوطن؟.
يتحدث أبناء الشهيد عن ظروف حياتهم القاسية كلاجئين في الأردن، وحرمانهم من أبسط الحقوق الإنسانية، وعدم قدرتهم على توفير العلاج لوالدتهم، وعدم استطاعتهم العلاج في المستشفيات الحكومية، وحرمانهم من التعليم إلا من درس منهم قبل الغزو في الكويت، ومعاناتهم في السكن، وعدم استطاعتهم الزواج، وصعوبة ظروف العمل الذي يحصلون عليه بشكل متقطع لمخالفتهم القانون، واستغلال أصحاب العمل لظروفهم في إبخاس حقوقهم، كما يتحدثون عن صعوبة التنقل، وقد حصل أن تم الزج باثنين منهم في السجن أياماً بسبب عدم وجود أي هوية رسمية!
نطالب اليوم النواب أصحاب الضمائر الحية، بعد أن فقدنا الأمل بتحرك الحكومة، بإنصاف أبناء الشهيد والضغط على الحكومة لإعادتهم إلى وطنهم، وتوفير العيش الكريم لهم ومنحهم الجنسية، إكراماً ووفاء لمن قدم حياته من أجل الوطن. آخر رسالة وصلت إليّ من خالد نجل الشهيد يقول فيها: “نريد العودة إلى بلادنا لأننا نتألم كثيراً في غربتنا… لقد طال الانتظار”… فمتى يصحو الضمير؟
للاطلاع على الوثائق والكتب الرسمية: www.al-shaheed.blogspot.com
***
تحية إجلال وإكبار للشباب الواعين الأحرار الذين بادروا بإطلاق حملة “على قلب واحد”، ليوصلوا رسالة رمزية في تنظيمهم لزيارة بيت القرين، تعبيراً عن رفضهم لخطاب الكراهية والطائفية، ووفاءً لأرواح من جسدوا الوحدة الوطنية في ملحمتهم الخالدة.