أقلامهم

حسن جوهر : ملاييننا وملايينكم … ومن موّلنا ومن موّلكم

ملاييننا وملايينكم!

د. حسن عبدالله جوهر

الهم الأكبر للمعارضة الجديدة في مجلس الأمة هو إجهاض لجان التحقيق الحقيقية وبأي ثمن، خصوصاً عبر محاولة حل المجلس مبكراً جداً، وستشهد الأيام القليلة القادمة سيلاً من الاستجوابات بما في ذلك استجواب رئيس مجلس الوزراء لهذه الغاية.

لقد وقعت الأغلبية النيابية في خطأ استراتيجي وسياسي عندما أجهضت فكرة تشكيل لجنة تحقيق برلمانية دعت إليها «المعارضة الجديدة» بشأن الادعاءات والتهم بتمويل دولة قطر لبعض النواب، وذلك في ردة فعل فورية وعكسية على طلبات التحقيق بخصوص الإيداعات المليونية والتحويلات الخارجية لرئيس الوزراء السابق وعمليات سرقة وتهريب الديزل.
فمن الناحية المبدئية ينبغي أن يتم التعامل مع هذا الملف المثير في عنوانه بنفس روح المسؤولية الحريصة على كشف الحقيقة أياً كانت أمام الشعب الكويتي، خصوصاً إذا كانت هناك شبهات أو أدلة تمس أعضاء مجلس الأمة لا سيما في الأمور المالية، كما أنها فرصة لاستدعاء من أثار هذا الموضوع من أصحاب الصحف والإعلاميين والنواب السابقين منهم والحاليين والتحقيق معهم لإثبات شهادتهم وطلب أدلتهم لتوثيقها بالعلن أمام الرأي العام.
أما من الناحية السياسية فقد كان حرياً بمجلس الأمة ونوابه من الأغلبية تحديداً أن يقبلوا مثل هذه اللجنة لاعتبارات مهمة، ولعل من أهمها أن لجان التحقيق الأخرى، سواء ما يتعلق بالأرصدة المتورمة أو التحويلات الخارجية أو ما نأمل أن تضاف إليها من أراض وعقارات منافع أملاك الدولة من قسائم صناعية ومزارع وشاليهات وغيرها مسجلة بالأصالة أو بالوكالة لبعض نواب مجلس 2009 والمجلس الحالي، قد تسفر عن مفاجآت وفضائح من سواد الوجه ومن العيار الثقيل، وفي هذه الحالة لن يكون هناك سلاح للمتورطين فيها من النواب إلا بمحاولة خلط الأوراق من جديد وتعميم تهم الفساد لتشمل خصومهم بحجة وذريعة أنهم حاولوا أن يكشفوا الآخرين ولكن لم يسمح لهم، وليظل الجدل العقيم يدور حول ملاييننا وملايينكم، ومن موّلنا ومن موّلكم، وأن الرشوة والفساد لهما صور وأشكال أخرى مازالت خافية؟!
لذلك كان الأجدر أن يقبل المجلس بمثل هذا التحقيق، بل أن تتم تزكية نواب المعارضة الجدد بهذا التكليف وإعداد التقرير النهائي بشأنه، وإن تطلب الأمر مدة الفصل التشريعي برمته، مع توقعاتي بأن بعضهم لن يقبل بهذا التكليف، لأن الهم الأكبر لهذه المعارضة هو إجهاض لجان التحقيق الحقيقية وبأي ثمن خصوصاً عبر محاولة حل المجلس مبكراً جداً، وستشهد الأيام القليلة القادمة سيلاً من الاستجوابات بما في ذلك استجواب رئيس مجلس الوزراء لهذه الغاية.
وبمعنى آخر، ستتكرر نفس المشاهد التي كانت مهيمنة على المجلس السابق والتي استنكرها نواب «إلا الرئيس السابق» بشدة كتخريب الجلسات عبر المعارك الكلامية والاستجوابات بالجملة، وتشكيل لجان تحقيق تتعلق بالذمة المالية للنواب من الخصوم، ويبقى السؤال المهم: هل ستنجر الأغلبية الثلاثينية الساحقة وراء تكتيكات الأقلية المعارضة، وتذوق نفس الكأس التي ذوقتها إياها في المجلس السابق؟!