آراؤهم

هل قدر سورية ان يمثلها دجال في الأمم المتحدة؟

تابعت يوم أمس الجمعة 2 مارس تقرير بان كي مون الذي تلاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الأزمة السورية، وما تبعه من كلمات أدلى بها بعض رؤساء الوفود، بما فيها رد الجعفري على بان كي مون.
وكان أهم ما جاء في تقرير بان كي مون قوله: “لقد طالبنا الحكومة السورية أن تضع حداً لكافة الانتهاكات بحق شعبها وأن تلتزم بصورة مباشرة بالالتزامات المقررة لها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان ولكن الحكومة السورية لم تفعل ذلك”، مشيراً إلى أن اللجنة الدولية للتحقيق في أحداث سورية والتي رفعت له تقريرها في 22 من شهر شباط الماضي “خلصت إلى أن الحكومة (السورية) ارتكبت عمليات وانتهاكات على نطاق واسع وبموافقة من أعلى مستويات من الدولة”. 
وأضاف: “لقد أفادت لجنة التحقيق أن انتهاكات المجموعات المعادية للحكومة لا يمكن مقارنتها بانتهاكات الحكومة، كما تبين للجنة أن الشبيحة التابعين للحكومة استمروا باستخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين السلميين في كافة أنحاء البلاد كما قاموا بارتكاب عمليات انتقامية ردّاً على هجمات قوات المعارضة”، لافتاً إلى أن “حرية التعبير لا تزال حتى الساعة من الأشياء المحرمة في سورية كما تم اعتقال أو احتجاز الكثير من النشطاء والصحافيين الذين يتعرضون لعمليات تعذيب في مراكز الاعتقال”، مشيراً إلى أن “عمليات التعذيب تطال أيضاً الأطفال”. 
وقد ناشد الأمين العام بان كي مون في تقريره الأسرة الدولية إلى فعل “كل ما بمقدورها لإنهاء الأزمة السورية، وأن تتحرك للتوصل لعملية انتقال سياسية في سورية إلى دولة ديمقراطية متعددة التي تؤيدها الجمعية العمومية”. 
كما اعترف بان كي مون في تقريره بإخفاق الأمم المتحدة إيجاد حل للأزمة السورية قائلاً :”لقد فشلنا في تحقيق هذا المأرب حتى الساعة، والتصرفات والغايات التي تعمل عليها الأسرة الدولية شجعت الحكومة السورية على الاستمرار بالقمع الوحشي ضد مواطنيها”.
ثم صعد بشار الجعفري مندوب النظام السوري المنصة ليرد على ما جاء في تقرير بان كي مون، وقد أخفق هذا الدجال “وهذا ما كان يلاحظ على وجه بان كي مون ووجوه الوفود الحاضرة” بأسلوبه الساخر المشفوع بحركاته ونظراته وتعبيراته الأراجوزية المثيرة، كسب تعاطف بعض الوفود لتصديق ما يقول وما يدعي من أكاذيب وأباطيل وترهات ممجوجة تعودنا وتعود العالم على سماعها من هذا الدجال، الذي يريد أن يحجب بدعاويه الباطلة ما يجري على الأرض في سورية وما يتعرض له الشعب السوري من مذابح ومجازر تقشعر لها الأبدان، على يد العصابة الحاكمة في دمشق، ولعل كلمة “شبيحة” التي وردت في تقرير بان كي مون تشير بما لا يدع مجالاً للشك أن النظام لم يكتف برجال أمنه وفرق جيشه بل استعان بآلاف المجرمين والقتلة ومهربي المخدرات وتجار الأسلحة الذين أخرجهم من السجون في مراسيم عفو متتالية، وهم من يطلق عليهم الشبيحة، ليكونوا يده التي تبطش بالمواطنين العزل وتسلخ جلودهم وتمثل بأطفالهم وتنتهك أعراضهم وتستبيح دماءهم وتنهب بيوتهم وتسرق محالهم، هذا الدجال يتوهم أنه قد يستطيع التدليس على مستمعيه وخداعهم، ونسي أن مثل لعب هذه الأدوار المسرحية لم تعد خافية على الداني والقاصي، وقد سقطت كل أوراق التوت التي كان النظام السوري يستر عوراته بها على مدار أربعين سنة ويزيد، حيث يشاهد العالم على الشاشات الفضائية العالمية كل يوم صور وحشية النظام السوري وبربريته وجرائمه وآثامه وبوائقه في قمع الشعب السوري الذي خرج بمظاهرات سلمية يطالب بالحرية والكرامة والديمقراطية والدولة المدنية، التي لم ترو كتب التاريخ مثيلاً لوحشيتها وفظاعتها، وقد تندر بعض الكتاب بقوله: “إن جرائم محاكم التفتيش ومذابح هولاكو ببغداد لا تصل إلى ما وصلت إليه جرائم الأسد بحق شعبه”.
وكان من مفتريات الجعفري وكذبه وهو يرد على تقرير بان كي مون في كلمة طويلة مسهبة وممجوجة قوله:
“إن مضمون البيان المقدم لا يبعث أبدا على الارتياح بالنسبة لسورية، وأنا قد فوجئت مع الكثيرين بطريقة التعامل مع الحالة في سورية بلغة نارية تكاد تقترب من حدود التشهير بحكومة دولة مؤسسة لهذه المنظمة الدولية استنادا إلى مجرد تقارير وآراء تصدر عن أوساط سورية معارضة في الخارج تقيم في عواصم دول تناصب سورية العداء وكذلك استنادا إلى تقارير استخباراتية لدول أخرى تعمل ليس فقط على تغيير النظام في سورية كما يقولون وإنما على تغيير الدولة”. و”أن الادعاء بأن الحكومة السورية فشلت في حماية شعبها باطل”.
وأكد الجعفري في رده “أن الهدف من الضغط على سورية هو سياسي بامتياز”، معربا عن أسفه “لأن كي مون أغفل عن تقريره التطورات السياسية في سورية مثل الدستور الجديد”.
هذا الجعفري الذي هو منذ أكثر من عشرين سنة وهو يمثل سورية في الأمم المتحدة يتجنب الاعتراف بأن قرار إدانة النظام السوري للجرائم التي يرتكبها ضد شعبه أيدته في مجلس الأمن سبع عشرة دولة وسقط بقوة الفيتو الروسي، وأن الجمعية العامة أيدت بأكثرية ساحقة كادت أن تبلغ الإجماع عند التصويت على قرار يدين النظام السوري، ويطلب منه وقف العنف وارتكاب المزيد من الجرائم بحق شعبه، فهل كل هذه الدول هي معادية لسورية وضغطها على النظام يصنف على أن الهدف منه سياسي بامتياز، كما يقول ويدعي هذا الجعفري؟
ثم جاءت كلمة عبد الله المعلمي مندوب السعودية باسم مجلس التعاون الخليجي مفنداً ما جاء في كلمة الجعفري من أكاذيب ومفتريات، واضعاً المجتمع الدولي أمام صورة ما يجري في سورية من جرائم يقترفها النظام السوري ضد شعبه على مدار أحد عشر شهراً ويزيد، ومما قاله المعلمي:
“منذ أن أخفق مجلس الأمن الدولي باتخاذ قرار بشأن سورية بسبب الممارسة المؤسفة لبعض أعضاء المجلس باستخدام حق النقض “فيتو” (ضد قرار يدين دمشق) والنظام السوري يعتبر أنّه قد حصل على الضوء الأخضر لسحق المواطنين العزل في سورية وإخماد ثورتهم وهو يتصرف وكأنه يخوض سباقاً مع الزمن لإنهاء مهمته قبل أن يعود المجتمع الدولي للتحرك ولذلك شهدنا تزايداً مستمراً في وتيرة الهجمات على المدنيين ووقوع المزيد من الضحايا كل يوم”.
وأضاف المعلمي في كلمته: “مساء البارحة بالتحديد شهدنا اقتحام القوات السورية لحي بابا عمرو في حمص وسقوط المجتمع الدولي في اختبار الضمير الحي وهو يشهد سربرينيتسا جديدة (في اشارة إلى مجرزة جماعية ارتكبتها القوات الصربية ضد بلدة بوسنية عام 1995) وكأن هذا المجتمع لم يتعلم شيئاً من دروس رواندا وكوسوفو وغزة”. وتابع في هذا السياق: “إن مجلس الأمن مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن يمارس دوره القانوني وأن يتحمل مسؤولياته الأخلاقية وأن يبادر إلى الدعوة إلى وقف العنف واتخاذ كل الوسائل الكفيلة بإيقاف آلة القتل السورية عند حدّها وإنقاذ المدنيين المحاصرين في حمص وحماه وجميع المدن السورية وإيصال المساعدات الطبية والإنسانية إلى المدنيين المتضررين وتأييد المبعوث الدولي (للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية لسورية) كوفي أنان والعمل على التوصل إلى حل سياسي يضمن للشعب السوري حقه في الحياة الكريمة والرخاء والأمن وينطلق من قواعد الوحدة الوطنية الشاملة التي تضم جميع أطياف الشعب السوري بمختلف انتماءاته السياسية والعرقية والطائفية والمذهبية ووفقاً لخارطة الطريق التي وضعتها جامعة الدول العربية وأيّدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة ونشر قوات عربية وأممية مشتركة لحفظ الأمن والسلام في سورية”. 
وختم المعلمي كلمته بالقول: “إن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على أتمّ الاستعداد لتكون في طليعة أي جهد مشترك يهدف إلى إنقاذ الشعب السوري وتدعيم قدرته على حماية نفسه من سلطة فقدت شرعيتها بمجرد أن استباحت دماء أبنائها”، مضيفاً إن “دول مجلس التعاون تحمّل المجتمع الدولي عامة ومجلس الأمن خاصة والقوى التي مارست حق النقض على وجه التحديد (في اشارة إلى روسيا والصين) المسؤولية الأخلاقية عما يجري الآن في بابا عمرو وفي منازلها”. وتوجّه للأسرة الدولية بالقول :”سيحاسبكم التاريخ والضمير إن تخاذلتم عن الاستجابة إلى استغاثة الشعب السوري وصيحات أبنائه المقهورين”.
ختاماً أقول لهذا الدجال مندوب النظام السوري في الأمم المتحدة أنه آن لك أن تؤوب إلى رشدك، وتتوقف عن لعب هذا الدور القذر الذي أراده لك النظام، وتنحاز إلى الشعب كما فعل مندوب ليبيا عبد الرحمن شلقم منذ بدايات انطلاق الثورة الليبية، فسفينة النظام غارقة لا محالة فتلك نهاية الجبارين والمستبدين والظالمين، ولعل مصير هتلر وموسوليني وشاوشيسكو والقذافي شواهد حديثة قد تكون عشت فصولها وأحداثها أيها الجعفري ولا تزال عالقة في ذهنك بكل سوداويتها القاتمة، فلا تكن أحد ركاب هذه السفينة الغارقة في القادم من الأيام والعاقل من اتعظ بغيره إن كان لديك بقية من عقل أو قليلاً من رشد!!