أقلامهم

منى العياف : مجلس أمة «طائفي» و«قبلي» و«عنصري» بامتياز

استجواب عاشور.. هل سيكشف المستور؟

منى العياف 
كثيرون يسألونني عن سبب ابتعادي عن الكتابة منذ أكثر من شهر، والحقيقة أن نتائج الانتخابات كانت محبطة لي، مع انها قرار واختيار الأغلبية، كما أنها تجسد ما جاء في الحديث الشريف «كما تكونوا يولى عليكم».
ومع هذا دعونا نقول أيضا إن الانتخابات، على الرغم من أنها وسيلة ديموقراطية، إلا أن هتلر جاء بانتخابات حرة نزيهة، ودمر ألمانيا وأوروبا وأشعل العالم.
وأيا كان الأمر، فإن الأيام دول، وهي دوما حبلى بالمتغيرات والآمال.. ونحن لا نملك إلا التفاؤل رغم ان الوضع الاقليمي مخيف، وهناك مخططات لا نعلم متى سيتم تنفيذها، ومنها ما يتردد عن أن تقسيم العراق قادم لا محالة واليمن كذلك، وأيضا ما يحدث في العزيزة سورية وما حدث في مصر، وجعلها بمنزلة الشوكة في خاصرتنا جميعا، ومن قبلها تونس وليبيا، وكل هذا مخيف ويجعلنا ننظر لواقعنا بدقة وتمعن، فنحن لسنا بمنأى عن كل هذا في ظل وجود مجلس أمة «طائفي» و«قبلي» و«عنصري» بامتياز.
***
استجواب عاشور..
نأتي الآن الى السبب الذي حفزني أكثر على العودة للكتابة بعد غياب وهو استجواب «الايداعات المليونية» الذي يتوقع ان يكون قد قدمه النائب صالح عاشور، وأنا أكتب هذه السطور وهو استجواب في الحقيقة تأخر طويلا مقارنة باستجوابات سابقة ربما كانت أكثر من خاطفة، مثل استجواب السعدون الأول الشهير، والذي قدم قبل أن تقسم حكومة ناصر المحمد السابقة اليمين الدستورية، واستجواب البراك الذي قدم في أعقاب نتائج الانتخابات في 2009، وبعد تشكيل الحكومة بخمسة أيام، ومقارنة بهذه الفترات القياسية من عمر تشكيل الحكومة يعتبر استجوابا طاله الوقت والتمحيص!
وبصرف النظر عن الأسباب التي أدت الى قيام «بومهدي» وهو نائب نحترم تاريخه البرلماني، ومواقفه الوطنية التي لا جدال فيها، فأنا ككاتبة أدعو دائما الى التهدئة وإعطاء الحكومة الحق والنفس في مزاولة عملها، إلا أنني رغم ذلك لا ألومه على ذلك لان هذا الاستجواب مختلف، فنحن عامة الناس نريد ان نصل الى الحقيقة المجردة في قضية «الإيداعات المليونية» التي بسببها دخلت بنوك اللعبة السياسية وأهدرت كرامات نواب ووزراء وضربت فيها القيم في الصميم وفوق هذا وذاك استبيح المجلس واقتحمت قاعة عبدالله السالم، وتم تعدي المقتحمين على القانون وتطاولوا على القضاء!
***
وعندما تفجرت هذه القضية لم نكن نحن ـ كمجتمع ـ نعرف بالضبط «من وين طقاقنا»، فعندما تم تحويل قضية «الإيداعات» الى النيابة تسربت لنا معلومات بأنها ليست أكثر من آلاف وليست ملايين كما يقال، وتم الزج بأسماء في الموضوع وظلمت ظلما بينا وأوذيت بلا رحمة فيما حميت أسماء أخرى وتعرض رئيس الوزراء السابق الى ظلم فادح، وعشنا مرحلة عصيبة تضامنت فيها الأجندات ما كان لها يوما ان تتضامن، وتوحدت رايات وخرجت جميع الأجندات تحت لافتة «راش» و«مرتش»، من دون دليل، وقد شاركت الوسائل الإعلامية في الهجوم بشراسة ضد هؤلاء، وقد كنت من أوائل من تصدوا لمثل هذه المهزلة وأكدت أنها لعبة سياسية بعض أبطالها اكتووا بنارها اليوم، والبعض الآخر جنوا ثمار المكاسب التي كانوا يحلمون بها، أما المتربصون من الجماعات الدينية كما سبق ان تناولتهم في مقالاتي وتحدثت عن مخططاتهم التي شاهدناها وحدثت في العديد من البلدان العربية، فقد حصدوا الغنائم!
وعودة الى استجواب «بومهدي» دعونا نجيب عن سؤال يطرح نفسه الآن وهو هل هذا الاستجواب دستوري ام غير دستوري؟
***
وسبب طرح هذا السؤال هو ان القضية الآن مطروحة أمام القضاء، وهناك لجنة برلمانية شكلت من نواب «الأغلبية» الذين استفادوا من تداعيات هذه المشكلة لبحث هذا الموضوع، حيث أرى بداية انها لجنة غير محايدة ولن نصل الى الحقيقة.
الموضوع أيضا يتعلق بالحكومة، فمن ناحية البنك المركزي فالمسؤول هو وزير المالية، ولكن كل تلك المبررات كانت موجودة في السابق، ومع ذلك لم تثن نواب «الأغلبية» عن تقديم استجواب، ولم تثن كتلة العمل الوطني عن إطلاق 5 رصاصات!
أمام كل هذه المتناقضات دعونا ننتظر ونرى ما الذي سيحققه النائب عاشور من هذا الاستجواب، وهل سيجلي استجوابه الكثير من الحقائق والأمور الغامضة لدينا، وهل سينكشف المستور؟ دعونا نرى ونتعلم!
.. والعبرة لمن يتعظ!