أقلامهم

يعقوب الشراح : فساد النفوس استشرى في ارجاء المجتمع فلم نعد نبالي بالقانون

 انحطاط وألفاظ بذيئة

د. يعقوب أحمد الشراح 
ينزعج الانسان عادة عندما يستمع الى لغة تعكس ألفاظا بذيئة وغير مقبولة في العرف العام لسلوكيات البشر. فالألفاظ بدلالاتها بلا شك تعبر عن مستوى ثقافة وتحضر وأخلاق قائلها، وتسيء كذلك الى قائلها قبل اساءتها الى متلقيها اذا كانت ألفاظا مسيئة ووضيعة. الكثير من هذه الألفاظ المنحطة نسمعها في حياتنا وتصدر من اناس، خصوصا عندما يكونون في حالة الغضب الذي يعتري الكثيرين وهم يتفاعلون تجاه الاشياء التي تضايقهم فتدفعهم الى التذمر والتحلطم، وربما استخدام العنف الجسدي دون شعور او احساس بأن سلوكهم هذا فيه الضرر الكثير عليهم وعلى غيرهم، او انه قد يؤدي الى سلوك يتعارض مع القانون.
ان مستوى لغة التفاهم عندما ينحدر عند البعض جراء نشوب الخلافات الفكرية والتباين في الامزجة والمعتقدات والصراع على المصالح والمكاسب وغيرها ظاهرة تسود مجتمعات كثيرة قد لا يعيرها العاقل احيانا اي اهتمام باعتبار انها ظاهرة طبيعية يصعب التغلب عليها ومحوها من اذهان البشر في وقت نقر ان العلاقات مختلفة، والدوافع متباينة، ونظام المعيشة لا يسري على حال واحد لدى الجميع، ناهيك عن الاختلافات في الخلفيات الثقافية والتعليمية والاجتماعية وغيرها عند كل الناس.
لكن الاجماع على رفض لغة الخطابة والتفاهم في مستواها اللفظي المسيء والمنحدر عندما تصدر من مفكرين وعلماء وساسة وقضاة واساتذة في المدارس والجامعات ورجال دين ونواب وغيرهم ممن يفترض فيهم حسن التعامل باستخدام الألفاظ الراقية التي تعكس رقي ثقافاتهم وخبرات حياتهم واحترامهم للآخرين، وتمسكهم بأخلاقيات الحوار وادب اللغة والألفاظ، نقول عند حدوث ظاهرة كهذه، فإن الناس لا تتردد في تقليد الظاهرة، واشاعتها على نحو فيه الكثير من الفساد والتخلف، فالبعض من نواب المجلس التشريعي على سبيل المثال لا يتردد في اسماع زملائه النواب الألفاظ المسيئة التي تحط من القدر وتمس السمعة والكرامة، ناهيك عن العراك الجسدي احيانا!
ومن المؤسف ان تتحول الألفاظ عند البعض من القادة والمسؤولين الى شتم وسب واهانة في صور تعبر عن تحد للقانون والأخلاق، فالظاهرة اصبحت لا تقتصر على طرف دون آخر، بل ان مشاهداتنا اليومية تؤكد ان فساد النفوس استشرى في ارجاء المجتمع فلم نعد نبالي بالقانون او تلتزم بأدب الاختلاف والعلاقات بين الناس. فلقد تحول السلوك غير السوي الى ظاهرة اجتماعية مقيتة ومرض ظاهر يحتاج الى علاج لكي تعود النفوس الى توازنها ويكون للعقل دور فاعل في عقلانية التصرفات العامة التي تحمي البلاد من المخاطر وتجنبها الضرر الكبير الآتي من الداخل او من نفوسنا التي تنسى ان الخالق حمانا وسخر لنا عون الكبار من الدول التي اصطفت معنا من اجل اعادة البلاد لنا بعد ضياعها لمدة ثمانية اشهر مأسوية شعرنا بأنها سنوات طوال من الضياع الابدي.
 نتمنى ان يتعلم من يحاولون الاساءة بالألفاظ والافعال انها سلوكيات تضر بهم مثلما تسيء الى الوطن، فالتعقل في اللفظ والفعل اساس الحكمة وطريق ثابت للحفاظ على كيان المجتمع.