أقلامهم

عبداللطيف الدعيج : مجاميع التخلف لا تزال ترى في المرأة مخلوقا ناقصا

الخوف من المرأة

عبداللطيف الدعيج 
في الوقت الذي انصف فيه قضاؤنا العادل دستوريا المواطنة الكويتية بمساواتها مع المواطن الكويتي، وذلك بإلغاء قرار جامعة الكويت الذي ميّز بين المواطن الذكر والمواطنة الانثى، بان كفل للرجل حق الالتحاق بالجامعة ولو كانت نسبة تحصيله اقل من نسبة تحصيل المواطنة الانثى، بحجة زيادة اعداد الطالبات على الطلاب. 
في هذا الوقت تولت اللجنة التشريعية او التسريعية وفقا لمهام نوابها الجديدة اقرار التقاعد المبكر للمرأة، حسب ما صرح به مقررها يوم امس. لا ندري ما هو التقاعد المبكر، فعلى علمنا بان المواطن والمواطنة الكويتيين متقاعدان «خلقة». وان احدا اصلا بالكاد يعمل. وإن عمل فهي ايام معدودة تتخللها عشرات، بل ربما مئات العطل إن اضفنا الطبيات والغياب بلا عذر. وفوق هذا وذاك فان المواطن الكويتي ذكرا كان او انثى يتقاعد مبكرا من الاصل. لهذا فنحن لا نعلم ما المقصود حتى الان بـ«تبكير» تقاعد المرأة على يد نواب التدين من الذين غزوا مجلس الامة الحالي.
طبعا سيكون على الحكومة والاتجاهات المتنورة التصدي لهذا الاقتراح المغرق في الرجعية والتخلف. والذي الهدف منه توفير فرصة افضل لمجاميع التخلف من اجل تقعيد نسائها في البيت وحرمان المواطنة بشكل عام من العطاء والوطن من مجهوداتها وادائها الخلاق. نحن في الوقت الذي تتجسد فيه امامنا قدرات المواطنة وتفوقها العالي في العطاء سواء في العمل او في التحصيل العلمي، هذا التحصيل الذي فرض على الجامعة ان تحدد نسبة قبول قدرها %60 للمواطنات و%40 ـــ اي تقريبا الثلث ـــ للرجال، وهو ما نقضته المحكمة الادارية، باعتبار ان المواطنات لهن الحق في الاكثر من ذلك ان واصلن الاجتهاد والتفوق على المواطن الذكر، في هذا الوقت فان المغرمين بذكوريتهم والمقدسين للحاهم عندنا يصرون على حرمان المجتمع من نشاط وابداع نسائه مبكرا، وايداعهن بتحصيلهن العلمي المتفوق ونشاطهن المميز في دهاليز التخلف وحبسهن خلف اسوار التمييز بل والاضطهاد.
لقد اجتهدت المرأة الكويتية وأخذت حقها في المساواة الطبيعية مع الرجل. وقد انصف القضاء دستوريا المواطنة، باعتبار ان الدستور كفل حق التعليم لكل المواطنين ذكورا ام اناثا، كما ان المادة 29 من الدستور قد حرمت التمييز بناء على الجنس. ان المفروض ان نحتفل او ان نبتهج بهذا الحكم التاريخي باسناد ادوار اهم للمواطنة والنظر اليها النظرة الملائمة لقدراتها وعطائها الطبيعي الخلاق، لكن مجاميع التخلف لا تزال ترى في المرأة مخلوقا ناقصا وعضوا ضعيفا في المجتمع، لا يستحق الاحترام او المساواة بالمواطن الرجل!
على فكرة، وبناء على حكم المحكمة الادارية الاخير، فإن الدستور نفسه الذي حرم التمييز بين المرأة والرجل في التعليم، هو الدستور نفسه الذي سيحرم هذه المرة التمييز ضد الرجل في التقاعد المبكر.. فالمواطنون متساوون امام القانون، وليس في امكان مجاميع التخلف تشريع قانون تقاعد للاناث وقانون تقاعد للرجال.