آراؤهم

الوحدة الوطنية .. والهولوكوست

من أكثر المواضيع رواجاً هذه الأيام موضوع الوحدة الوطنية،فقد كثر الكلام حولها في الندوات السياسية والبرامج الحوارية والدواوين وغيرها..! بل انك لو وجدت اثنين في الشارع بينهما “سالفة “فمن الوارد جداً، وفق نظرية الاحتمالية في الإحصاء، أن تكون هذه “السالفة” عن الوحدة الوطنية! فعلاً، المجتمع الكويتي وصل مرحلة متقدمة جداً في تنظير وإرساء قواعد الوحدة الوطنية والدندنة حولها والرقص على أهازيجها إن لزم الأمر، وسبب ذلك هو أن الإنسان بطبعه يحن إلى ما يفتقد، ونحن نفتقد هذه الوحدة الوطنية.
 على كلٍ يبدو أن الحكومة أدركت مشكورة أهمية هذا الشأن، أعني شأن الولاء على أساس المواطنة.. فتمتمت بكلمات، تبين لاحقاً أنها ما يستحب قوله عند التزكية الشرعية، وحملت المعول وأخذت تضرب انتماءات الناس وولاءاتهم ببعضها ليعلم الناس أن الله حق وأن انتماءهم يجب أن يكون للوطن لا غير..! فباسم الوطنية أهينت القبيلة وأججت الطائفية وقسم الناس إلى داخل وخارج وفوق وتحت وفق مبدأ “وداوها بالتي كانت هي الداء”..! وباسم الوطنية قامت صروح إعلامية تعبث بنسيج المجتمع وتقتات على إهانة كرامات الناس لأن الكرامة، وفق القانون الكويتي، تتعارض ومبدأ الولاء للوطن..! 
في العام 1933 اعتلى النازيون بقيادة أدولف هتلر سدة الحكم في ألمانيا وقاموا بإذلال وطرد اليهود وفق مبدأ العنصرية والعرق والدم.. وتَوجت ميليشيات النازية هذه الحملات بمذابح الحرب العالمية الثانية و ما يسمى بالهولوكوست.. الشاهد أنه بعد 15 سنة من تنصيب هتلر (عام 1948 أو ما يسمى بعام النكبة) قامت دولة إسرائيل وهي ثاني أكبر دولة عنصرية عرفها التاريخ بعد ألمانيا النازية.. قامت كردة فعل لاضطهاد جنس اليهود في أوروبا.. الأمر الذي يدل، يا حكومتنا الرشيدة، على أن الإهانة العنصرية والطائفية ليس من شأنها إلا تكريس هذه العنصرية والطائفية وبطبيعة الحال فإن الطريق لإقامة دولة مدنية يسودها القانون وفق مبدأ المواطنة هو حتماً طريق آخر.. فضرب ولاءات الناس وانتماءاتهم ليس من شأنه إلا تعزيز هذه الولاءات..! وكما وضعها نيوتن في قانونه الثالث: “لكل فعل ردة فعل مساوية له في القوة ومضادة له في الاتجاه”
والله الموفق
Twitter: @omar_alessa