أقلامهم

عبداللطيف الدعيج : نعيش «القطيع الكويتي» في اوج ازدهاره

نحصد ما زرعنا

عبداللطيف الدعيج 
الآن بعد تقنين الفساد والواسطة والمحسوبية (قانون تخليص معاملات النواب)، وبعد قانون الحشمة، التقعيد المبكر للمرأة، إعادة توظيف المتقاعدين الكويتيين في الحكومة، تعديل المادة الثانية، قانون «قمع» المعاكسات، وقبلها جميعا تحريف القسم الدستوري لعضو مجلس الامة، بعد هذا كله، وهو البداية واول فتحة النفق المظلم. وعلى الطرف الآخر بعد إقرار نواب المقاطعة وشلة «الا الدستور»، بأن افضل تعامل مع الايداعات المليونية هو تشكيل لجان للتحقيق فيها، وهو اقتراح الكتلة الوطنية الذي عابوه وادانوا الكتلة بسببه، وبعد تصريحات المجموعة ذاتها بأنهم يؤيدون استجواب النائب عاشور «من حيث المبدأ»، وهو بالمناسبة ايضا موقف الكتلة الوطنية نفسه الذي سلطوا اعلامهم الطازج للسخرية منه. بعد كل هذا، وبعد اقرار الرئيس احمد السعدون بأن اقتحام المجلس خطأ، هل سيبقى بعض ربعنا يروج لـ«الشباب» ويمتدح تحركهم؟!
.. وهل مازال اقتحام مجلس الامة تحريرا.. والتعدي على القضاء ثوروية، وادانة الحكومة وبعض نواب الامة «المنتخبين» تصحيحا شعبيا لعبث السلطة، والانقلاب على اصول الحكم وقواعده وتجاوز الاحكام القضائية قضاء على الفساد والمفسدين؟. هل مازال من حق المحسوبين علينا، وطنيين وديموقراطيين، ان يواصلوا التمجيد في حركة «الشباب» وفي الربيع الكويتي المزعوم؟!.
من البداية انا قلت عنه، في الواقع عن كل الوضع  العربي، انه ليس إلا «قطيعا عربيا» وانتكاسة حضارية تعدت بغوغائية وعبث طفولي على كل مقومات النظام وقواعد الحكم. ادانةالنواب «القبيضة» بلا محاكمة جريمة كبرى رغم عدالتها الظاهرة ورغم حسن النية فيها، اتهام رئيس مجلس الوزراء «وحيدا» رغم احتمال بل وجود الكثير من «الدفيعة» الذين كانوا يعملون ضد اتجاهه او معه خطأ لا يغتفر، التستر على بقية «القبيضة» ممن لم ترد اسماؤهم انحياز واضح للفساد، خصوصا ان الزاعقين والناعقين هم من نجح في التستر على حساباتهم وتعمد التهرب من كشف الذمة. الاستجواب الحالي للنائب صالح عاشور يدعي فيه في المحور الاول البند الثاني ان «ما قامت به بعض البنوك انطوى على شبهة اساءة استعمال الصلاحيات حيث أحالت أسماء بصورة انتقائية»!.
الآن نحن نعيش «القطيع الكويتي» في اوج ازدهاره، والبركة والفضل لا يعودان الى مجاميع التخلف والانتهازيين ممن تنمروا في ظل التسيب والفساد السائد، ولكن ومع الاسف، يعودان للقوى الوطنية الديموقراطية التي سايرت الاوضاع الخاطئة وانجرفت خلف المغامرين وحتى الانتهازيين، منذ تجمع الاندلس والعقيلة وحتى التظاهرات القبلية الثأرية في ساحة الارادة.
ان إلغاء القيم والاصول الحضارية واصول الحكم والتمرد على ما ترسخ من قواعد ديموقراطية وقانونية، فتح الباب واسعا امام ما تم كنسه واكتساحه من قديم القيم لتدخل مجددا الى عقول الناس وقلوبهم، بوصفها مع الأسف «القاهر» للفساد والبديل للقبيضة والمفسدين. ان الانسان الكويتي، الذي وقع تحت تأثير حماس ساحة الارادة والعزف النشاز الذي مارسته القوى الوطنية قبله واثناءه، وجد البديل والنصير مع الأسف في كل معارض ومناهض للوطنية والديموقراطية. وربما تخلى الانسان الكويتي عن وطنيته ونظامه ومؤسساته بوصفها نظما ومؤسسات فاشلة تمت ادانتها والقفز عليها واقتحامها، بمباركة القوى الوطنية والديموقراطية وبدعم من «كل الناس»..
لقد ارتكبت المجاميع الوطنية الديموقراطية جريمة كبرى، إما بصمتها او بمساندتها ومباركتها وحتى مشاركتها في الزحف الحماسي الاخير، واليوم مطلوب من هذه المجاميع ادانة مواقفها السابقة وتقديم طروحات ومفاهيم جديدة للخط الوطني تتجاوز اخطاء واستسلام الأمس.