أقلامهم

خليل حيدر : الوسط الاكاديمي في حيص بيص … هل تستطيع الجامعة الصمود؟

هل تسلم الجامعة.. من هذا الزحف؟

خليل علي حيدر
الوسط الاكاديمي بجامعة الكويت والمؤسسات التعليمية العليا الاخرى في حيص بيص بسبب تقدم البعض ممن يجملون شهادات دكتوراه غير معترف بها، للعمل فيها.
الناطق الرسمي بجامعة الكويت الاستاذ «فيصل مقصيد» اشار في تصريح صحافي «ان هناك لوائح وقوانين لاتقبل المساومة ولاتخضع لاي ضغوط خارجية». واكد وجود لجان متابعة من قبل الاقسام العلمية في جامعة الكويت ، فضلاً عن متابعة مكتب نائب المدير العام للشؤون العلمية لمبتعثي جامعة الكويت.
ولكن الى كم تستطيع الجامعة الصمود وعدم تقديم التنازلات للفساد الاكاديمي الزاحف على البلاد؟.
د. ابراهيم الهاجري، استاذ الهندسة الميكانيكية في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي، حذر من ان اي تجاوز لشروط التعيين للمؤسسات الاكاديمية لمعدلات الدرجات العلمية والجامعات المعترف بها، يعد بداية انهيار للصرح الاكاديمي في اي دولة. ولفت الى ان هناك دولاً «لا تحظى جامعاتها بسمعة اكاديمية مرموقة، لذلك لايمكن القبول بمخرجاتها». وبعض هذه المخرجات هي التي يحذر منها د. عبدالرضا اسيري، عميد كلية العلوم الاجتماعية بقوله «إن من حملة شهادة الدكتوراه من يبغون الوجاهة الاجتماعية، وليس ايصال الرسالة العلمية للطلبة» (الجريدة 2012/3/4).
غير ان من الملاحظ عموماً ضعف مستوى الثقافة والمتابعة والانتاج العلمي لدى عدد كبير من حملة شهادة الدكتوراه في الكويت وبعض دول الخليج! ولاشك ان اساتذة الجامعات في البلدان العربية لا يأخذون الكثير من حملة شهادة الدكتوراه الكويتيين والخليجيين موضع الجد!
فحصان طروادة الخشبي، وربما احصنة كثيرة في الواقع، قد دخلت منذ فترة حرم الجامعة، بدليل ان حملة الشهادات هؤلاء لم ينهضوا بالحياة العلمية والثقافية، ولم نر اسماءهم على بعض المؤلفات والمترجمات الواسعة التداول، ولا ثقل لهم في الاوساط الاكاديمية المحلية والخليجية والعربية.
ولاتستطيع الدولة نفسها ان تفعل الكثير للقضاء على هذه الآفة، لان الكثير من كبار المسؤولين والوزراء يحملون «شهادات دكتوراه»، تضفي الهيبة والوقار على اسمائهم.. ولا يتعدى الامر هذا الزهو الرسمي!
شهادة الدكتوراه نفسها، تحولت من وثيقة نادرة تدل على التخصص والتبحر ورجاحة العقل والتوازن الفكري والقدرة على مناقشة مختلف الاتجاهات واستخدام المراجع واتقان اللغات، ووضع المؤلفات وكتابة الدراسات وترجمة أمهات الاعمال الادبية والعلمية.. وغير ذلك، تحولت الشهادة لدى البعض، البعض الكثير، الى «رخصة عمل»، يسهل استخراجها والويل لمن يعترض!
بل ان بعض الجامعات العربية، التي تتردد حتى عن الموافقة على توظيف اي دكتور كويتي او خليجي، ربما كانت دائرة الشبهات منذ فترة، لان طالب الدكتوراه ضمن أروقتها، يعيش نزهة سياحية مريحة وقبل حصوله على الشهادة.. بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف!
بعض الجامعات الاوروبية والامريكية كذلك، لها اكثر من يد وضلع في هذا الانحدار الاكاديمي فهي لاتشترط في الطالب الاجنبي، وبخاصة طلاب الخليج المتكدسين في جامعة او مدينة واحدة، نفس التعمق والاتقان لدى الطالب الغربي الاوروبي او الامريكي.
بل ان بعض هذه الجامعات تنشئ معاهد وملحقات خاصة لتخريج ابناء العالم الثالث، ممن نظنّهم خريجي هذه الجامعات الرفيعة.. ولكنهم في الواقع خريجي «بيت الجيران»!
الجامعات الدينية والشرعية في بعض بلدان الخليج وغيرها، تخرج اعداد كبيرة من «حملة الدكتواره»، دون ان تكون لهم ثقافة دينية انسانية واسعة ، ودون ان يتعملوا اي درس في التسامح والموضوعية والاعتدال، بل ان بعض هؤلاء يدخلون هذه المعاهد والجامعات معتدلين، فيتتلمذون على اساتذة متشددين، او يدرسون ضمن اطار فقهي واحد، ولايحتكون باي ثقافة فكرية او دينية متنوعة، فيتخرج بعضهم.. «كارثة اكاديمية»!
والمؤسف فوق هذا، ان الكثير من الدكاترة، حتى بعد ان يضمن الوظيفة الجامعية، لايحاول ان يسد الثغرات في معلوماته وتخصصه، ولا يتبحر في مجاله والثقافة عموماً او العلوم، بدليل عدم قيامهم بوضع البحوث والمؤلفات المتميزة، بعد اطروحتهم الجامعية.. ان كانت هذه نفسها دراسة متميزة!
وفي الوقت الذي نجد فيه الكثير من الاساتذة في الجامعات الغربية، من اعلام الثقافة والتخصص في مختلف المجالات، نجد الكثير من اساتذتنا يحرصون على الديوانيات والجمعيات التعاونية والمجالس البلدية والانتخابات!
نحن في اعتقادي بحاجة اليوم الى مؤسسة او موقع الكتروني لتقديم المعلومات الموضوعية عن كل من يحمل شهادة دكتوراه في الكويت! معلومات عن الجامعة التي درس فيها وسنوات دراسته وصورة من اطروحته وبحوثه وكل مايتعلق به كاستاذ او حامل للقب علمي.
وبهذا تتوفر لنا جهة محايدة تصدر «شهادة صحة شهادة»، ويرتفع الظلم عن الدكتور الكويتي الجاد المتمكن، الذي يحمل الشهادة عن جدارة.. لا الشهادة تحمله!