أقلامهم

مقال ساخن
حسن جوهر عن استجواب عاشور … الرئيس يستجوب الرئيس

المقال الساخن للدكتور حسن جوهر يأتي ليكشف الغطاء عما تحت الاستجواب وخلفه بعبارات واضحة وصريحة..

استجواب النمرة غلط! 

د. حسن عبدالله جوهر 
على نغمة حكومة تستجوب حكومة، ووزير يستجوب وزيراً، وشيخ يستجوب شيخاً، يبدو أن السيمفونية السياسية وصلت إلى درجة أن الرئيس يستجوب الرئيس!
فالاستجواب الجديد لرئيس مجلس الوزراء الحالي الشيخ جابر المبارك لا يُفهم منه سوى أنه من بقايا سمو الرئيس السابق، ولعله آخر محاولة لإثبات وجود أي نوع من الثقل السياسي والتأثير في القرار وحلم الرجوع إلى المنصب من جديد، فهو استجواب لا يمت إلى الواقعية أو المواءمة السياسية بأي صلة لا من حيث التوقيت، ولا من حيث التشاور والتنسيق النيابي، ولا حتى من حيث المسؤولية المباشرة للرئيس المستجوب.
فمحاور الاستجواب برمتها كانت سوابق خطيرة ومروّعة في عالم الفساد الإداري والمالي وسوء استغلال المنصب والتي كادت تعصف بقواعد الاستقرار الوطني والأمني للبلد برمته، بل الأكثر من ذلك فقد شهد مجلس الأمة السابق أكبر مساءلة سياسية بشأنها، وذلك في عهد سمو الشيخ ناصر المحمد كرئيس للوزراء، ومع ذلك فقد كان المشهد السياسي متمثلاً بالاستبسال والقتال حتى الرمق الأخير للرئيس السابق من مقدمي ومؤيدي الاستجواب الحالي.
ولم يتغير أي شيء في هذا المشهد سوى تغير شخص رئيس الوزراء نفسه، ولعل هذا هو السر الوحيد في تقديم استجواب مبكر للشيخ جابر المبارك لعل وعسى تختل مفاصل الحكومة الجديدة أو تترنح سياسياً أو حتى تسقط بسبب مفاجآت غير متوقعة، أو على أضعف الإيمان أن يستمر الجدل السياسي في الكويت بأنه لم يتغير شيء في مفهوم الحكومة برئيسها ونهجها وسياستها العامة وعلاقتها مع مجلس الأمة، ولتستمر مع ذلك تكتيكات خلط الأوراق وصراعات أبناء الأسرة دون السماح على الأقل لأي منهم، خصوصاً رئيس الوزراء الحالي، أن يفرض سيطرته الكاملة على إدارة شؤون البلد، وتظل الفرص مواتية للجميع في المستقبل المنظور مادام كل الشيوخ ضعافاً!
وشخصياً أتصور أن استجواب النائب صالح عاشور سيكون على عكس ما كان يتوقعه بصرف النظر عن أهدافه، ولن يكون موجهاً إلى الشيخ جابر المبارك، بل ستكون مساءلة من الوزن الثقيل وفي كل كلمة فيها، وإن كانت غيابياً، للشيخ ناصر المحمد، وهذا ما حرمت منه كتلة الأغلبية الحالية في المجلس السابق، وقد يكون النائب المستجوب نفسه من أكثر المتضررين لدرجة الإحراج السياسي بسببه، خصوصاً مع توقعاتي بأن هذا الاستجواب تحديداً سيناقش في موعده وفي جلسة علنية، الأمر الذي كان مستجوبو اليوم يدّعون أن البلد سيكون على كف عفريت، وندخل في نفق مظلم لو واجه الشيخ ناصر المحمد أي استجواب علني!
ولكن في كل الأحوال سيكون هذا الاستجواب تاريخياً بمعنى الكلمة وفرصة عمر لكشف الحقائق أمام الشعب الكويتي، ولفضح النواب القبيضة أخيراً، وقد تكون له تداعيات أكبر جسامة في ملاحقة الرئيس السابق حتى قضائياً.
أما في التصويت على ورقة عدم التعاون، ولو كان ذلك مستبعداً حتى الآن حيث لا يتوقع أن يحصل المستجوب على تواقيع عشرة نواب، فأتمنى أن تمتنع كتلة الأغلبية بالكامل حتى يكون ذلك بمنزلة طرح ثقة بالرئيس السابق لأن الاستجواب بكل بساطة هو “استجواب النمرة غلط”!