أقلامهم

أحمد الديين : ثمة أطراف إسلامية مستنيرة ؟ … هناك مسؤولية

حرف المعركة.. !

أحمد الديين 
 
لعلّي شخصيا شاركت في معظم فعاليات الحراك السياسي الذي شهدته الكويت خلال السنوات الثلاث الماضية، بدءا من حملة “ارحل.. نستحق الأفضل” في نهاية 2009 التي انطلقت من ساحة الإرادة، مرورا بتجمعات الأندلس والعقيلة بالإضافة إلى العديد من الندوات الحاشدة التي أقيمت في مناطق مختلفة من البلاد، وانتهاء بالتجمعات الشبابية التي شهدتها ساحات الصفاة والبلدية وقصر العدل؛ وما تلا بعضها من مسيرات… وأجزم بثقة تامة أنّه لم يسبق في أيٍّ من تلك التجمعات والندوات والمسيرات للحراك السياسي أن جرى رفع أي شعار أو طرح أي مطلب أو ترديد أي دعوة تتصل بتنقيح الدستور وفقا للشريعة الإسلامية، أو إصدار تشريعات تمس الحريات الشخصية… إذ كان الحراك موجها على نحو واضح ومباشر ضد النهج السلطوي والإفساد السياسي والعبث بالمال العام؛ ورفضا لملاحقة المعارضين؛ ومن أجل المطالبة بتحقيق إصلاحات سياسية.
ومن هنا، فإنّ ما أعلن بعض أعضاء مجلس الأمة المشارك تقديمهم اقتراحات لتنقيح المادة الثانية من الدستور وبعدها المادة التاسعة والسبعين في شأن الشريعة الإسلامية، وما جرى الإعلان عنه بتقديم اقتراح ما يسمى “قانون الحشمة” إنما هي محاولة صارخة لحرف مسارالمعركة الأساسية المتوافق عليها ضد الفساد ومن أجل الإصلاح السياسي نحو أمور خلافية لن تستفيد منها سوى مراكز النفوذ داخل السلطة، وضمنها قوى الفساد، التي لن يضيرها شيئا عندما يدور الصراع الجانبي داخل المجتمع الكويتي حول نوعية الملابس التي يجب ارتداؤها في الأماكن العامة؛ وأنماط السلوك والقيم الاجتماعية التي يجب أن تسود، ناهيك عن استثارة النعرات الطائفية، بما يؤدي إلى إعادة تشكيل الاصطفاف داخل المجتمع الكويتي وبين القوى الناشطة بعيدا عن مجال الصراع مع النهج السلطوي واستحقاقات الإصلاح السياسي.
وإزاء هذا، فإنّ هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الأطراف الإسلامية المستنيرة، إن كان ثمة أطراف إسلامية مستنيرة، وكذلك على الأطراف الوطنية الواعية، ولا أقصد غلاة الليبراليين، لتجاوز مثل هذا الصراع غير المجدي… بحيث تتصدى الأطراف الإسلامية المستنيرة لمثل هذه الدعوات والاقتراحات المتزمتة، وتحاول الاقتداء بالخطاب الإسلامي المستنير والمعاصر لحزبي العدالة والتنمية في تركيا والمغرب وحركة النهضة في تونس… أما الأطراف الوطنية الواعية فعليها ألا تتناسى في صراعها المستحق ضد دعوات المتزمتين واقتراحاتهم المرفوضة أنّ هناك معركة أساسية مستحقة أولا من أجل الإصلاح السياسي الديمقراطي وذلك في مواجهة النهج السلطوي وقوى الفساد… وغير هذا جهد ضائع وصراع فارغ!