أقلامهم

ضاري الشمالي :المعركة مع القانون خاسرة لا محالة في الضمير الوطني

«تصحيف» بلاغ المجلس

ضاري جاسم الشمالي
الأبعاد الرمزية والقانونية لما حدث من «تصحيف» وليس تصحيحاً لبلاغ المجلس السابق، تعتبر أخطر مما يعتقد بعض الذين يرون المسألة مجرد استغلال لقوة الأغلبية، انها عملية اعتداء صارخ على عقول الناس ومخالفة لما شاهدوه وسمعوه وعلى مدى أيام على شاشات التلفزة. 
ان فحوى الرسالة هي بصراحة: عليكم من الآن فصاعدا أن تفهموا الأمور كما نقدمها لكم وليس كما هي في الحقيقة، وعملية الإملاء هذه بالذات إذا نجحت فإنها ستستمر في قضايا أكبر بكثير.
يصدر هذا التزييف للحقائق من مؤسسة يفترض فيها أن تكون معقل الدفاع عن سلطة القانون، ومن مجموعة «إلا الدستور» وحلفائها الذين حملوا راية الدفاع عن القانون في وجه حكومات المحمد المتتابعة، بل وصلوا إلى المجلس بحملة ضد الفساد، فهل هذه البداية متناسبة مع تلك الحملة التي دفعت بالكويتيين إلى دعم المعارضة آملين تصويب المسار والشدة في مواجهة الانحرافات؟.
كان من الأجدر لهم وهم محصنون نيابيا أن يواجهوا الأمور بصراحة، وبرجولة المقتنع بما فعل أو المدافع عنه بصدق، والمضي إلى النهاية في تكريس حق الاحتجاج مع تحمل المسؤولية عن الانحراف في عملية الاحتجاج عندما وصل الأمر الى حد الاعتداء على المجلس والعبث بمحتويات القاعة الرئيسة.
وما لم يلتفت اليه السادة المصحفون أن مجلس الأمة هو اختصار رمزي للأمة يعني من مات ومن يعيش اليوم ومن سيأتي، وأن ما فعلوه كان سنة سيئة بحق الأمة التي يمثلونها ويزايدون على الآخرين في الدفاع عن مصالحها.
لم نكن نتوقع أن تسير الأمور بغير هذا المسار، لعلمنا بالخلفيات التي حركت وتحرك نواب الأغلبية اليوم، والقوة في المجلس ستفضح نقاط الضعف في خطاب وسلوك الاغلبية وستحول الأقلية الى ضحية لممارسات فجة وغير دستورية، لأن الأغلبية تعتقد ببساطة أنها فوق القانون وهاهي تحاول تكريس هذا الأمر عبر تصحيف بيان المجلس السابق.
فقدت الأغلبية حنكتها السياسية سريعا عندما شعرت بغرور القوة، فاصطدمت بسقف القانون والدستور وبقوة الحقيقة التي يمكنها أن تحطم أعتى السلطات، والمعركة مع الحقيقة والقانون خاسرة لا محالة إن لم يكن على مقاعد المجلس ففي الضمير الوطني الكويتي.