حادثة سكوب.. كشفت كل العورات!
منى العياف
أكتب اليوم بحروف يملأها الحزن الشديد، بسبب ما آلت إليه الأوضاع وظروف استقرار البلد.
أكتب وكنت في السابق أتباهى وسط المعارف والأصدقاء من أبناء الدول المختلفة، بأننا دولة نتراشق دائما فيما بيننا بطريقة حضارية عنوانها حرية الرأي، وحتى عندما مرت على الكويت فترة عصيبة أثناء انتقال مسند الإمارة إلى أميرنا الغالي، كنا نتباهى بأن خلافاتنا حلت في بيت الأمة، وان تراشقنا تحت القبة كان بمواد دستورنا.
أين نحن من تلك الأيام التي على الرغم من ضبابيتها آنذاك، إلا انها كانت سراجا منيرا لنا بأننا دولة مؤسسات، ونحتكم الى القانون؟!
أين نحن من هذا كله؟ هذا سؤال يتطلب عودة الى الجذور القريبة، عودة الى تلك الأيام التي شهدت وقفتنا ضد تيار «نبيها خمس» السيئ الذكر، والتي بسببها واجهنا اتهامات كثيرة، فقد كنا نتوقع ان يتحول المشهد السياسي الى ما يشبه «الكانتونات» في أسوأ عملية اصطفاف قبلي وطائفي وعنصري، فهذا هو ما وصلنا إليه اليوم بالفعل وتوقعناه بالأمس، واليوم الكويت تدفع الثمن وستظل تدفع بسبب القرارات غير المسؤولة التي تتخذها السلطة التشريعية والتي بسببها سيستمر نزيف الوطن.
مؤسف ان يأتي يوم تتبدل فيه الأحوال على هذا النحو، فبعد ان كنا نتراشق بمواد الدستور وبحرية التعبير التي يحدد سقفها القانون، اليوم أصبح التراشق بالأيدي، الحدث الأقرب هو اقتحام قناة «سكوب» وقبله كان اقتحام تلفزيون الوطن، وقبله المقر الانتخابي للجويهل، كله من شباب تملأه العصبية القبلية لأنهم يرون ان اقتحام مجلس الأمة كان بطولة وعزة.
وهذا التحول يؤكد ان الشباب قد أخذوا قدوتهم من النواب الذين يتبادلون الضرب والسباب داخل مجلس الأمة وخارجه، ولم يكتفوا باستخدام العنف اللفظي على الكبير قبل الصغير، ما يدفعنا لنسأل بإلحاح اليوم عمن هو المسؤول حقا.
هل القنوات التلفزيونية التي تعكس واقعنا المؤلم هي المسؤولة؟ أم ان النواب الذين استخدموا الديموقراطية في الوصول الى المجلس والى سدة التشريع واعتلاء منصات التصريحات، ثم كشفوا عن عدم إيمانهم بالديموقراطية فضلا عن ضيقهم بالرأي الآخر وتطاولهم على جميع القيم المجتمعية والأعراف والقوانين، هم من أوصلونا إلى ما نحن فيه؟
لقد كشفت حادثة «سكوب» الأخيرة «عورة» سعة الصدر لدى كل الأطراف، كما كشفت عن ضعف الحكومة التي لا تقرأ الساحة بالطريقة الصحيحة ولا تقف بحيادية ولكن دائما تتعامل كردود فعل وكشف ايضا ان «السياسة» أصبحت كالثعبان، مهنة للجميع، من المحامي إلى مأمور الجمارك إلى حديثي التجنيس، ومن الشيخ ابن الأسرة الى شيخ القبيلة.
يا سادة.. ليس لنا الا الدستور والقانون نحتكم إليهما، ولا شيء غيرهما يمكن ان يخرجنا من هذا المنزلق لأن النار والضرر لن يطولانا فقط نحن الأغلبية الصامتة الباكية على هذا البلد، وانما أنتم يا أصحاب الحناجر العالية، أنتم ومن حولكم، فرفقا بالكويت، ورفقا بالوطن!
.. والعبرة لمن يتعظ!
أضف تعليق