إعلام اليوم… والتفكير المسُتعمل !!
فهد توفيق الهندال
على مدى أكثر من 15 عاما منذ بدأنا الكتابة الصحافية، ونحن لا نمل تناول دور وأهمية الإعلام الكويتي بمختلف وسائله في تشكيل الوعي المسؤول للمجتمع المعاصر في ظل مستجدات الأحداث وتحديات التكنولوجيا المتطورة والمفاهيم الإعلامية الجديدة التي باتت تهدد كيانات أجهزة الإعلام التقليدية التي لا تتحمل ضغوطات وضروريات التحديث المفترضة، والتي تساهم في تأسيس فكر مختلف تماما عما كان سائدا، وذلك في ظل عولمة المعلومات بما تقدمه من مصادر بديلة بعيدة عن مقص رقابة الدولة الأبوية وتكسر أغلال التحجر المتزمت وغيره المتسلق على حساب مهنية وعلمية العمل الإعلامي.
في ظل حركة الاحتجاجات العربية التي أكلمت جميعها عامها الأول على انطلاقتها، برزت خطورة الدور الإعلامي- لاسيما الخاص في إدارة دفة الحدث سواء بتسليط عدسة مكبرة على الحدث المهم والأقرب مصلحة وانسجاما أو أخرى مصغّرة لغيره غير المهم والأبعد فائدة وقيمة مع توجه وسياسة كل وسيلة إعلام على حدة. ولعل دخول الإعلام الشعبي المتمثل بمواقع التواصل الاجتماعي إلى دائرة التنافس الإعلامي مع الخدمات الإخبارية عبر SMS ضاعف من ضغط الحراك وانفلات زمام التحكم عن بعد وقرب معا بمجريات الأحداث وتطوراتها.
والإعلام الكويتي بكل مؤسساته لا يزال هدف الكثير من الاتجاهات السياسية لكونه أكثر الملفات صداعا في جانب المساءلة السياسية، وصراعا على مستوى النفوذ المتطلع إليه كل تيـار. وقد يكون الأكثر انشغالا بما تشهده الساحة العربية من متغيرات كبرى، إلا أنه الأقل اشتغالا على الساحة المحلية وما تشهده من تحولات سريعة في تنامي خطاب الكراهية الذي يهدد كيان واستقرار المجتمع الكويتي.
من هنا، يأتي الدور المطلوب في إزاحة الكم الهائل من الإرث الثقيل من الوصاية المفروضة التي تركها المشرعون والمسؤولون السابقون تتراكم على كاهل المؤسسة الإعلامية، ففقدت بريقها الرائد في المنطقة وحضورها المنافس، لتتحوّل إلى مجرد ردة فعل وليس الفعل ذاته، إضافة للملفات العالقة التي تحتاج لقرارات حاسمة تعيد النظر في الوضع القائم للإعلام الكويتي وإزالة الترهل النمطي والمسُتعمل منذ عقود لم يعد حضورها مناسبا لمتطلبات العصر وتحدياته، وهذا لن يتحقق إلا بإعادة آلية التفكير والتخطيط والانتاج، وتحديد التوصيف المهني الإعلامي بحسب معطيات الخبرة والتخصص العلمي وتحقيق مبدأ المساواة في إتاحة الفرص للجميع، وعليه ستتشكل الرؤى الجديدة، وترتسم ملامح الأهداف المفترضة، ونوعية السياسة الموجّهة والوسائل المطلوبة لإعادة الاعتبار للدور الإعلامي وحضوره الواعي في توعية المجتمع وحماية حقوقه وتدعيم جوانب واجباته، لتستقيم ثانية كفتا ميزان المواطنة المسؤولة.
فاصلة أخيرة
أمام الإعلام الكويتي فرصة كبيرة لتقييم مسيرته الممتدة لأكثر من ستين عاما، والإقدام على قرارات أكثر جرأة وتغييرا لمساره الحالي لما قد يكون منافسا ومتجاوزا ورائدا ثانيا في المنطقة، وهذا يعني أن زمن التفكير المستعمل بات منتهي الصلاحية إن لم يكن قد انتهى منذ عقود أصلا!!!
والعاقبة لمن يعقل ويتدبر
أضف تعليق