أقلامهم

حسن جوهر وزوبعة العناد السياسي … لإثبات الوجود والقوة

نهضة الإسلاميين!

د. حسن عبدالله جوهر


بغض النظر عن نتيجة الزوبعة الأخيرة، إلا أنها عكست مرة أخرى هشاشة الوضع السياسي واستقطاباته الحادة، وكيف يمكن لأي مجموعة ولو صغيرة أن تربك الوضع العام وتوتر أعصاب الناس بلا داعٍ رغم درايتهم الكاملة بعدم جدوى مثل هذه الحركات و«الحركشات».

أنهى «ملتقى النهضة» أعماله التي لم تخرج عن إطار سلسلة من المحاضرات الفكرية والثقافية في أجواء مفتوحة وعلنية بكل سلام وهدوء، بل كما أشار الدكتور غانم النجار دون حتى أن يزداد الكفار كافراً جديداً!
فلماذا إذن كانت تلك العاصفة الهوجاء وكأن البلد على كف عفريت والتهديدات تلاحق الحكومة يميناً ويساراً، سواء في حال انعقاد هذا المؤتمر أو في حال منعه؟
المشكلة في رأيي لا تخرج عن إطار العناد السياسي والتهويل والتطبيل لإثبات الوجود والقوة والتأثير في القرار السياسي، فمجموعة النواب ممن تصدوا وحمّروا العين وهددوا باستجواب وزير الداخلية يبدو أنهم يعيشون وهم الانتصار ويحسبون أن الساحة السياسية أصبحت ملكاً لهم يتحكمون بها متى شاؤوا وكيفما أرادوا، وذلك نتيجة للحراك السياسي القوي الذي أسقط الحكومة ورئيسها وزاد عدد كتلة المعارضة في الانتخابات الأخيرة، وفي المقابل استغلت «جمعية الخريجين» هذا الموقف واحتضنت جماعة «النهضة» ذات الميول الإسلامية نكاية في بعض الإسلاميين المتشددين، ومحاولة لتسجيل انتصار سياسي إعلامي كان غائباً منذ فترة عن ساحة الليبراليين، ونجحوا بالفعل في ذلك وسجلوا موقفاً مبدئياً للدفاع عن حرية الرأي والتعبير.
وبغض النظر عن نتيجة هذه الزوبعة الأخيرة، إلا أنها عكست مرة أخرى هشاشة الوضع السياسي واستقطاباته الحادة، وكيف يمكن لأي مجموعة ولو صغيرة أن تربك الوضع العام وتوتر أعصاب الناس بلا داعٍ رغم درايتهم الكاملة بعدم جدوى مثل هذه الحركات و«الحركشات»، ولكن من أجل ضرب فئة أخرى سياسياً لا مانع لديهم من إشغال الرأي العام برمته في صراعاتهم الجانبية والهامشية، ولكن يبقى الجمهور هو المشكلة، فالفضول الكويتي بالتزامن مع سرعة نقل المعلومة على مدار الثانية هو الذي يضفي على مثل هذه الأحداث هذا النوع من التفاعل الساخن!
ونصيحة لبعض المتشددين من التيارات الدينية والفكر الضيق أن يستفيدوا من تجربة «جمعية النهضة»، والتي بالمناسبة جميع منتسبيها من أصحاب الفكر السياسي الإسلامي، وبعد تجربة طويلة اختارت نهج الحوار والانفتاح على الآخرين، خصوصاً فيما يتعلق بالحوار السنّي الشيعي، وشخصياً أعرف بعض الأسماء من الطرفين في هذه الجمعية ممن كانوا يحملون فكراً مشابهاً وربما أشد من أولئك النواب والشخصيات التي استماتت لإلغاء الندوة، لكنهم اليوم يتشاركون في حمل مهمة ثقافية وفكرية وسياسية جميلة جداً، فحافظوا على تشددهم في محاربة الفساد السياسي والأنظمة القمعية وانصهروا بروح متسامحة وقبول الآخر من أجل استكمال هذه المسيرة.
ولهذا جاءت الصدمة المدوية لمعارضي «ندوة النهضة» ليس على مستوى الليبراليين إنما من الإسلاميين بمشاربهم المختلفة، ولهذا أيضاً نأمل أن تكون تجربة «النهضة» كفكر وممارسة وسلوك مفيدة لانتشال البلد من «مستنقع» الاصطفاف والتخندق الأعمى الذي يُجمع الكل أنه كم كان كريهاً ومقيتاً خلال الفترة الراهنة!