قبل الحديث عن جلسة الغد، التي ستشهد للمرة الأولى في تاريخ الديمقراطية الكويتية، صعود رئيس الوزراء منصة الاستجواب في جلسة علنية، يطلع على تفاصيلها الجميع داخل الكويت وخارجها، وهو المطلب الذي كان حلما للشعب في المجلس السابق، يجب الاشارة الى نتائج انتخابات مجلس الأمة 2012، التي كان بطلها بالدرجة الأولى الشعب الكويتي، بعد أن أوصل أغلبية من النواب الذين لا يخشون في الحق لومة لائم، ولا ناقة لهم ولا جمل من المقعد سوى مصلحة المواطن الكويتي البسيط، والتي كانت أبرز ثمارها عودة رئاسة مجلس الأمة الى الشعب.
ان الأغلبية النيابية ورغم موقفهم من مقدم الاستجواب، الا أنها أبت الا أن تمكن النائب من استخدام حقه الدستوري، عبر صعود المنصة في جلسة علنية، رغم أن استجوابه “ميت” قبل مناقشته، وان كان سمو الشيخ جابر المبارك يحسب له أنه اعلن مسبقا عزمه مواجهة الاستجواب في جلسة علنيه، الا أن هذا هو خياره الوحيد، حيث أن طلبه مناقشة الجلسة السرية، كان سيقابل بالرفض.
لماذا استجواب عاشور ولد ميتاً؟ لأن الأغلبية بغض النظر عن مدى استحقاق الاستجواب من عدمه لن تقف مع نائب متهم بالأساس في أحد محاوره، حيث أنه من ضمن النواب التي أحيلت حساباتهم الى النيابة العامة، فضلاً عن مواقفه السابقة، التي يعتبرها أعضاء الأغلبية مخزيه، من وقوفه مع كل الاستجوابات التي قدمت لحكومات سمو الشيخ ناصر “رئيسا ووزراء”، اضافة الى تصريحه الشهير، عندما قال عن استجواب النواب عبدالرحمن العنجري ومسلم البراك وفيصل المسلم بشأن الايداعات المليونية والتحويلات الخارجية بأنه غير دستوري، على اعتبار أن المسؤول عن الايداعات هو وزير المالية، بينما المسؤول عن التحويلات الخارجية هو وزير الخارجية، ناصحا الحكومة بطلب شطب الاستجواب، ومعلنا تأييده لذلك، وهو ما سيحول جلسة الغد من استجواب عاشور لرئيس الوزراء الى استجواب النواب لعاشور عن سبب تغير موقفه 180 درجة.
برأي العديد من النواب، فإن عاشور قدم استجوابا “هش” من خمسة محاور، (وقد يكون قويا لو قدم من نائب اخر)، للاسباب الموضحه أعلاه، اضافة الى أن الحكومة قطعت الطريق عليه، من خلال احالة برنامج عملها الى المجلس بالأمس، اضافة الى كسبها الأغلبية النيابية من خلال السياسات التي اتبعتها منذ الجلسة الافتتاحية وحتى تاريخه، بداية من عدم تدخلها في انتخابات هيئة المجلس، ووقوفها على مسافة واحدة من جميع المرشحين، مرورا بتأييدها لكل الطلبات الخاصة بتشكيل لجان التحقيق وتعاونها الكامل مع المجلس في اقرار “أولويات الأغلبية”، وصولا الى موقفها الجديد في جلسة اليوم والذي أعلنت فيه موافقتها على أي طلب خاص برفع الحصانة عن أي عضو من أجل تمكين القضاء من القيام بدوره، وهو ما يختلف عن نهج الحكومات السابقة التي كانت تحمي النواب المحسوبين عليها في مثل هذه الطلبات، بعكس موقفها من المعارضة.
لذا، فإن النتيجة المتوقعة هو الاكتفاء بالمناقشة، حيث زاد “الطين بله” كما يقال الاستجواب المفاجىء الذي قدمه النائب حسين القلاف لوزير الاعلام اليوم، والذي يكشف عن نهج الأقلية الرامي الى تحقيق عدم الاستقرار، بهدف تفويت فرصة الانجاز على الأغلبية، حيث “لن يستطيع عاشور بأي حال من الأحوال جمع عشرة تواقيع، لتقديم كتاب عدم امكانية تعاون مع سمو رئيس الوزراء”، فرئيس الوزراء معروف بانه لم يكن متهما بقضية الايداعات أو التحويلات، وأغلبية محاوره يساءل عنها رئيس الحكومة السابقة، الا أنه في المقابل يبقى التحدي الأكبر أمام سموه في جلسة الغد، هو أن يكون على ثقة عالية في تفنيد الاستجواب من ثبات وعلو في الصوت.
فحتى البيت الشيعي منقسم بشأن الموقف من استجوابه، فالنائب أحمد لاري غير مؤيد بالمرة لاستجواب عاشور، وحتى ان أيده النواب الشيعة السبعة، فإن مشكلة عاشور ستكون في الرقم عشرة، فاذا وقف معهم الجويهل والفضل، سيقف الرقم عند تسعة، لذا فإن الرقم عشرة هو مفتاح “فشل” استجواب عاشور المبكر.
على كل، فإن جلسة الغد تشهد أول جلسة علنية تناقش استجواب لرئيس الوزراء في الكويت، كذلك أول مرة يقف فيها عاشور في المقابل مستجوبا، وأول مرة سيحصل فيه عضو في الحكومة وهو رئيس الوزراء على ثقة الأغلبية مرة أخرى، فهي من سيكون لها الفضل في نجاحه وتجديد الثقة به، وسيصبح سموه مدينا لها، وعليه مسؤولية تسديد الفواتير، ليس الفواتير التي كان يسددها سمو الشيخ ناصر المحمد، من تعيينات وترضيات بمختلف أشكالها، وانما الفواتير التي تريدها كتلة الاغلبية وهي اصلاح ما خلفته الحكومات السابقة من فساد
أضف تعليق