أقلامهم

محمد الدوسري: قمة تحت حراب الإيرانيين…واحتلال أميركي

قمة تحت حراب الإيرانيين

محمد مساعد الدوسري
من سخريات الأوضاع الإقليمية، أن تعقد قمة عربية في دولة مازالت خاضعة لاحتلال أميركي بحكم القانون الدولي، وخاضعة تحت احتلال إيراني بحكم الواقع، وهو الأمر الذي يوضح ما وصلت إليه أوضاع الدول العربية وأنظمتها العاجزة عن إدارة شؤونها بمعزل عن القوى العظمى والإقليمية في المنطقة، وهذا أمر إن تم السكوت عنه وتجاوزه سيعتبر سبة في جبين الأمة العربية إلى يوم الدين.
إن السكوت عن هذه الأوضاع ناتج في الأصل عن تناسي الدور الطليعي للعرب كأمة سيادة في العالم، واكتفاء أنظمة الدول العربية بالعيش في ظل الدول العظمى وتحقيق رغباتها وأوامرها المعتادة، خوفا على العروش والكراسي التي تساقط بعضها في العام الماضي بعد الربيع العربي الذي أعاد شيئا من الكرامة للأمة، وهو ما لم تستوعبه الأنظمة الأخرى التي لا تزال خاضعة لموازين القوى العالمية والإقليمية بلا أي مقاومة لذلك.
البدء في تحرير الإنسان العربي يكون من خلال إعادة ترتيبه اجتماعيا ونفسيا على حقيقته التي تخلى عنها مكرها، وهي أنه أي العربي خُلق سيدا لا تابعا، وذلك بعد نزول رسالة الدين الإسلامي على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ومن ثم الاستماع لمطالب الشعوب التي يبدو أنها تفكر بطريقة جمعية أفضل بكثير من الأنظمة الحاكمة له، وبشكل واضح لا يقبل التشكيك أو المبالغة.
لعل الدعوات التي تطلقها الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج، بتسليح الجيش السوري الحر، أقول لعل هذه الدعوات هي أصدق دليل على وعي الأمة للمخاطر التي تحيق بها، وأهمية الإقليم السوري للأمة في وجه المخطط الذي تبنته القيادة الفارسية في المنطقة، وهو مطلب يسير لا يكلف شيئا مع التضخم الكبير للثروات في السنين الأخيرة داخل خزائن بعض الدول العربية، ولعل مطالبات العرب بإعادة حقوق الأمة في الأراضي المحتلة في الأحواز وجزر الإمارات، دليل وعي لأهمية دفع الخطر بمحاربته لا بتجاهله كما يجري الآن.
أن تعقد قمة تحت حراب الإيرانيين في بغداد، هي إهانة لا يمكن للضمير العربي أن يتقبلها، ولا يمكن توقعها بعد انتهاء الاحتلال الفارسي لأرض الرافدين منذ 14 قرنا مضت، وهو ما تريد بلاد فارس إعادة إنتاجه بحلة جديدة، والرضى بأن تتم هذه القمة تحت الاحتلال الفارسي والمشاركة بها هو انتقاص لفكرة سيادة الأمة العربية، فهل يعي القادة والحكام هذا الأمر، أم أن فكرة السيادة لا تشغل بالهم كثيرا؟.